إيران: تقدم العسكرة الإسلامية الافتراضية

السبت 6 مارس 2010


كثيراً ما تُرَوَّج شبكة الإنترنت على أساس كونها فضاء للحوار وللتبادل السلمي، غير أن في حالة إيران فقد تحوّل الصراع السياسي إلى حرب افتراضية تهيمن فيها الأسلحة التي تقيّد حرية التعبير.

يصف ما يلي ثلاث مبادرات بما فيها التي نجحت والتي فشلت ولكننا قد نطلق على كل منها اسم ابتكارات عسكرة الإنترنت.

القرصنة السياسية الافتراضية

إن جيش إيران الافتراضي (بالفارسية) مثال واحد على المبادرات الإسلامية المتحاربة العديدة التي ازدادت تشدُّداً منذ انتخابات حزيران / يونيو 2009 (بالإنجليزية)، بيد أن هذه الجمعية من القراصنة الافتراضيين قد تكون أقوى المشاريع الإيرانية الإسلامية المتحاربة أو المرتبطة بإيران على الإنترنت. استهدف الجيش مواقع في شتى البلدان مما يثبت القول أنه لا حدود للإنترنت مثلما يدل على هشاشة المواقع حتى ولو تمتعت بشهرة مقابل المهاجمين المجهولين.

ولا تقتصر الأهداف المتوقعة للجيش على مواقع الأخبار الإيرانية المستقلة مثل زمانة أو مواقع الحركة الخضراء مثل جرس و كلامة (جميع الروابط بالفارسية)، إذ مدت يدها أيضاً إلى إسقاط موقع التدوين المصغّر تويتر الذي وظّفه العديد من المتظاهرين الإيرانيين لكي يبلغوا رسالتهم إلى عناوين الأخبار (بالإنجليزية). ومثّلت الرسالة التي تركتها الجمعية خلال الساعة التي تم اختراق موقع تويتر فيها إيديولوجيتها:

«النص الأصلي:تم اختراق هذا الموقع من قبل جيش إيران الافتراضي

iRANiAN.CYBER.ARMY@GMAIL.COM

تعتقد الولايات المتحدة أنها تسيطر على شبكة الإنترنت وتديرها بحكم قدرتها، غير أن الوضع ليس كذلك، إننا نسيطر على شبكة الإنترنت ونديرها بواسطة سلطتنا، فلا تحاولوا حث الشعب الإيراني على…

والآن أي بلد موجود على قائمة العقوبات؟ إيران؟ الولايات المتحدة؟»

بينما ترك جيش إيران الافتراضي رسائل وتحذيرات عديدة على موقعه الخاص هو الآخر حذراً بأن اللجوء إلى الخوادم الأجنبية لا تضمن أمن المواقع والمدونات الإيرانية كما أنه هدّد بالكشف عن معلومات أصحاب المواقع الشخصية، بالإضافة إلى إصدار تحذير خاص لموقع موجكامب المواتي للحركة الخضراء.

وعلى الوتيرة نفسها فقد اخترق جيش إيران الافتراضي محرّك البحث الصيني المحبوب “بايدو” في هجوم مجهول الأسباب في كانون الثاني 2010، الأمر الذي ربطه عدة معلقين بالتأييد الذي عبّر عنه مواطنو الإنترنت الصينيون للحركة الخضراء.

مشروع فاشل لتوسيع نطاق المدوّنات

أعلن حرس الثورة الإسلامية في أواخر عام 2008 إعلاناً تاريخياً عن إطلاق 10,000 مدونة (بالإنجليزية) تؤيد قوات الباسيج شبه العسكرية. وأوضحت المطبوعة الرسمية صبح صادغ وجهة نظر الحرس نحو الإنترنت والأجهزة الرقمية الأخرى من ضمنها الرسائل النصية فيعتبرها تهديداً خطيراً يجب الهيمنة عليه. وأعلن الحرس كذلك أن المدونات العشرة آلاف ستروّج أفكاراً ثورية. وينظر الحرس إلى الإنترنت كأداة للثورة المخملية (بالإنجليزية) (ما معناه إسقاط الحكومة بطريقة سلمية بواسطة تأثير أجنبي) فحذر كذلك أن دولاً أجنبية قد استثمرت في الإنترنت بغية الإطاحة بالنظام الإسلامي. ولم تدرَك الخطة في نهاية الأمر غير أنها كانت ستكون أكبر مشروع تدوين عسكري.

الاستعانة بالمصادر الجماعية لتعريف الهويات

ضيّق حرس الثورة الإسلامية (بالإنجليزية) على شتى المجموعات التي كانت قد أسّست مواقع مضادة للإسلام أو مواقع إباحية، بينما أطلقت وحدة الحرس التي تقاتل الجرائم المنظمة موقعاً مسمى ب كرداب (بالفارسية) (بمعنى دوّامة) نشرت عليه أخباراً وصوراً لمعتقلين. وإبان المظاهرات التي عقبت الانتخابات عام 2009 نشر “كرداب” صوراً للمتظاهرين (بالإنجليزية) طلباً من الجمهور الإيراني المساعدة في تعريف هوياتهم. وفي هذا السبيل قام المتشددون الإسلاميون بالاستعانة بالمصادر الجماعية (بالإنجليزية) في العالم الافتراضي استهدافاً للناس في العالم الحقيقيّ.

وبينما يشارك جيش إيران الافتراضي كرداب في بعض خصائصها فلا توجد أدلة واضحة على وجود ربط رسمي بينهما. و زعمت وكالة إيران الرسمية للأخبار والدعاية (بالفارسية) أن جيش إيران الافتراضي كان مشروع تابع لحرس الثورة الإسلامية ولكن هذه المعلومات لم يتم التأكد منها، كما أن هويات هؤلاء القراصنة الافتراضيين ومكان قاعدتهم ما زالت غير معروفة، بل الشيء المعروف الوحيد هو استهدافهم لمواقع معارضة إيرانية.

وفضلاً عن ذلك ذهب مدوّنان إيرانيان طلبا كتم هويتهما إلى طرح احتمال وجود قاعدة لجيش إيران الافتراضي في الصين أو استلام الجيش للمساعدة من القراصنة الافتراضيين الصينيين، فتساءلا إذا لم يكن استهدافه لموقع “بايدو” إلا محاولة لتمويه العلاقة.

موت الحوار

يكمن حلم الإنترنت في فكرة البيئة الافتراضية المفتوحة لتبادل الآراء بين الإسلاميين وبين غير الإسلاميين عوضاً عن تبادل الرصاصات، وقد شهدنا حالات صغيرة حدث ذلك فيها، إذ على سبيل المثال ناقش المدوّنون الإسلاميون إيجابيات الاستشهاد وسلبياته (بالإنجليزية) مع المدوّنين غير الإسلاميين منذ ثلاث سنوات ونصف. أما اليوم فعلى خلاف ذلك بات الطرفان يركّزان على تدمير العالم الافتراضي والحقيقيّ على حد سواء.

وينبغي علينا أيضاً التذكير بالأسلوب المتشابه الذي توظفه المعارضة الإسلامية، فاستهدفت مجموعة تطلق على نفسها اسم “ الجيش الافتراضي الأخضر” (بالإنجليزية) موقع قوات الباسيج ( moghavemat.ir) وهدّد مواقع آخرى، وعلاوةً على ذلك رفع بعض المدونين المواتيين للمعارضة صوراً لأشخاص يزعمون أنهم عملاء سريين في المخابرات (بالإنجليزية). وأما اختراق المواقع الحكومية من قبل المجموعات المجهولة فهو أمر عادي.

إن الضحايا الحقيقيّين لكل هذه النشاطات ليست المواقع المخترقة فحسب وإنما سقوط احتمال التواصل والتفاهم بين كافة المواطنين الإيرانيين على الإنترنت في المستقبل.

مصادر

عدل