التخلّي عن مصرية تيران وصنافير: بين النقد والشرعية والغضب العام

الجمعة 30 يونيو 2017


وعقب تتويجه الرسمي للسلطة في 2014، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته بتقييد الحريّات الديمقراطية، وشدّد بقوة على الصحافة، وحدّ من دور المجتمع المدني.

وتشمل آخر جهوده المثيرة للجدل نقل ملكية جزيرتيّ البحر الأحمر تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، والتي حازت مؤخرًا على موافقة البرلمان، بالرغم من بعض الاختلافات التي حدثت خلال عملية التصويت.

وكانت سيادة مصر على تيران وصنافير نقطة خلاف عامة منذ أن التقى ملك المملكة العربية السعودية عبد العزيز سلمان مع السيسي عام 2016 في القاهرة. وتعهدت المملكة الغنية بالنفط بتقديم مليارات الدولارات للمساعدات والاستثمار، ووقّعت أيضاً اتفاقاً ثنائياً لإقامة منطقة صناعية في مصر، وأعلنت عن سلسلة من الاتفاقات بين البلدين.

ونظراً لاقتصاد مصر المتعاظم، كان التدفق النقدي هو الدافع الرئيسي للسيسي ونظامه ليكون في المقابل إعطاء حليفه السعودي: جزيرتان في موقع إستراتيجيّ في البحر الأحمر.

وقد أثار هذا الاتفاق احتجاجاً عاماً حيث خرج العديد من المصرين إلى الشوارع، مطالبين بتنحي السيسي واتهامه ببيع أراضي الوطن. ويبدو أن الاحتجاجات كانت ذات أهمية كبيرة نظراً لتقلص المساحة المخصصة للتجمع السلمي في عهد السيسي، وقد بدا أن محكمة العدل الإدارية المصرية عطلت عملية نقل الأراضي في حزيران/يونيو 2016.

وقد أيدت المحكمة الإدارية العليا في مصر هذا الحكم في كانون الثاني/يناير 2017. وفيما يلي مقتطف من القرار:

«النص الأصلي:أخيرا، قد وقر واستقر في عقيدة المحكمة، أن سيادة مصر على جزيرتيّ تيران وصنافير مقطوعٌ بها، وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية ما انفك راجحًا رجحانًا يسمو إلى اليقين، ذلك كأثرٍ لسيادتها المستقرة من ناحية، وأن الحكومة لم تقدم ثمة وثيقة أو شيء آخر يغيّر أو ينال من حقيقة هذا الأمر.»

ومع ذلك فإن هذا الانتصار الشعبي لم يدم طويلاً. حيث أوضحت صحيفة مدى مصر المستقلة ما يلي “وقد أصرّت الحكومة، تحت ضغط سعودي، على المضي قدماً في عملية التحويل، حيث توجهت إلى البرلمان بعد اتخاذ سلسلة من الترتيبات لضمان تمرير الصفقة”.

بالرغم من أن الاتفاق كان يتطلب أكثر من 500 عضوًا في البرلمان من مجموع 596 من شاغلي الأصوات المؤهلة، للموافقة عليه، إلا أن الحصول على هذة الموافقة كما أوضحت مدى مصر كان في الواقع أمرًا بسيطًا بالنسبة للحكومة.

في 14 حزيران/يونيو، أيّد البرلمان المصري عملية نقل ملكية الجزيرتين. وصرح رئيس مجلس النواب علي عبد العال بالآتي “أعلن عن موافقة مجلس النواب النهائية على اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية الموقعة في 8 نيسان/أبريل 2016″.

وأشار مصدر برلماني لم يتم الكشف عن هويته لمدى مصر أن “الضغوط الحالية والأمن الرئيسي قاموا بتهديد البرلمانيين الرافضين للتصويت”.

يعتبر الاستمرار في عملية نقل ملكية الجزيرتين بالرغم من الحكمين الصادرين والغضب الصريح للشعب إشارة مثيرة للقلق من ناحية تجاهل السيسي للسلطة القضائية والشعب–فضلاً عن السياسة المحفوفة بالمخاطر. ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في مصر عام 2018، ويعتبره منتقديه مسيئًا استعمال السلطة وخائنًا للإرادة الوطنية بهذة الخطوة. وفي نهاية الأمر قد لا تمثل الجزيرتان السيادة المصرية فحسب، بل شرعية السيسي نفسها.

“عندما تبيع أرضك، عندما تبيع شرفك، فأنت خائن”

دعى الغضب المصري من صفقة بيع الجزر إلى مسيرات في حزيران/يونيو احتجاجاً على قرار السيسي.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أكّد المصريون على حق بلادهم في ملكية الجزيرتين. حيث نشر رئيس حزب الحياة مايكل منير صورتين من مكتبة الكونغرس، يعود تاريخهما إلى عام 1897، والتي تظهر الحدود البحرية المصرية مع تيران وسانفير.

وفي مشاركة من موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أعرب الساخر السياسي باسم يوسف عن اشمئزازه من الحكومة وأفعالها على تيران وصانفير قائلاً: في مقتطف:

«النص الأصلي:انا عمري ما تخيلت اني اكتب كمية الشتايم دي بس عمري ما تخيلت اننا نبقى بالموات و السلبية و قلة الحيلة دي و الارض بتتباع عادي. احه، يعني المفروض الاسبوع ده عادي جدا ان البرلمان بيناقش نسيب ارضنا لبلد تانية و لا لا؟ كس ام المهانة و الذل»

وواصل باسم يوسف في التعبير عن غضبه، موضحاً:

«النص الأصلي:الجيل اللي اتغلب على امره و هو بيشوف البلد بتتباع حتة حتة و مش عارف يعمل حاجة. للاسف لو حد حاول يعمل حاجة مصيره يا السجن يا الموت . يلعن روحنا كلنا واحد واحد. يلعن أبو ده زمن على دي بلد على ابونا كلنا.»

وبالمثل، كتبت الناشطة السياسية والصحافية نورهان حفزي على حسابها الشخصي على الفيس بوك:

«النص الأصلي:طب لؤاءات وضباط الجيش مش غيرانين حتى لكون مضيق تيران هتحول لممر دولي ملناش سيادة حقيقية عليه بعد ما دفعنا دم عشان يفضل تحت سيادتنا، مبيفكروش في تامينا في معارك قادمة ولا خلاص إسرائيل امان وحبيبة، حقيقي اللي لازم يتحمل المسئولية كاملة ويتجرس قبل السيسي هو الجيش من أكبر لؤاء لاصغر ضابط قرروا يفرطوا عادي»

وموجه الغضب تمتد أيضاً إلى تويتر:

قام العديد من المصريين، بمن فيهم الناشطون في مجال حقوق الإنسان والصحفيون والسياسيون، بتوجيه أصواتهم من خلال هاشتاج “تيران_صنافير_مصرية”.

حيث غرد الصحفي عمرو خليفة من خلال حسابه الشخصي على تويتر بالآتي:

اقتباس فارغ!

وغرد أيضاً الناشط حازم أمين بصورة للرئيس السابق محمد مرسي، الذي أطاح به السيسي في تموز/يوليو عام 2013 قائلاً:

اقتباس فارغ!

وفي الوقت نفسه، انتشرت دعوات للاحتجاجات الجماهيرية في جميع أنحاء البلاد في الهاشتاج: “نازلين بكرة عشان” و “سقطت شرعيتك يا سيسي”.

وكتب أيضاً السياسي المصري عمرو عبد الهادي:

اقتباس فارغ!

وقام الناشط محمد إمام بالتغريد، قائلاً:

اقتباس فارغ!

وقام مستخدم آخر لتويتر بنشر صورة، دعا الناس فيها إلى التوجه إلى الشوارع:

اقتباس فارغ!

مصادر

عدل