إشتباكات مسلحة بين الجيش اللبناني وأنصار الشيخ أحمد الأسير وعناصر من حزب الله

الاثنين 24 يونيو 2013


أخبار ذات علاقة

أخبار لبنان على ويكي الأخبار
لبنان على ويكي الأخبار

منظر لمدينة صيدا القديمة. المصدر: Heretiq
منظر لمدينة صيدا القديمة.
المصدر: Heretiq

اندلعت عصر البارحة الأحد في 23 يونيو 2013م اشتباكات مُسلَّحة بين الجيش اللبناني وأنصار الشيخ أحمد الأسير الحُسيني الشهير بمُناهضته حزب الله وسلاحه ومُشاركته في النزاع القائم في سوريا، وبين عناصر من حزب الله نفسه. وكانت الاشتباكات بدأت عند الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الأحد، بعد أن شنَّ مناصرو الشيخ الأسير هجومًا على حاجز للجيش عند مدخل المربَّع الأمني في بلدة عبرا بشرق صيدا حيث يقع مسجد بلال بن رباح الذي يؤمّه الشيخ، وذلك على خلفية توقيف قريب لأحد مرافقي الأسير على الحاجز، وقد نجم عن الاشتباكات مقتل ثلاثة عسكريين بينهم ضابط وإصابة عدد آخر بجروح. وكان الأسير قد طالب وزير الداخليَّة مروان شربل وقيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي بالتدخل لإفراغ بعض الشقق السكنيَّة التي سيطر عليها حزب الله في بلدة عبرا وجعلها مخازن للسلاح، فحصل على وعود بالتدخل لم تُنفَّذ، فدعا أنصاره إلى إخلاء هذه الشقق بالقوَّة إن لم تتدخَّل الدولة في هذه المسألة، مما تسبب له بتوتر زائد وعدائيَّة أكبر مع حزب الله.

وقد أصدر الجيش اللبناني بيانًا اتهم فيه مجموعة مسلحة تابعة للشيخ أحمد الأسير أنها قامت "ومن دون أي سبب" بمهاجمة حاجز تابع للجيش اللبناني في بلدة عبرا. وأشار البيان إلى أنَّ "قوى الجيش اتخذت التدابير اللازمة لضبط الوضع وتوقيف المسلحين". وأكَّد الجيش أنه لن يسكت عن "التعرض له سياسيًّا وعسكريًّا"، وأنه "سيضرب بيد من حديد من تسول له نفسه سفك دم الجيش". وقد ردَّ الجيش على الهجوم بعنف فأطلق النار على مناصري الأسير الذين تحصّنوا داخل المربّع الأمني. وتصاعدت وتيرة الاشتباكات بعد ساعة من بدايتها، وتطوَّرت إلى استخدام القذائف الصاروخيَّة، كما استخدم الجيش قذائف الهاون والأسلحة المتوسطة والصاروخيَّة بعد أن تمركز في بضعة تلال مُحيطة بعبرا هي تلَّة مار إلياس وجون والأولي، وأُفيد عن مقتل أحد مرافقي الأسير ويدعى علي وحيد وإصابة 15 آخرين من بينهم أمجد الأسير شقيق الشيخ. كما استهدف مناصرو الأسير ملَّآلة للجيش أمام مسجد حمزة بقذائف صاروخيَّة فدمَّروها وأحرقوها. وأشارت جريدتيّ المُستقبل والنهار وقناة MTV أنَّ ما بين 3 و4 قتلى و15 جريحا لحزب الله سقطوا في اشتباكات صيدا حتى الساعة، وأنَّهم نقلوا إلى مستشفى الراعي، وأنَّ الحزب يحجب المعلومات عن الأجهزة الأمنيَّة، وأُشير إلى أنَّ هؤلاء هم: نزار بيروتي، وأبو علي عسَّاف، ومحمد فوَّاز. كما أُشير إلى أنَّ مجموعات من مُقاتلي حزب الله وسرايا المُقاومة التابعة له، تمركزت على التلال المُشرفة على عبرا وسُجّل ظهور مُسلح لهم على تلَّة قريبة من دارة آل الحريري في مجدليون حيث تُقيم النائب بهيَّة الحريري وعلى أسطح عدد من المباني في المنطقة، كما دخلت قوَّة كبيرة من مسلحي الحزب إلى عبرا وتمركزت في محيط ثانوية السيِّدة للراهبات المخلصيات. وأفادت جريدة النهار أنَّ معلوماتٍ ميدانيَّة بلغتها تؤكِّد أن حزب الله اتخذ اجراءات احترازيَّة قبل أسابيع، وعزَّزها قبل ايَّام في حارة صيدا ذات الأغلبيَّة الشيعيَّة المُجاورة لعبرا، واستقدم تعزيزات تحسبًا للمواجهة المُحتملة التي كانت متوقعة اليوم الإثنين، قبل أن يُعلن الأسير تأجيل تحركه لإزالة الشقق التابعة للحزب في عبرا، وذلك افساحًا في المجال أما تلامذة الشهادة المُتوسطة لمتابعة امتحاناتهم الرسمية.

وقد استنجد الشيخ أحمد الأسير في تغريدةٍ له على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي بجميع المُناصرين في كُل المناطق اللبنانيَّة، واتهم الجيش اللبناني بالغدر وبنقض الهدنة التي أبرمتها القيادة العسكريَّة معه، فقال: "نطلب من جميع مُناصرينا من كافَّة المناطق اللبنانيَّة أن يستجيبوا لندائنا وأن يهبّوا إلى نصرتنا وأن يأتي من استطاع منهم إلى صيدا فورًا". بالمُقابل أصدرت قيادة الجيش بيانًا آخرًا قالت فيه إنها حاولت "منذ أشهر إبعاد لبنان عن الحوادث السوريَّة"، و"عدم قمع المجموعة التابعة للشيخ أحمد الأسير في صيدا، حرصًا على احتواء الفتنة والرغبة بالسماح لأي طرف سياسي بالتحرك والعمل تحت سقف القانون"، لكن "ما حصل في صيدا فاق كل التوقعات"، معتبرة أن "الجيش استهدف بدم بارد وبنية مقصودة لإشعال فتيل التفجير في صيدا". وطلبت القيادة من "قيادات صيدا السياسيَّة والروحيَّة ومرجعيَّاتها ونوَّابها" التعبير عن موقفها "علنًا وبصراحة تامَّة، فإمَّا أن تكون إلى جانب الجيش اللبناني لحماية المدينة وأهلها وسحب فتيل التفجير، وإما أن تكون إلى جانب مروجي الفتنة وقاتلي العسكريين". من جهته طالب الأسير على صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي "الأشراف من السنة وغير السنة" إلى الانشقاق عن الجيش. كما صدر عن رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد بيانًا حمَّل فيه مسؤولية اشتباكات صيدا لوزير الداخلية مروان شربل لسماحه للشيخ أحمد لأسير بإنشاء مربَّع أمني في المدينة واستخدام مركز ديني كمركز حربي، ودعا الدولة اللبنانيَّة إلى العمل على إنهاء حال الفوضى والتفلّت الأمني، وأكَّد أن "سلاح المُقاومة (حزب الله) شرعي ولا يمكن إدراجه في إطار السلاح غير الشرعي".

وفي ظل هذه الأجواء دعا رئيس الجمهوريَّة اللبنانيَّة ميشال سُليمان إلى اجتماع وزاري أمني في بعبدا اليوم، لمناقشة تداعيات مقتل عناصر الجيش، مُشددًا على أنَّ الجيش لديه تفويض كامل "لضرب المعتدين وتوقيف المنفذين والمحرضين وسوقهم للعدالة"، واعتبر أنَّ دعوة الأسير الجنود اللبنانيين إلى الانشقاق "تصب في خانة مصلحة أعداء لبنان ولن تجد آذانًا صاغية لدى المواطنين اللبنانيين والفلسطينيين، ولدى أفراد الجيش". وأضاف أنَّ "الجيش اللبناني يحوز على ثقة الشعب وتأييده والتفافه حوله، كما يحظى بالغطاء السياسي الكامل والشامل كي يقمع المعتدين على أمن المواطنين والعسكريين والمحرضين على النيل من وحدته وتوقيف الفاعلين وإحالتهم إلى القضاء المختص". كذلك دعا رئيس الوزراء المُكلّف تمَّام سلام جميع القوى السياسيَّة لمؤازرة الجيش والقوى الأمنيَّة "لوضع حد للصدامات المُفتعلة التي باتت عبئًا على الجميع دون استثناء". كما أدان رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي التعرض للجيش اللبناني، داعيًا الجميع إلى "عدم الانجرار وراء محاولات تفجير الأوضاع في لبنان". ودعت الجماعة الإسلاميَّة إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار والعمل على مبادرة سياسيَّة تُجنِّب المدينة والمدنيين والعسكريين مزيدًا من الخسائر. كذلك أعلن النائب وليد جنبلاط في اتصال مع قناة الجديد أنَّه اتصل بمسؤول وحدة الارتباط لدى حزب الله وفيق صفا طالبًا منه سحب المسلحين، فوعده بذلك.

وقد كُلِّف الشيخ سالم الرافعي من مرجعيات سياسيَّة وعسكريَّة التفاوض مع جماعة الأسير للتوصل إلى حلٍ يقضي بتسليم الأسير جميع مُطلقي النار على الجيش وإخضاعهم للمُحاكمة في مُقابل وقف النار، لكن على الرغم من ذلك استمرَّت الاشتباكات حتى ساعة مُتأخرة ليلًا وطالت قذائف أحياء في مدينة صيدا، وفي قرى شرق صيدا المُحيطة بعبرا، وانتشر العسكريّون والمُسلَّحون انتشارًا واسعًا، مما دفع أهالي عدد من القرى إلى مغادرة منازلهم خوفًا من وقوع حصار كالذي عاناه المُقيمون في عبرا. وكان حشدٌ من العُلماء المُسلمين السنَّة قد اجتمع في طرابلس ودعوا الجيش إلى العمل لوقف فوري لإطلاق النار، وطالبوا بلجنة تحقيق لكشف ملابسات ما حصل. واعتبروا "أن القصف الذي يتعرض له المسجد والمناطق المدنية المحيطة به من حارة صيدا وبعض المناطق الاخرى يهدد بتفجير الوضع في كل لبنان ويظهر نيات الاطراف الذين يسعون لزج أهل السنَّة في مواجهة مع الجيش لا يرغب الطرفان فيها".


مصادر

عدل