وان مور: واحدة من مكتبات ليبيريا القليلة حيث يقرأ الأطفال عن أنفسهم

الثالث 16 فبراير 2016


كتب برو كلارك هذا المقال لموقع The World ونُشر في الأصل على موقع PRI.org في الثلاثين من يناير/كانون الثاني 2015، ويُعاد نشره هنا كجزء من اتفاقية مشاركة المحتوى.

تعدّ مكتبة وان مور التي تشغل واجهة متجر صغير في أحد أحياء وسط مدينة مونروفيا المزدحمة سابقة من مختلف النواحي؛ فمن بين متاجر بيع الكتب المطبوعة هي الوحيدة التي تفعل ذلك خصيصًا وفقط لمتعة القراءة، كما يصرّ مالكوها على نشر الكتب الموجّهة إلى أطفال ليبيريا فحسب بما يجعل من المكتبة مكانًا نادرًا حيث بإمكان الصغار الاستماع إلى قراءة قصة تخبرهم شيئاً عن أنفسهم للمتعة الخالصة.

بالنسبة لأمّة فقيرة منكوبة بالحرب، والفقر، وأخيرًا الإيبولا، القراءة ليست أمرًا تفعله للمتعة بشكلٍ عام. يقرأ الأطفال فقط عندما يُطلب منهم ذلك في المدارس بالرغم من أن ليبيريا لا تزال واحدة من أعلى بلدان العالم تصنيفًا في نسبة الأميّة.

سيتغيّر كل ذلك عندما تجد مالكة مكتبة وان مور طريقها إلى هناك. واييتو مور ذات الثلاثين عامًا، كاتبة نشأت في بروكلن بعدما نزحت مع عائلتها من ليبيريا في عمر الخامسة. افتتحت هذه المكتبة العام الماضي وهي تواصل نشر كتبًا لأطفال ليبيريا منذ عام 2011.

كما في أي بلد فقير، كلّ ما يحظى به معظم الصغار هنا هو فرصة لقراءة الكتب التي تبرّع بها الغرب. “هذه الكتب عن بوبي الذي يلعب البيسبول أو سيندي العالقة بالسيارة في طريق مسدود، أو عن البيتزا وأمور أخرى لا يمكن لحياة الطفل الليبيري اليومية أن تتصلّ بها” تقول مور.

وتضيف ” ترسم هذه الكتب كذلك صورة مثالية عن الثقافات الأجنبية وتجعلها تبدو أكثر صلاحيةً من تلك الخاصة بالطفل. كلّ ذلك يجعل فهم القراءة أصعب. لو أنّ الطفل يستوعب المبدأ إذن ستكون مشكلة تعلّم القراءة فحسب، بينما لو لم يستوعبه سيتضاعف تحدّي تعلّم القراءة إلى فهم الغريب المشار إليه في المحتوى.”

قرّرت مور إذن مع شقيقتيّها وياندي، وهي كاتبة أيضًا، وكولا، وهي فنانة، أن يتفرغنّ لتغيير ذلك. كتبنّ J is For Jollof Rice: أول كتاب على الإطلاق موجّه إلى أطفال ليبيريا ثمّ توالت الكتب من كتّاب ليبيريّين ومن شقيقهنّ أوغستوس. ثمّ تعاونت دار النشر One Moore Book مع الكاتب الهاييتيّ الأمريكيّ إدويدج دانتيكات لإنتاج سلسلة كاملة، وهم الآن بصدد إنتاج كتب للبرازيل وغينيا إلى جانب سلسلة خامسة ستصدر في غانا لاحقاً هذا العام.

“تحظى الكتب بتأثير قوي” تؤكّد خبيرة التعليم ماماوا فريمان مور. “ستلحظ ذلك في تفاعل الصغار معها. تلك هي الأشياء التي تثير اهتمامهم وتحثّهم على القراءة.” تضيف.

باعتبارها أستاذة في جامعة ليبيريا ماماوا مؤهلة تمامًا لتقييم تأثير هذه الكتب، لكن دورها أكبر من ذلك في إنتاج الكتب أصلًا كونها والدة واييتو.

مهمة إنقاذ:

في 1989 كانت ماماوا مور معلّمة وأمّ لثلاث فتيات صغيرات في ليبيريا. فازت بمنحة فولبرايت المرموقة لدراسة التعليم في جامعة كولومبيا ورأت عائلتها أنه من الضروري أن تكمل مسيرتها. ودّعت ماماوا أطفالها وزوجها لتذهب إلى نيويورك غافلةً عن البلاء الذي كان على وشك النزول ببلدها.

في غضون أشهر بدأ تشارلز تايلور، الذي أصبح فيما بعد أول رئيس دولة سابق مدان بارتكاب جرائم حرب من قبل محكمة جنائية دولية، عهدًا من الإرهاب تسبّب بمقتل مئتين وخمسين ألف شخص. فرّ والد واييتو من العاصمة حاملًا بناته على ظهره. هاموا لأسابيع مختبئين في الغابة يأكلون ما استطاعوا إيجاده حتى احتموا بقرية صغيرة.

في نيويورك لم تسمع ماماوا من عائلاتها أي خبر. انقطعت الخطوط الأرضية وشبكات الهواتف المحمولة والإنترنت. “الأخبار الوحيدة التي وصلتني عن عائلتي كانت تلك المذاعة على CNN” تحكي. امتلأت هذه التقارير بالوحشية والأطفال المجنّدين، وفوق كل ذلك كانت ماماوا حاملًا على وشك أن تضع طفلًا في نيويورك وهي لا تعلم بعد أن كان أفراد عائلتها أحياء أم أموات.

بعد ولادة الطفل علمت أن عليها الذهاب للبحث عنهم. استقلّت الطائرة إلى سيراليون المجاورة وعلى الحدود وجدت امرأة محاربة كانت تعرف عائلتها ومستعدة لفعل أي شيء لجلبهم إلى أمريكا.

لا يزال استحضار تلك اللحظة يملأ عينيّ ماماوا بالدموع. “بعد أسبوع تقريبًا تمكّنت من إحضار عائلتي. كان يومًا مترعًا بالسعادة لن أنساه أبدًا.” تحكي.

كانت واييتو بعمر الخامسة وقت النزوح. استقرت العائلة في مدينة هيوستون أخيرًا لكن الصدمة جعلت من واييتو طفلة خجولة تعاني من الكوابيس باستمرار؛ فحثّت ماماوا أطفالها على ممارسة الفن آملةً أن يمنحهم بعض السكينة.

الكلمات ملاذًا:

“كنت أقرأ ثمّ أكتب ثمّ أقرأ ثمّ أكتب، وساعدني ذلك على الشفاء. ساعدني أن أجد صوتي.” تحكي واييتو

تريد واييتو أن يحظى أطفال ليبيريا بالفرصة نفسها التي حظيت بها للشفاء. يسيطر عليها شعورٌ بالواجب بينما تشاهد الأطفال يقرأون في المكتبة. تعرف فتيات يضطررنّ إلى مغادرة المدرسة يوميًا لبيع أكياس المياه ولا يمكنهن العودة إلى المنزل قبل أن تباع جميعًا. فتيات كهؤلاء ليس لديهن الوقت لإنهاء الواجب المدرسي و واييتو تتفهّم ذلك.

“كان ممكنًا أن أكون تلك المرأة التي ترسل ابنتها بعد المدرسة للبيع من أجل الحصول على ما يكفى من المال.” تقول بينما تقاوم الغصّة. “كنت لأتمنى لو يهتم أحدهم بما يكفي ليعود ويمنحها ما تستحقه.”

مصادر

عدل