اعتصام طلاب برازيليين في أكثر من ثلاثمائة مدرسة في الأشهر الأخيرة
الجمعة 1 يوليو 2016
في نهاية عام 2015، اجتاحت موجة من الاعتصامات المدارس العامة بولايات ساو باولو وغوياس بالبرازيل، الموجة التي صاحبها احتلال الطلاب لمئات المؤسسات التعليمية خلال تظاهراتهم ضد تخفيض الميزانية.
خلال الشهرين الماضيين، عادت الحركة مجددًا إلى الظهور وامتدت إلى ولايات أخرى، منها ريو دي جانيرو وريو جراندي دو سول وسيارا. في ساو باولو، أضاف الطلاب المتظاهرون إلى قائمة احتجاجاتهم قضية مخطط الاحتيال المسمى “مافيا أموال الغداء” والذي يشارك به سياسيون وموظفون بالقطاع العام.
طبقًا للمعلومات المنشورة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالحركة، و خريطة أعمال الحركة، ومصادر إخبارية متعددة، تم الاعتصام بأكثر من ثلاثمائة مدرسة في وقت ما بين نهاية شهر إبريل – نيسان وحتى شهر يونيو – حزيران في سبع ولايات برازيلية. هذا العدد لا يتضمن المدارس التي اعتصم بها الطلاب في بداية عام 2016، مثل مدرسة عمدة مينديز دي مورايس في ريو دي جانيرو. هذا وقد فضت السلطات البرازيلية العديد من الاعتصامات في هذه الفترة.
يتظاهر الطلاب ضد الحالة السيئة للمدارس العامة في البرازيل، مطالبين بتعليم وبنية تحتية وطعام أفضل. طبقًا للتقارير الإخبارية، يتميز هؤلاء الطلاب، والذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة عشر وسبعة عشر عامًا، بحميتهم الشديدة تجاه الملكية العامة. حيث يتبادلون الأدوار في التنظيف وصيانة معدات المدارس، ما أدى بهم إلى اكتشاف أدوات ومواد جديدة تمامًا مخزنة بالمدارس. وتمكن هؤلاء الطلاب عبر دعم السكان لهم من إقامة نشاطات ثقافية عديدة، مثل حفلات الموسيقى والحصص الدراسية التي يتولاها مدرسون متطوعون.
بدأت الحركة في مدينة ساو باولو في الفترة ما بين سبتمبر – أيلول وديسمبر – كانون الأول عام 2015 عندما تم الاعتصام بمئتي مدرسة للاعتراض على سياسة إعادة التنظيم التي انتهجها حاكم الولاية جيرالدو ألكمين، والتي كانت ستقضي بإغلاق ثلاثة وتسعين مدرسة. نجحت الحركة في إجبار الحكومة على إلغاء خطتها، كما ألهمت حركات اعتصام مشابهة في ولاية غوياس، حيث كان هناك مشروعًا آخر قيد المناقشة، يهدف إلى توكيل إدارة المدارس العامة للمنظمات الخاصة والجيش والشرطة العسكرية. تم الاعتصام بثلاثين مدرسة في غوياس في أوقات متفرقة بداية من شهر يناير – كانون الثاني، وتم فض آخر هذه الاعتصامات في شهر مارس – آذار.
عادت الحركة إلى الحياة مجددًا هذا العام في شهر مايو – أيار في ساو باولو، وذلك بعدما كشف المدعي العام عن مخطط لُقِّب “ مافيا أموال الغداء“، حيث تلقَّى سياسيون وموظفون بالقطاع العام رشاوي في مقابل إبرام عقود مع موردي الطعام بمبالغ باهظة. تضمن المخطط المزعوم فيرناندو لوبيز، نائب الدولة ورئيس المجلس التشريعي بولاية ساو باولو، والحليف الوثيق لحاكم الولاية جيرالدو ألكمين.
تُعَد الوجبات المدرسية المقدمة للطلاب في مدارس ساو باولو رديئة وصغيرة بشكل فاضح، وهذا إن تم تقديم أي وجبات على الإطلاق.
طبقًا لصحيفة فوليا دي ساو باولو، تم الاعتصام بأربع عشرة مدرسة على الأقل في ساو باولو، تم إخلاء معظمها خلال أسبوعين. يدير الطلاب حراكهم أيضًا بوسائل أخرى، كمظاهرات الشوارع. كما قاموا أيضًا في بداية شهر مايو – أيار باقتحام الجلسة العامة للبرلمان، مطالبين بعمل لجنة تحقيق للتقصي عن المخطط. استجابةً لضغوط الطلاب، قدم النواب طلبًا لعمل لجنة تحقيق، وهي الخطوة الأولى في الإجراءات اللازمة لعمل لجنة تحقيق برلمانية.
كما حدث في عام 2015، واجهت قوات الشرطة حراك الطلاب بالعنف. كما ذكرت الوكالة الإعلامية المستقلة ديموكراتايز معلقةً على إخلاء الشرطة العسكرية لثلاث مدارس بدون مذكرة قضائية في الثالث عشر من شهر مايو – أيار عام 2016:
«النص الأصلي:“A Procuradoria Geral do Estado de São Paulo, que defende o governo Geraldo Alckmin (PSDB), orientou as secretarias estaduais a, daqui para a frente, fazer reintegração de posse de imóveis públicos ocupados por manifestantes sem recorrer à Justiça.
De forma autoritária e sem mandado judicial, pelo menos três ocupações foram invadidas por policiais de forma truculenta na manhã desta sexta-feira (13).»
«ترجمة:مدافعًا عن الحاكم جيرالدو ألكمين، العضو بالحزب الديمقراطي الاجتماعي البرازيلي PSDB، وجَّه النائب العام لولاية ساو باولو أجهزة الدولة للقيام منذ اللحظة باستعادة المباني العامة التي يعتصم بها المتظاهرون بدون الرجوع للجهات القضائية. نتيجةً لذلك، وبدون مذكرة قضائية، أغارت قوات الشرطة على ثلاثة اعتصامات بطريقة عدوانية في صباح الجمعة، الثالث عشر من مايو – أيار.»
في نفس اليوم، نقلت وكالة جورناليستاس ليفريس الإعلامية عملية إخلاء مبنى مجلس التربية والتعليم لمنطقة الغرب الأوسط (DECO)، والتي تمت أيضًا بدون مذكرة رسمية:
في التاسع عشر من شهر مايو – أيار، قمعت قوات الشرطة بعنف شديد مسيرة للطلاب تجاه وزارة التربية والتعليم. طبقًا لوكالة ديموكراتايز، تم اعتقال أربعة طلاب على الأقل وأُصِيبَ عدة طلاب آخرين. في مقطع الفيديو الذي نشرته صفحة O Mal Educado (قليلو التعليم) على فيسبوك، يُظهِر أحد الطلاب إصابة رأسه التي تلقاها من قوات الشرطة:
هذه هي “الديمقراطية” التي نعيشها!
بعد إخلاء المدارس في بداية العام، استمر الطلاب في ولاية غوياس في حراكهم ضد مشروع الاستعانة بمصادر خارجية لإدارة المدارس. كما أضافوا إلى مطالبهم مطلب حراك طلاب ساو باولو الذي ينادي بتحسين جودة الوجبات المقدمة في المدارس.
كما قمعت قوات الشرطة العسكرية احتجاجًا آخر في التاسع عشر من مايو – أيار، طبقًا لفيديو نشره مستخدم اليوتيوب Desneuralizador Brazil.
Ô secretário, cade você? على يوتيوب
كتبت أنا بياتريز تافاريس – الطالبة بولاية غوياس – على حسابها الشخصي على فيسبوك عن المظاهرة:
«النص الأصلي:Hoje, em um ato pacífico, contra a OS's fomos reprimidos pela PM ( aquela que tem o papel de cuidar da sua segurança, não é mesmo?)
Pedimos para o Secretário de Ciências e Desenvolvimento descer e receber nosso documento, com todas a nossas pautas. Ele não desceu, mas mandou a mão do estado pra cima de estudantes que lutam por uma educação melhor. Prenderam, jogaram bombas de efeito moral, atiraram e bateram em estudantes. Enquanto isso, acontecia um ato contra a legalização do aborto organizado pela SEDUCE, que levou ônibus com estudantes de colégios militares para essa “passeata”, mas a polícia não reprimiu esses estudantes, será por quê?
Essa é a “democracia” em que vivemos!»
«ترجمة:في مظاهرة سلمية اليوم ضد المنظمات الاجتماعية [الاسم الذي يطلق على الشركات الخاصة التي تدير المدارس] تم قمعنا من قبل الشرطة العسكرية (التي مهمتها الحفاظ على أمنك، أليس كذلك؟)
طلبنا من وزير العلوم والتنمية الحضور لتسلم مطالبنا. ولكنه لم يأتي، وأرسل أمن الدولة ضد الطلاب الذين يحاربون من أجل تعليم أفضل. قامت الشرطة العسكرية باعتقال الطلاب وضربتهم وهاجمتهم بالغاز المسيل للدموع والرصاص. وفي غضون ذلك، نظمت حركة سيديوس SEDUCE مظاهرة ضد إباحة الإجهاض، والتي أتت بحافلة ملأي بطلاب المدارس العسكرية للمشاركة في “المسيرة”، ولكن الشرطة لم تقمع هؤلاء الطلاب، ما هذا؟
هذه هي الديمقراطية التي نعيشها!»
نشرت صفحة Desneuralizador على فيسبوك مجموعة من الصور لمشاهد القمع والأشخاص الذين أصابتهم الشرطة العسكرية، كما نشرت مقطع فيديو يوضح ما حدث هناك من عنف.
‘هذا انتصار عظيم’
طبقًا للخريطة التي توثق أعمال الحراك الطلابي، استولى الطلاب على ثمانين مدرسة في ريو دي جانيرو، بعض هذه الاعتصامات تم إنهائها بالفعل.
بجانب قائمة المطالب العامة للحراك الطلابي التي تهدف إلى بنية تحتية وتعليم أفضل، لدى كل مدرسة تم الاستيلاء عليها مطالبها الخاصة. على سبيل المثال، يطالب طلاب كلية التطبيق بجامعة ريو دي جانيرو الحكومة بتوفير طعام مجاني، حيث أن مطعم المدرسة تم تأجيره لجهة خارجية مما يضطر الطلاب لدفع المال مقابل طعامهم.
كان إخلاء مدرسة عمدة مينديس دي مورايس في السادس عشر من مايو – أيار أحد المحطات البارزة في هذا الحراك. حيث كانت أول مدرسة يستولى عليها الطلاب في مارس – آذار، وتعرضت لمجموعة من الاقتحامات والتهديدات من قبل حركة مضادة لحركة الاعتصامات معروفة باسم Desocupa (ضد الاحتلال). أفاد أحد الطلاب بأن أعضاء هذه الحركة المضادة اقتحموا المدرسة وخربوها في العاشر من مايو – أيار، مما دفع الطلاب المعتصمين للانسحاب مؤقتًا من المدرسة لحماية أنفسهم.
بعد حصول قوات الشرطة على أمر قضائي بإنهاء الاعتصام، تم اخلاء المدرسة بشكل سلمي. أقنع طلاب مدرسة مينديس دي مورايس وزارة التربية والتعليم بتشكيل لجنة لزيارة كل مدرسة تم الاعتصام بها لتحديد احتياجاتها وإصدار مذكرة تعد بإصلاحات عاجلة بما قيمته 15,000 ريال برازيلي (حوالي 4400 دولار أمريكي). افاد الطالب جواو فيكتور لصحيفة فوليا دي ساو باولو:
«النص الأصلي:Estamos desocupando com mas foi atendida e isso é uma grande vitória. O Mendes foi a chave que abriu a porta para o restante da luta e seria injusto abandonarmos essa causa. Saímos daqui, mas continuamos com os nossos irmãos nas outras escolas.»
«ترجمة:ننهي اعتصامنا هنا بكل بهجة لأننا نستطيع الآن أن نمرر قدرتنا على التنظيم والفعل إلى الأخرين. قاومنا لمدة ستة وخمسين يومًا، رغم تعرضنا لهجمات من جميع الجهات. تحققت معظم مطالبنا وهذا نصر كبير. كانت مدرسة مينديس هي المفتاح الذي مهد الطريق لباقي الاعتصامات، وسيكون من الظلم أن نتخلى عن هذه القضية. نترك مكاننا هنا، ولكننا نستمر مع إخواننا في المدارس الأخرى.»
بينما في ريو دي جانيرو، اعتصم الطلاب بمبنى وزارة التربية والتعليم (SEEDUC) في العشرين من مايو – أيار، و تم إخلاء المبنى بكل عنف من قبل الشرطة العسكرية في اليوم التالي، كما يوضح الفيديو الذي نشره مستخدم يوتيوب فيكتور ريبييرو:
CHOQUE AGRIDE ESTUDANTES MENORES DE IDADE EM OCUPAÇÃO DA SEEDUCA sede da SE على يوتيوب
اعتصم الطلاب بمبنى وزارة التربية والتعليم مرة أخرى في الثلاثين من مايو – أيار.
ريو جراندي دو سول، سيارا، وولايات أخرى.
يبدو أن الحركة تنتشر في كل أنحاء البلاد، حيث تنضم ولايات جديدة مع الوقت للاحتجاجات. في ريو جراندي دو سول بجنوب البرازيل، هناك اعتصامات في 150 مدرسة، وهو عدد ضخم لحركة لم تبدأ سوى في السادس عشر من مايو – أيار. واجه هؤلاء الطلاب العنف والقمع. وفي سيارا، بشمال شرق البرازيل، تم الاعتصام بستة وخمسين مدرسة. وفي كلتا الولايتين، طبقًا لوكالة ديموكراتايز، انضم طلاب المدارس الثانوية إلى المدرسين الذين أعلنوا الإضراب.
في ولاية ماتو جروسو، أفادت الأنباء باعتصام الطلاب بأربعة عشر مدرسة للاحتجاج على الاتفاقية المبرمة بين الدولة وجهات خاصة لتوكيل الخدمات التعليمية لجهات خارجية. كما اعتصم الطلاب بمدرسة واحدة على الأقل بولاية مارينجا. وكذلك احتشد الطلاب في ولايات باهيا و برازيليا واعتصموا بمدرستين بولاية بارا في الشمال.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «اعتصام طلاب برازيليين في أكثر من ثلاثمائة مدرسة في الأشهر الأخيرة». الأصوات العالمية. 1 يوليو - تموز 2016.
شارك الخبر:
|