الجورجيات تنزلن إلى الشارع للتنديد بمعاداة المرأة وبالعنصرية

الأربعاء 16 أغسطس 2017


هذا المقال مشاركة من طرف EurasiaNet.org بقلم جيورجي لومسادز، وتمت إعادة نشره على موقع الأصوات العالمية بإذن.

في أحد الأحياء التاريخية والمعروفة بتنوعها العرقي للتبيليسي، أضحت عاصمة جورجيا ساحة معركة لحرب ثقافية حول حقوق الأقليات. في أقل من أربعة أيام عرف شارع أغماشنيبلي وسط المدينة مظاهرتين: إحداهما قادها أنصار القومية المتطرفة والأخرى تبناها معارضون لهم.

في 19 يوليو/ تموز نزحت أعداد غفيرة من المتظاهرات إلى الشارع وهن يرددن “مقاومة النساء بدأت !”. نددت المتظاهرات بمعاداة المرأة وبالعنصرية وكذلك بالتهديد المزعوم بالاغتصاب الجماعي التي تم إطلاقه في مسيرة الجورجيين، إحدى مظاهرات الأسبوع المنصرم، ضد تدفق مسلمي الشرق الأوسط.

“نحن هنا لندين الموقف الخطير تجاه النساء والذي عبر عنه المشاركون في ما سمي بمسيرة الجورجيين وأيضًا للتعبير عن تضامننا مع الأجانب الذين يعيشون في جورجيا”، تقول روسيكو أميريجيبي، متظاهرة ومتخصصة لسانيات تدرس الجورجية لغة أجنبية.

“أنا لا أساند فقط المهاجرين الشرعيين، أساند حتى غير الشرعيين منهم. أولئك الذين يأتون للبحث عن حياة أفضل في جورجيا. أولئك الذين يعيشون بهدوء ولا يرتكبون أية جرائم.”

“الإجرام ليس له جنسية. على الحكومة معاقبته، لا مجموعة من الغاضبين”، تؤكد روسيكو.

أجج متزعمو مسيرة الجورجيين في 14 يوليو/ تموز مشاعر الكراهية ضد المهاجرين بإدعاءاتهم المزعومة لحالات تحرش جنسي تعرض لها قاصرون وكذلك حالات تدنيس لبعض الأماكن المسيحية التاريخية جراء وصول مهاجرين من الهند ومن دول إسلامية.

عندما وصفت تاتيا دوليز الأستاذة المحاضرة بجامعة جورجيا والمعروفة بخطابها الشهير بالأمم المتحدة سنة 2016 تجمع أنصار النزعة القومية المتطرفة بالمعادين للأجانب. رد عليها أحد منسقي المسيرة، الممثل والمغني جيا كوركوتاشفيلي البالغ من العمر 57 سنة بتدوينة على الفيسبوك يقول فيها: دوليز “يجب أن تن******”

“أنا متقدم في السن بالنسبة لهذه الأعمال الجماعية، تقدموا أيها الشبان”، كتب إلى مخاطبيه.

لقد أطلقت الشرطة تحقيقًا على خلفية هذه المحادثات.

بالنسبة للمشاركين في مسيرة التضامن النسائية، تعتبر مثل هذه الآراء جزءًا من حقيقة أضحت أكثر انتشارًا في جورجيا.

“نريد أن نبين للمجتمع أن هؤلاء الفاشيين الذين يدعون الحفاظ على الثقافة الجورجية، لا يدافعون سوى عن صلاحياتهم للقمع وإخضاع النساء”، تصرح المناضلة عن حقوق المرأة والإعلام الحر نينيا كاكابادزي.

في حين حاول كوركوتاشفلي التقليل من شأن تعليقاته المحرضة وتعليقات مناصريه بإدعائه أنها محض محادثات خاصة. ويعترف بأنها تعليقات بذيئة، لكنها لا تشكل أي تهديد حقيقي.

بكلماته هذه، لم يقم كوركوتاشفلي سوى بصب الزيت على النار.

“ما يجب اعتباره محادثة خاصة بين شخصين… أصبح هدف نساء تدعين أن أجسادهن غير محمية وأن شخصًا ما لديه النية في اغتصابهن جماعيًا وما إلى ذلك” يؤكد ذات المتحدث للقناة التلفزيونية أوبيكتيفي. ” لن ترغبن في أن يتوجه إليكن أحد بمثل هذه النوايا”، يخاطب منتقداته.

بالنسبة للنساء المناضلات، تلخص مثل هذه التعليقات مشاكل المجتمع الجورجي الذكوري. “هم نفس الرجال الذين يقدمون نخب الاحتفال إلى زوجاتهم وهم يتناولون عشاء السوبرا [ طبق جورجي تقليدي] ومع ذلك لا يرون فيهن سوى أجسام لإرضاء نزواتهم الجنسية والتناسل ويمكنهم تعنيفهن لفظيا أو جسديا كما يحلو لهم”، تعلق كاكابادز.

من وجهة نظر ذات المتحدثة، يأتي التعامل الذي يطال الوافدين الجدد من دول الشرق الأوسط وآسيا من نفس الشعور الذي يحدد أدوار الرجال. تعتقد الصحفية والمعلقة الشهيرة بإذاعة RFE/RL سالوم أستياني أن هذا الغلو في القومية والذكورية هو محاولة للإحساس بالأمان من طرف هؤلاء الجورجيين الذين يعانون التهميش بجورجيا اليوم.

“هم يحسون بأنهم لا يملكون المحددات العصرية للنجاح: فهم لا يتكلمون الإنجليزية ومداخيلهم محدودة. لهذا السبب، كل ذلك العرض الذي يقول “نحن-رجال-حقيقيون” ما هو إلا ردة فعل وطريقة للتعويض”، تفسر لنا.

وقد ظل عدد كبير من رجال الشرطة الذين شكلوا الحزام الأمني للمظاهرة يبتسمون ويتهامسون ساخرين وهم يسمعون الشعارات المؤيدة للمرأة.

وفي الوقت الذي كانت تجوب فيه المناضلات شارع أغماشينيبيلي متبوعات ببعض الرجال وبعض المتحولات جنسيًا، اكتفى المارة الذين يعيشون أو يعملون في الحي والمنحدرون من الشرق الأوسط بالمشاهدة. في حين فضل بعضهم الانزواء داخل بعض المحلات أو المطاعم، كونهم لا يعرفون إن كانت المظاهرة تصب في صالحهم أم لا.

” قالوا لنا أنهم سيخرجون من أجلنا، لكني لا أفهم لماذا يوجد الكثير من النساء. ألأن الجورجيين يكرهون الأجانب ولأن الجورجيات يحبونهم؟”، يتساءل طالب طب من أصل عراقي.

وقد حاول بعض الجورجيين المحسوبين على الحي والذين شاركوا في مظاهرة 14 يوليوز/ تموز الابتعاد عن متزعميها. “إنه لعار كل تلك الأشياء الفظيعة التي قيلت عن تلك الشابة [دوليز]”، تؤكد نانا – سيدة مسنة رفضت ذكر اسمها العائلي. “أنا مسرورة لرؤية هؤلاء الناس يحتجون ضد أولئك الجهل. سيكون درسًا لهم.”

بالرغم من ذلك تحاول نانا توضيح سبب مشاركتها في المظاهرة القومية. مثلها مثل كثير من الجورجيين، هي تشعر بتهديد جراء الحضور المتنامي للعرب والإيرانيين والأتراك بذات الحي وبجورجيا على العموم.

“نحن فصيلة في طور الانقراض”، تقول نانا. “اسمعني يا بني، كل هذه الشاورما، كل هؤلاء الرجال بثيابهم، كل هذه النساء المغطاة أجسادهن من الرأس إلى القدم… امنحنا عشرين سنة ولن تشاهد بعدها أحدا من أصول جورجية هنا.”

يؤكد المشاركون في مسيرة التضامن النسائية أنه سيتم الرد على كل شعارات التطرف العنصرية أو الذكورية منها. “ليس لدي الكثير من الأمل في التغيير، لكن سنقدم دعمنا لخلقه”، تؤكد كاكابادز.

مصادر

عدل