الإعلام السوري في عهد الأسد والثورة
الأربعاء 15 أبريل 2015
لم يسبق لسوريا أن تمتعت بإعلام حر منذ ما يقارب الخمسين عاماً، فبعد أن انقلب جزء من حزب البعث على الحكم واستلم حافظ الأسد مقاليد السلطة وتم تسليمها من بعد وفاته إلى ابنه بشار، كانت تجري عملية عصر وخنق للإعلام والإعلاميين.
في دولة البعث الأمنية، الصحفي عبارة عن موظف يأخذ عناوين مقالاته من الأفرع الأمنية، ويعمل براتب شهري أو يكون غير مرتبط بعمل دائم ويقبض على التقرير 300 ليرة سورية (6 دولار في وقتها). كما تم تحويل الإعلام الرسمي إلى قنوات تبث أيديولوجيا تتوافق مع سياسة حزب البعث فتحولت سوريا إلى نموذج مشابه لكوريا الشمالية كونها دولة مغلقة إعلاميًا.
لا مكان للصحافة الحرة في دولة الأسد
احتكرت القنوات الرسمية الإعلام المرئي الذي يحتاج لرأس مال كبير وكذلك الإذاعات طيلة ثلاثون عاماً، أما خلال عهد الأسد الابن الذي أراد اظهار تغيير في سياسة الدولة ومنح شكل وهمي من أشكال الحريات، فسمح بإطلاق عدد من الإذاعات والقنوات التلفزيونية. كانت تُعطى التراخيص بعناية فائقة بحيث لم يحصل عليها سوى رامي مخلوف ابن خالة الرئيس السوري وعدد من رجال الأعمال والسياسيين المقربين من العائلة الحاكمة ليبقى الخطاب الإعلامي نفسه دون أي تغيير.
منذ 1963 لم تصدر أي صحيفة خاصة إلى أن أتت جريدة الدومري عام 2000 لصاحبها الفنان السوري علي فرزات والذي زاره بشار الأسد عدة مرات في معارضه ووعده بالترخيص، لكن السلطة الديكتاتورية لم تعتد على سماع الكلمة الحرة فعادت وأغلقت الصحيفة عام 2003 بمرسوم قضائي لتكون التجربة الأولى والأخيرة بهذا المجال.
حاجة السوريين لإعلام بديل مواكباً للثورة
مع بدأ الثورة السورية في مارس / آذار 2011 اتجه الإعلام الرسمي والرديف للرسمي لإنكار كل ما يحدث في سوريا، فما كان من الثوار إلا أن اتجهوا إلى الإعلام البديل والضخ في شبكات التواصل الاجتماعي، فنشأ المدونون والمواطنون الصحفيون الذين شكلوا نواة الإعلام البديل، بحيث حصل عدد منهم لاحقاً على تمويل من جهات أجنبية و جهات غير حكومية (NGO’s) فنشأت مجلات ووكالات إخبارية ومواقع صحفية.
تطور الاعلام الثوري لنسخة عن الإعلام الرسمي السوري
نشوء الإعلام الثوري السوري كان نتيجة حاجة اجتماعية، لم يقم باستلام إدارته (بالغالب) أشخاص مختصين بمجال الإعلام، فما لبث أن تحول لمؤسسات خاصة يتصرف من يديرها على هواه دون إحساس بالمسؤولية أو التزام بمعايير الصحافة، مما لم يُكسب هذه “المؤسسات” ثقة الشارع السوري المعارض، ورغم ازدياد أعداد الجهات الإعلامية الغير حكومية، وأغلبها في دول الجوار السوري وإنفاق ملايين الدولارات على تدريب كوادرها من خلال ورشات تدريبية وبعثات وتزويدها بأحدث المعدات إلا أنها لم تستطع حتى اليوم تكوين جسم إعلامي موحد يحمل رسالة الثورة السورية ويوجه خطاب إلى الحكومات والشعوب يشرح من خلاله ما يحصل بسوريا أو يظهر حقيقة الشعب المظلوم والثائر، كما بدأ بعضهم يعامل الثورة السورية على أنها قضية ثانوية وانتقل ليبث برامج ثقافية واجتماعية ودولية.
تشرذم إعلام الثورة السورية
تُصدر المنظمات السورية والمؤسسات الإعلامية عشرات المجلات والجرائد المطبوعة داخل سوريا، لكن لكل منها رؤيتها وسياستها التحريرية وكثيراً ما تتضارب السياسات أو تتماهى مع طبيعة المنطقة التي تصدر فيها، وكانت من أشد الانتقادات التي ُوجهت للهيئات السياسية السورية التي تتصدر المشهد الدبلوماسي وتستلم الدعم من الجهات المانحة أنها لم تقوم بقولبة الإعلام بدائرة توجه خطاب الثورة لتخاطب فيه الغرب شعوباً وحكومات لحشد التأييد اللازم لدعم الثورة.
استقالات جماعية من مؤسسات إعلامية سورية مع الثورة
كثيراُ ما تحدث الاستقالات من الجهات الإعلامية بسبب الخلافات أو المخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها الإعلامي. لكن برزت في الفترة الأخيرة استقالات بشكل جماعي من راديوهات ومجلات مثل ما حصل مع رايدو روزنة (Rozana FM) بحيث تقدم أكثر من عشر موظفين باستقالاتهم وعللوا ذلك بسبب ابتعاد الإذاعة عن أجواء الثورة واهتمامها بقضايا اجتماعية ودولية، وتجاهل الإدارة للانتقادات المستمرة من الموظفين.
(راديو روزنة راديو سوري ثوري مدعوم من إذاعات فرنسية وهولندية وبعض المنظمات الأوربية)
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «الإعلام السوري في عهد الأسد والثورة». الأصوات العالمية. 15 أبريل - نيسان 2015.
شارك الخبر:
|