أحمد أبو غوش: الأردني الحاصل على الميدالية الذهبية ومحو الهوية الفلسطينية
الأربعاء 24 أغسطس 2016
الأردن على ويكي الأخبار
- 18 يناير 2024: الطراونة: الملك أكد أن الأردن لن يكون وطنا بديلا للفلسطينيين
- 18 يناير 2024: مجلس النواب الأردني يصوت على طرد السفير الإسرائيلي
- 7 أغسطس 2021: اليونيسكو تصنف السلط في وسط الأردن ضمن مواقع التراث العالمي.
- 4 أبريل 2020: وقفة تضامنية مع شقيق الأسير مرعي أمام "الخارجية الأردنية"
- 3 أبريل 2020: منتخب الأردن لكرة القدم يستضيف بيلاروسيا ودياً في عمان
بقلم هدى زياد
عندما أحرز لاعب التايكوندو أحمد أبو غوش أول ميدالية ذهبية للأردن على الإطلاق في الألعاب الألومبية التي تم اختتامها مؤخرًا في ريو دي جانيرو، أعرب الأردنيون والعرب و العالم أجمع عن سعادتهم البالغة واحتفوا بهذا الإنجاز وبأدائه الرائع، ولكن الشعور كان مختلفًا بالنسبة لكثير من الأردنيين من ذوي الأصول الفلسطينية مثلي، فالفرحة الأولى تبعها أحاسيس مضطربة بين السرور والألم. معظمنا لم يكن يعلم أبو غوش قبل فوزه ولكن لم نحتج نحن العرب سوى معرفة لقب عائلته حتى يتسنى لنا أن نعلم قصته، حيث يُحكَم علينا في نهاية الأمر دائمًا بألقاب عائلاتنا فحسب.
عندما أعلنت وسائل الإعلام الأردنية والعالمية عن خبر فوز أبو غوش، أغفلت الإشارة إلى جذوره الفلسطينية ولم توضح أنه أحد أبناء اللاجئين الفلسطينيين؛ شعرت عندها أن هذا محو فعلي لهوية أبو غوش الفلسطينية، ولكن جاءت الطامة الكبرى عند مطالعة وسائل الإعلام الإسرائيلية التي نقلت الخبر كالتالي: “رحلت عائلته عن المخيمات وذهبت إلى الأردن بعد مولده بفترة وجيزة، ولكن مازال بعض من أقاربه يعيشون في البلدة الخلابة التي تشتهر بمطاعم الحمص.”
“رحلت عن المخيمات.”
ما حدث فعليًا هو طرد عائلة أبوغوش بالقوة من قريتهم في واقعتين: الأولى عند تدمير عزبة سعيد أبو غوش في أبريل عام 1948، ومرة أخرى عند هروب عائلة أبو غوش مع آلاف العائلات الفلسطينية الأخرى في أعقاب مذبحة دير ياسين، والتي يطلق عليها الفلسطينيين الآن النكبة. بعد مرور عدة أعوام على النكبة، حاول العديد من أفراد عائلة أبو غوش العودة إلى موطنهم، وعندها أرداهم الجيش الإسرائيلي كونهم “متسللين”.
يختلف السياق اختلافًا طفيفًا في الأردن، ولكن تُجرى عملية المحو نفسها للهوية الفلسطينية. أجبرت النكبة في عام 1948 العديد من الفلسطينيين على النزوح إلى الأردن والضفة الغربية، والتي كانت تابعة للأردن بعد الحرب. حينها تجنّس العديد من الفلسطينيين ومُنحوا الجنسية الأردنية، وبعدما غزت إسرائيل الضفة الغربية في عام 1967، اضطرت موجة أخرى من الفلسطينيين إلى مغادرة الضفة الغربية والنزوح إلى الأردن.
في يوليو/تموز 1988، تنازلت الأدرن عن مطالبتها بضم الضفة الغربية، وفتح هذا القرار الباب أمام منظمة التحرير الفلسطينية التي أصبحت الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، مما جعل الفلسطينيين من أصل أردني يتخوفون من أن يصبحوا عديمي الجنسية بين ليلة وضحاها.
كانت عمليات المراجعة الإجبارية لدائرة المتابعة والتفتيش الأردنية كابوسًا للفلسطينيين المقيمين في الأردن. كانت مهمة الدائرة التابعة لوزارة الداخلية هي تصنيف مواطني الضفة الغربية تصنيفًا منفصلًا عن المواطنيين الأدرنيين. الطريقة التي نفذ بها هذا الإجراء كانت غامضة للغاية، فقد فُرّقت العائلات وجُرّد آلاف المواطنيين الأردنيين من أرقام هويتهم الوطنية مع إصدار جوازات سفر مؤقتة لهم بدلًا من ذلك.
فبينما يحب العديد منا نحن الأردنيون من أصل فلسطيني البلد التي ترعرعنا بها، لم تبادلنا الأردن نفس الشعور. نتحرك بهذه الهوية المعقدة كما لو كنا نسير على فحم مشتعل فنتعرض للحرق أينما نذهب.
كونك فلسطيني في الأردن يعني التعرض لتمييز ممنهج. فما تحققه من إنجازات يعود للدولة أما إخفاقاتك فهي تعود لك وحدك، ما يجعلك تفقد شعور الانتماء الحقيقي، لكنك لن تجد مكانًا آخر تذهب إليه لأنك أردني، لكن من الدرجة الثانية، ولاجئ دائم. فبينما احتفى الناس برفع الجماهير الأسكتلندية للأعلام الفلسطينية خلال مباراة لكرة القدم، لا يمكننا نحن الأردنيون من أصل فلسطيني أن نرفع الأعلام الفلسطينية في العلن في البلد التي نعيش فيها. نحتفل بهويتنا الوطنية في السر ويتم إقصاؤنا عند احتفال الأردنيين الآخرين بهويتهم — وهو في الأساس احتفال يخصّنا نحن أيضًا.
لكننا لا نعرف كيف نصبح أي شي آخر غير ما نحن عليه. تذكرنا هويتنا الفلسطينية بالمكان الذي جئنا منه ولا يمكننا العودة إليه، وتذكرنا هويتنا الأردنية بالمكان الذي ترعرعنا به وبأصدقائنا وعائلتنا والحياة التي بنيناها سويًا.
لذا أعذروني إذا شعرت بالارتياب قليلًا تجاه التقدير والاحتفاء الوطني بأحمد أبو غوش، خاصة من الذين يسخرون من الفرق الأولمبية الخليجية من الخليج “ لشرائهم” اللاعبين الرياضيين من البلدان الأخرى للمنافسة لصالحهم. ففي النهاية، يعلم مشجعي نادي الوحدات لكرة القدم من مخيم اللاجئين أن هويتنا الفلسطينية وحقيقة تجنسنا وأننا ليس من الأردنيين الأصليين دائمًا ما تعتبر مآخذ ضدنا، وأننا في صراع مستمر مع هويتنا الأردنية الاستثنائية غير المكتملة. فيناسبك بالطبع محو هوية الآخرين وإعادة تصنيفها كما ترغب.
يعلم أمثالي أن الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية ليستا متناقضتين، لأننا في الحقيقة نحمل الاثنين معًا. سواءًا كان ذلك برغبتنا أو مفروضًا علينا من عوامل خارجية، فقد كنا جزءًا من هذا البلد منذ البداية وعملنا جاهدين مثل سائر الأردنيين لبناء هذا البلد ليصبح ما هو عليه اليوم. نؤمن بهوية أردنية تحتوينا وتعزز موقفنا في صراعنا من أجل التحرر الوطني، لا تلغينا. فليس من العدل أن يُفرض علينا إخفاء هويتنا الفلسطينية لخدمة أجندة تعمل على إقصائنا.
عندما ينجح الأردنيون من أصل فلسطيني، فمن حقنا الاحتفال بهويتنا كاملة، والأهم من ذلك هو الاعتزاز بقصتنا. ربما نبدأ ذلك بالاحتفاء بأحمد أبو غوش الأردني من أصل فلسطيني الذي استطاع أن يتغلب على جميع التحديات ليصل إلى منصة التتويج بالألومبياد.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «أحمد أبو غوش: الأردني الحاصل على الميدالية الذهبية ومحو الهوية الفلسطينية». الأصوات العالمية. 24 أغسطس - آب 2016.
شارك الخبر:
|