وفاة أحد أكثر الرجال شهرةً بإثيوبيا في العزلة

الجمعة 16 يونيو 2017


توفي أسيفا تشابو، وهو كاتب جسّد توهج الحركة السياسية في إثيوبيا أثناء السبعينات والقمع الذي أعقبها، في المنفى يوم 23 نيسان/أبريل عن سن ناهز 73 سنة.

ورغم أنه عاش حياة عامة، إلا أنه كان وحيدًا، حيث قال أحد أصدقائه أن آخر مرة تحدثا فيها عبر الهاتف كانت قبل أسبوعين من وفاته. في 20 نيسان/أبريل، قامت بيرتوكان ميديكسا، وهي كاتبة و سياسية إثيوبية منفية من معارفه، بإخبار أصدقاء لهم بأنه لم يتصل بها منذ فترة، و لم يجب على الهاتف حين اتصلت به.

وكان آخر منشور له بصفحته على فيسبوك، حيث ينشر عادة تعليقاته، في 3 نيسان/أبريل.

اتصلت بيرتوكان بالسيد أسيفا دون توقف، حيث أنها كانت تشعر بالقلق إزاء الانقطاع في روتينه. استمر هاتفه في الرنين دون جواب، و استمرت هي الأخيرة في اتصالاتها الحريصة، إلى أن اتصلت ممرضة كانت تعتني به، مخبرة إياها أن السيد أسيفا يتواجد بقسم العناية المركزة بمستشفى باركلاند في دالاس، بولاية تكساس. كما أفادت تقارير على أنه دخل بنفسه إلى المستشفى من أجل حالة مرضية غير محددة.

تم الإعلان عن وفاته عبر فيسبوك من طرف صديقه يارد تيبيبو.

تخرج أسيفا من جامعة أديس أبابا. وكان يحظى باحترام كبير من طرف معاصريه ككاتب وكعضو في جيل الستينات من الثوريين الإثيوبيين الذين بدأوا الكفاح من أجل التحرر من القمع السياسي.

أثناء الثمانينات، وخلال فترة الحكم العسكري لمنجيستو هيلماريام، اعتقل أسيفا بسبب كتاباته وأمضى 12 سنة مروعة كمعتقل سياسي في زنزانات أديس أبابا.

أطلق سراحه سنة 1991 بعد انتصار النظام السياسي الحالي في الحرب الأهلية. عمل بعد ذلك لفترة وجيزة في الحكومة الأثيوبية المؤقتة، إلا أن علاقته مع السلطة الجديدة توترت بسرعة. هاجر من إثيوبيا سنة 1993، ليعيش بعد ذلك لأكثر من عقدين في الولايات المتحدة الأمريكية.

كان أسيفا، وهو أب لأربعة أبناء، محاميًا شهيرًا بغريزته السياسية وكتاباته التي كانت مصدر إلهام للأجيال الشابة، غير أنه عانى وحيدًا في سنواته الأخيرة بالمنفى.

لاقت ظروف وفاته تعاطفًا وتوقيرًا كبيرين بين أفراد الجالية الإثيوبية في المهجر، مع أنه ليس أول كاتب إثيوبي يتوفى بأرض المنفى.

فمنذ اندلاع الثورة الإثيوبية سنة 1974، فقدت إثيوبيا العديد من الشخصيات المعروفة التي كرست حياتها من أجل الخدمة العامة بالمنفى. فقد توفي تسيغاي جيبر-مدهين، الشاعر والمترجم والكاتب المعروف سنة 2006 بعد أن انتقل من إثيوبيا إلى نيويورك سنة 1998. كما توفي الفنان جيبر كريستوس ديستا، الملقب بأب الفن الإثيوبي الحديث في لوتون، بولاية أوكلاهوما، حيث أُجبر على مغادرة وطنه في عام 1978، إلى كينيا أولا، ثم إلى ألمانيا، ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث مُنح اللجوء، لكنه توفي لاحقًا سنة 1981.

توفي مولجيتا لول، أحد أهم الصحفيين في إثيوبيا، بمنفاه في واشنطن العاصمة سنة 2015. كما عانى تسفاي ليما، أشهر الموسيقيين الإثيوبيين، مصيرًا مماثلًا. فقد تم نفيه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام بتأسيس المركز الثقافي الإثيوبي بواشنطن العاصمة قبل وفاته.

هذه بضعة أمثلة فقط، فقد أرغم العديد من الإثيوبيين الذين أخذوا الجانب الخاسر من الصراعات السياسية للبلد إلى العيش والموت في المنفى.

لعب أسيفا دورًا بارزًا خلال وبعد الحركة الطلابية الإثيوبية بفترة السبعينات؛ من خلال كتاباته وأيضا بتنظيمه لمختلف الجماعات السياسة. عاش حياة انعزالية بعد أن اضطر لمغادرة إثيوبيا لكنه تواصل بانتظام مع الصحف داخل البلد. كتب عن ما اسماه “إثيوبيا – وطننا المشترك” بهاجس الكاتب المنفي عن وطنه.

في سنة 2016، قام بنشر مختارات من مقالاته. قام أيضا بكتابة عدة رسائل مفتوحة للحكومة الإثيوبية، كما قام بالتعبير عن مساندته للأنصار عبر فيسبوك أثناء المظاهرات الأخيرة في إثيوبيا.

يقول أصدقاء أسيفا أنه كان يتمنى دومًا العودة إلى ملاعب طفولته بقريته شينشا في جنوب إثيوبيا. لذلك قام أصدقاؤه الذين علموا بوفاته بالإضافة إلى أفراد من الجالية الإثيوبية بدالاس بتأسيس صفحة على موقع gofund me لجمع التبرعات من أجل إرسال جثمانه إلى مثواه الأخير.

قد يجد المرء في وفاة أسيفا تعبيرًا حقيقيًا عن حزن المنفى، و هو أمر شخصي للغاية وسياسي.

مصادر

عدل