ازدهار تجارة اختطاف الأطفال بمدغشقر في 2015

الخميس 7 يناير 2016


إن حالة الفقر وانعدام الأمن المستشرية في البلاد تجعل من العسير على الكثير من المواطنين المدغشقريين استشراف مستقبل أكثر اشراقًا. فعلى ضوء الأوضاع الاقتصادية الحالية، لجأ مجموعة من المجرمين إلى طريقة دنيئة لكسب رزقهم: اختطاف الأطفال.

شهدت مدغشقر صعودًا لافتًا في عمليات الاختطاف والابتزاز خلال العامين الماضيين. إذ تعجُّ المنتديات والمدونات بشهادات عن محن وفواجع تقشعرّ لها الأبدان.

هذه حكاية “أنِّي” و”أرنود” كما سردها “ب.نجوما” (المقيم في “تومسينا”، مدغشقر) على مدونة “الحسينة”:

«النص الأصلي:Il y a quelques semaines, Annie et Arnaud, 2 enfants d’un opérateur dans le secteur du bois, ont été kidnappé à Tamatave. Les ravisseurs réclamaient une rançon de 3 millions d’euros en lançant plusieurs avertissements mais les parents des enfants n’ont pas les moyens de les payer. Les négociations étaient au point mort, mais un rebondissement macabre vient de transformer ce kidnapping en mise à mort. Annie, âgée de 14 ans, a été retrouvé morte à proximité de sa maison. Les premières analyses montrent qu’elle a été torturée pendant des heures avec un étranglement qui aurait provoqué sa mort. Les autorités tentent de retrouver Arnaud, mais la mort d’Annie laisse craindre le pire.»

«ترجمة:اختُطِف “أنِّي” و”أرنود” في 3 ديسمبر/كانون الأول طفلي العامل في صناعة الأخشاب في “تمتاف” (التي تُعرف بتومسينا، مدغشقر). وطالب المختطفون بفدية قدرها 3 ملايين يورو وبعثوا بالعديد من التهديدات لأهلهم حول مصير الطفلين، لكن أهلهما لم يستطيعا تسديد المبلغ. تعثرت المفاوضات، لكن منعطفًا مروّعًا حوّل الاختطاف إلى جريمة قتل. عُثر على “أنِّي”، 14 عامًا، مقتولةً قرب منزلها. وكشف التحليل الأولي عن تعرّضها لساعات من التعذيب خُنِقت بعدها حتى الموت. وما تزال السلطات تسعى للعثور على “أرنود”، غير أن قتل “أنِّي” يبعث على الخوف من الأسوأ.»

هزّت محنة المراهق “أرنود”، الذي ما يزال محتجزًا بين أيدي العصابات، المدونة المعروفة “مبُلتيانا” والتي تتّخذ من “أنتنناريفو”، مدغشقر، مقرًّا لها، فكتبت له الآتي:

«النص الأصلي:J’aurais bien voulu connaître le jeune homme que tu es dans d’autres circonstances. Petit frère, te voilà propulsé d’un coup dans un monde où la turpitude des grandes personnes règne sans limite. En quelques semaines, tu as été la victime de tous les maux de ce pays qu’est le nôtre : la corruption, le non-respect des droits humains, la violence à outrance, l’esclavagisme, l’état de non-droit. Certes, petit frère, trop malheureusement, tu es loin d’être le seul. Car ils sont des milliers à être quotidiennement traités comme des bêtes, sous nos yeux. Des enfants qui sont kidnappés et que l’on ne retrouve jamais, des enfants qu’on retient comme esclaves des familles en ville comme dans les campagnes, des enfants que l’on prostitue, des enfants que l’on vend et achète pour leurs organes. Et j’en passe.

Mais cela n’enlève en rien ma tristesse quand je pense à toi. Car comme tous les autres, tu es une proie. Du fond de mon cœur, j’espère vraiment qu’un jour très proche, tu puisses le lire ce texto, libre et en bonne santé. Mais où que tu sois, sache qu’il y a des choses que l’on ne peut nous enlever : l’espoir et la liberté. Des mots forts de sens. Je sais que c’est trop facile de le dire quand ce n’est pas soi-même qui est embrigadé, enfermé. Et je te comprendrais si tu ne partages pas mon point de vue face à ce que tu as vécu. Mais une chose est sûre petit frère, l’histoire a montré que les plus grands hommes et les plus grandes femmes qui avaient changé l’humanité, ces activistes endurcis, ces faiseurs de Nations sont « nés », se sont illuminés, dans les cages noires des prisons, sous la torture et les pressions des oppresseurs. J’espère vraiment que tu t’en sortiras, que tu en seras plus fort. Sache également que des gens qui ne te connaissent pas, comme moi, te soutiennent.

Petit frère, nous gardons espoir de te revoir.»

«ترجمة:لكم وددت، أيها الطفل الذي لم يتجاوز عمر المراهقة بعد، أن أتعرّف على قصتك في ظروف مغايرة. أخي الصغير الآن فجأة تجد نفسك مُقحمًا في عوالم يسود فيها انحطاط الكبار بلا حدود. في غضون أسابيع، أصبحتَ ضحية كل الشرور التي ينبغي على بلادنا مواجهتها: الفساد، وعدم احترام حقوق الإنسان، والعنف المفرط، والعبودية، وحالة انعدام القانون. لسوء الحظ، أخي الصغير، أنت لست الوحيد في مصيبتك هذه، لأن هناك الآلاف من الأطفال الذين يُعاملون معاملة الحيوانات. الأطفال المختطَفون والذين لم يُعثر عليهم مرة أخرى، مُحتجَزون مثل العبيد، ويُرسَلون إلى الدعارة، وحتى يُشترون ويُباعون من أجل أعضائهم.غير أن ذلك لا يُنقص من حزني حينما أفكر بك. لأنك كما هو الحال مع بقية الأطفال هنا، صرت فريسة. إني لأرجو من أعماق قلبي أن يصلك في يوم من الأيام القريبة، خطابي هذا وأنت طليق وفي صحة وعافية. لكن أينما كنت، إِعلم بأن هناك أشياءً لا يمكن للمجرمين أن يفتكّوها منا: الحرية والأمل. أعلم أنه من اليسير عليّ الكلام حينما لا أكون الشخص المُعتقل في زنزانة. ولسوف أتفهّم إن لم تشاطر وجهة نظري حول ما عشتَه. لكن الأمر الأكيد، أخي الصغير، أن التاريخ أثبت أن العظماء من الرجال والنساء الذين غيّروا البشرية، والنشطاء العنيدون، وبناة الأمم، وجد الكثير منهم دافعهم الأساسي بين القضبان السوداء للسجون، وبعد تعرّضهم للتعذيب وللإجراءات القمعية الأخرى. لشدّ ما أرجو أن تخرج من أسرك سالمًا وأن تجعلك هذه المحنة أكثر قوة. أرجو أن تدرك بأن أناسًا مثلي لا يعرفونك لكنهم دائمو التفكير بك. أخي الصغير، نرجو أن نراك قريبًا.»

أخذ تنامي معدل اختطاف الأطفال في مدغشقر بعدًا عالميًا. حيث أشار السفير الفرنسي السابق، “فرنسوا جلدبلاتّ” بأنّه قدّم لائحة بأسماء الأشخاص الذين تشتبه السفارة الفرنسية بتورّطهم في الإتّجار بالأطفال. وتشير الكثير من التقارير إلى أن مرتكبي عمليات الاختطاف السابقين أُخلي سبيلهم قبل تصاعد الموجة الأخيرة من اختطاف الأطفال، مما يؤكد خلل نظام العدالة في مدغشقر.

اختُطِف طفلين آخرين بعد أيام قليلة من حادثة “أنِّي” و”أرنود”. وفي سياق متصل، اعتُقِل مؤخرًا جنرال وثلاثة أعوان في الجيش لضلوعهم في اختطاف عائلة صاحب متجر من أصول صينية.

كتبت “أرينياينا”، وهي مساهمة في الأصوات العالمية، عن الخوف الذي تحاول أن تخفيه حينما يتعلّق الأمر بسلامة أطفالها :

اقتباس فارغ!

«ترجمة:أصبح اصطحاب طفلك الرضيع إلى المتجر المقابل مخاطرة. أنا أم وأخاف على سلامة أطفالي، قطعًا لست الوحيدة. ففي الأيام الأخيرة، كانت هناك موجة اختطاف للأطفال في المدن الكبيرة لمدغشقر. ماذا يمكن لحادثة قطع رأس بنت في السادسة من العمر أن تفعل فيك؟ هذه القصة جمّدت الدم في عروقي. لا يمكن أن أتمنى حدوث مصيبة بهذا الحجم لأي كان، حتى وإن كان من ألدّ أعدائي. يشعر سكان مدغشقر بالعجز التام إزاء هذه الموجة من اختطاف الأطفال. وفي واقع الأمر ييدو أن الشرطة لا تولي للأمر أية أهمية تذكر. والأسوأ من ذلك حسب بعض المصادر من مدغشقر، أن بعض جهات السُّلط التنفيذية تتجاهل بعض الشكاوي جملة وتفصيلاً.»

حادثة خنق طفلة الستّ سنوات وقعت في “أمبتلمبي”، ضاحية من ضواحي العاصمة “أنتننريفو”. إذ شوهدت البنت تدخل سيارة أجرة مع غرباء أغروها بالحلوى. وما تزال دوافع القتل غير معروفة بعد.

تبدو بعض الجهات، مثل جهة “صافا” في الشمال الشرقي لمدغشقر، أنها تفتقد إلى الحماية من مثل هذه الجرائم. وتستهدف العصابات في العادة الأقلية الغنية وذات الأصول الأجنبية. ويتراوح مبلغ الفدية من 40 ألف يورو إلى أكثر من مليون حسب عائلة الضحية.

مصادر

عدل