أن تعمل سائقًا لأوبر في روسيا
الثالث 21 فبراير 2017
خلال الشهر الأخير، وبغرض الكتابة للموقع الإخباري الشهير TJournal، قام دينس جافريلوف بمقابلة العديد من سائقي أوبر في روسيا للتعرّف على عملهم وعاداتهم وبالطبع زبائنهم. قامت رونت إكو بترجمة النص إلى الإنجليزية ونشره هنا.
كيف ينسى الزبائن أغراضهم؟
يؤكّد سائق اسمه ألكسندر أنه على الأقل راكب واحد ينسى هاتفه الجوال أو قفازة في سيارته كل بضعة أشهر. في الغالب لا يلاحظون ذلك، ولكنه يتصل بهم ويعيد أشياءهم إليهم. وقال بحزن “من المحزن أنه لم يكافأ أبدًا على صنيعه”.
سائق آخر له الاسم نفسه (“الكسندر ٢” لمنع التشوش) يحكي أنه وجد مرة شيئًا أثمن؛ سائح من أفريقيا نسى محفظته والتي تحتوي على كل مستنداته و٨٠ ألف روبل (١٣٠٠ دولار) نقداً.
لاحظ المحفظة بعد عدة ساعات، ومن ثمَّ قام بالاتصال بآخر الركّاب الذين استقلوا سيارته، وعندما أجابه السائح الأفريقي أخيراً، اتضح أنه نسي تماماً أمر المحفظة، لكنه كان سعيداً جداً أنها في أمان. وقال أيضاً أن هذه هي المرة الثانية التي ينسى فيها محفظته في روسيا، إلا أنه استرد المحفظة في المرة الأولى دون أي نقود بداخلها.
بعض السائقين لا يردّون فقط المفقودات، بل إنهم يساعدون الركاب لحمل معداتهم إلى أماكن أخرى. وفقاً لسائق آخر اسمه ألكسندر (لم نضع ذلك في الحسبان ولكن لنسميه ألكسندر ٣) فإن رجل شاب طلب منه خدمة توصيل بعد أن نسي تقريباً كل شيء في التاكسي: نقوده ومستنداته وبطاقته الائتمانية وغيرهم.
كان على هذا الرجل التوجه خارج موسكو، واستفاق إلى ما فقده في اللحظات الأخيرة. في هذا الوقت “كان السائق يحمل كل أشياء الرجل إلى الطرف الآخر من المدينة،” يحكي ألكسندر ٣. وفي النهاية، اضطر لزيادة سرعته للحاق به، وقد أدركه بالفعل وحصل على إكرامية محترمة.
عمّا يتحدث السائقون ؟
يقول الكسندر ٢ أنه دائماً ما يحاول فتح أحاديث مع الركاب، ومع ذلك فإنه يعير كامل انتباهه لردة فعلهم. فإن لم يتفاعل معه الراكب أو جاءت إجاباته مختصرة؛ اعتبر ذلك نهاية للحديث.
“يقضي العديد من الناس كل الوقت في المراسلة بهواتفهم، لا أستطيع مراسلتهم بينما أقود، كما أنني أفضّل المحادثات الحية! أتكلم مع الركاب في كل شيء، وتختلف المواضيع دائمًا؛ حيث يعتمد موضوع الحديث على سن وجنس الراكب” كما يقول ألكسندر٢.
يقول العديد من سائقي أوبر أن أغلب أحاديث الركاب كانت عن الأمور المالية في العام الماضي. يناقشون الأزمات المالية والنقص في التمويل والتأمين. يسأل العديد من الرجال عن العمل في أوبر، كما يتسآلون أيضاً عن كيفية امتهان هذه الخدمة.
يقول ألكسندر١ أنه غالبًا ما يشرح رسوم أوبر للزبائن، ويزودهم بمعلومات عملية عن طريقة استخدام تطبيق أوبر، ويعرّفهم بالفروق البسيطة في الخدمة. ويتابع أن الروس لا يعيرون اهتماماً للحديث عن السياسة، ولكن العديد منهم يتحدثون عن حياتهم الشخصية مثل استثماراتهم ومشترياتهم وأمورهم الشخصية.
يقول الكسندر ١ أنه دائمًا ما يحترم ركابه ويحاول أن يكون صريحًا معهم.
“بعض سائقي أوبر يحتالون على الزبائن” ألكسندر٢ محذرًا. “فعندما يصلون إلى المكان المحدد يشغّلون العدّاد ومن ثمَّ يتصلون بالزبائن، بينما تنصّ التعليمات بوضوح على أن تشغيل العدّاد لا يبدأ إلا بعد اتصالهم بالزبائن”.
يقول ألكسندر ١ أنه دائماً ما يجادل في منتديات الإنترنت مع السائقين عن مخادعة الركاب، ويرى ذلك “فعلًا مشينًا”.
ماذا يقول السائقون عن زبائنهم؟
يكنّ قائدو أوبر الروس مشاعر طيبة تجاه زبائنهم عمومًا، واصفين إياهم بالاحترام والتهذيب. مع ذلك يعترف ألكسندر١ أن سلوك الزبائن يتغير كثيرًا بشكل عام بعد أن يعرض عليهم أوبر عروض وخيارات الدفع نقداً.
“صار الزبائن مؤخرًا أصغر سنًا وأكثر وقاحة. بات الأشخاص الكدِرون يستخدمون الخدمة أكثر فأكثر، وهم غالباً ما يتعاملون بفظاظة” كما ذكر ذلك ألكسندر١، ويضيف أن أفضل الزبائن تعاملاً هم الأجانب في شارع بيتسبرج. “تأتيهم، فتجدهم بانتظارك؛ على عكس ٤٠٪ من مستخدمي خدمة أوبر الروس فهم يتصلون وينتظرون في المكان المحدّد.. وبالمناسبة يستخدم عدد كبير من الأجانب خدمة أوبر؛ فأنا أحمل ثلاثة إلى أربعة أشخاص يومياً. في قلب المدينة ٣٠٪ من الزبائن هم من سكان موسكو الآتين من أو الذاهبين إلى محطة القطار”.
يقول ألكسندر ٣ أنه اضطر لطرد أربعة ركّاب فقط خلال عمله على مدار سنتين.
عندما يأتي الأمر للركاب الثملين، يقول أغلب السائقين أنهم لا يمانعون ذلك، والبعض الآخر ببساطة لا يعمل ليلًا؛ وبالتالي نادرًا ما يواجهون الأمر.
رستم، بالمناسبة، يعمل ليلاً ويطلبه زبائن ثملون دائمًا، ومتى بدر منهم تصرفات وقحة؛ فإنه يحذرهم مباشرةً أنه لعب الملاكمة لسنتين، فيحجمون على الفور. “عليك فقط أن تعرف كيف تتحدث مع الثملين” كما يقول رستم.
التعليم والمواهب:
ألكسندر ٢ من أكبر المعجبين بالبلياردو، وهذا ما يفعله عادةً في أوقات فراغه. فهو لم ينهِ تعليمه الجامعي عندما كان شابًا، فقد كان يدرس ليصبح مهندس تصاميم لماكينات السباكة. في المدرسة، أحب كرة القدم ولعب ضمن فريق اسمه “توربيدو (قذيقة)”، لاحقًا لعب ضمن فريق الجامعة لكرة القدم، ثمّ أسّس عائلة.
يعشق أليكسي – وهو سائق أوبر آخر – التزلج. وإذا ما حدث وبدأ دراسته الجامعية فسيتخصص ليصبح مدربًا للتربية البدنية والتزلج والرماية.
ألكسندر ٣ متقاعد عمليًا، ولكنه يعمل لعدة شركات تاكسي “كهواية” كما يحب أن يصفها. دراسته كانت في الهندسة.
ألكسندر ١ مغرمُ بالرهان في كرة القدم وكرة السلة، وهو ضليع جداً بكلا الرياضتين.
يوم السائقين المعتاد ومعدل دخلهم:
ينقسم قائدوا أوبر إلى قسمين رئسيين: من يستخدمون الخدمة كمصدر رئيسي للدخل، ومن يستخدمها مصدرًا لدخل إضافي.
على سبيل المثال يأخذ رستم ابنته إلى الحضانة كل صباح وبعد ذلك يقضي بعض الساعات في العمل لأوبر، ليتوجه بعد ذلك إلى عمله الرئيسي. وبنهاية اليوم، يغادر منزله لاستكمال عمله كسائق لبضعة ساعات أخرى. بهذا العمل استطاع أن يكسب زيادة ١٠٠٠٠ روبل (١٧٥ دولار) أسبوعيًا، وفي بعض الأحيان يجني أكثر من ذلك. ذات مرة اقتطع رستم أسبوع إجازة من عمله الرئيسي ليعمل إضافياً لأوبر، وجنى أكثر من ٣٠٠٠٠ روبل (٥٢٥ دولار).
ولكن هذا عندما كانت أوبر تكافئ عن كل ٥٠ رحلة بأربعة آلالاف روبل (٧٠ دولار). “لم تعد أي علاوة تقدم الآن” يقول رستم بحزن.
يعمل ألكسندر ١ تسع ساعات مناوبة لأوبر من الخامسة صباحاً إلى الثانية ظهراً، مع عطلة يوميّ الاثنين والثلاثاء. يقول أن معظم الأرباح هذه الأيام تأتي في أوقات سقوط الثلج. “كل الطرق في الخرائط حمراء، ووسائل النقل العام متوقفة، وتأتيك طلبات سريعة، مع ضغط مروري. هذا هو وقت العمل!” كما يقول.
يحاول العديد من السائقين تكثيف عملهم أثناء العطل كعطلة السنة الجديدة. يقول ألكسندر ٣ أنه خطط لحصد ٣٠٠٠٠ روبل في اليوم لموسم عام ٢٠١٥. ” هذه السنة، للأسف، لم أستطع تحقيق هذا” يقولها بخيبة أمل.
وفقاً لسيرجي مورفيوف، المدير العام “لإفرست 8800″ و مدير توظيف السائقين في أوبر روسيا، أن بوسع سائقي أوبر كسب ما بين ٢٥ ألف و٣٥ ألف روبل (٤٤٠ و ٦١٠ دولار) أسبوعياً بالعمل ٨ – ١٠ ساعات يومياً.
كتب دينس جافريلوف هذا الموضوع، ونُشر في الأصل على الموقع الإخباري TJournal. لقرائته بالروسية اضغط هنا.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «أن تعمل سائقًا لأوبر في روسيا». الأصوات العالمية. 21 فبراير - شباط 2017.
شارك الخبر:
|