الحرية لباسل: من خلف شاشات المقاومة السورية
الأحد 16 مارس 2014
الكاتبة مونيك دوبرت
التقيت للمرة الأولى بباسل في ملتقى المدونين العرب عام ٢٠٠٩ في بيروت. أول مرة رأيته في العمل، كان يساعد المقدم بترجمة موضوع تقني من الإنجليزية إلى العربية. بارتجال، فقد طُلب منه المساعدة في اللحظة الأخيرة ودون تحضير مسبق. خلال استراحة القهوة أخبرني عن خطته في البدء بمشروع فضاء القراصنة (hacker space) في دمشق. كنت أعرف انه كان رجلًا خاصًا جدًا.
بعد هذا المؤتمر التاريخي التقينا عدة مرات في بيروت ودمشق. وبالطبع زرت فضاء قراصنته، على Aikilab.
لم يكن أحد ليتوقع انطلاقة الانتفاضات العربية بهذا القرب وبتلك السرعة. منذ بداية الثورة في مارس / آذار ٢٠١١ بقيت على اتصال مع باسل وبعض من اصدقائه في Aikilab. أخبرته عن مشروع سرد القصص الذي أنوي كجزء منه الترتكيز على مجموعة من الأصدقاء في المنطقة. مع مرور الوقت، تحولت هذه الفكرة الأولية إلى قصة سرد صحفي يركز على شخصية واحدة – باسل. ومع ازدياد التعقيدات المتصلة بزيارتي لدمشق، اقتصر التواصل معه على البريد الإلكتروني، وسكايب، وعبر مشاركاته وتغريداته (التي كانت كثيرة).
باسل، رائد أعمال ناجح على الإنترنت. قبل اعتقاله كان يعمل لحساب شركات عالمية، مما وفر له دخلًا جيدًا، احتفل وسهر مع الأصدقاء من الوسط الفني والسينمائي. عندما طلبت منه هيئة الإذاعة البريطانية BBC تسجيل أشرطة فيديو ترصد الثورة ومن ثم تهريبها خارج البلاد، تغيرت حياته بشكل كبير. أدار فريقًا من المتطوعين، مسلحين بالهواتف المحمولة فقط، وقاموا يتوثيق الثورة السورية ونشر أخبارها عبر وسائل الإعلام الاجتماعية. باسل تمتع سرًا بهذا العمل المقاوم، بنى صداقات لمدى الحياة والتقى بفتاة أحلامه. لكن ومع اشتداد الصراع، بعض اصدقائه اضطر للهرب، أو ألقي القبض عليهم أو تمت تصفيتهم. وبشكل ملحوظ، ولفترة طويلة، بقي باسل سالمًا، ما دفع أصدقائه للتساؤل: من الذي كان يحميه؟. ثم، وفي ١٥ مارس / آذار ٢٠١٢ وتزامناً مع الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية نفذ حظه إذ ألقي القبض عليه حيث تعرض للتعذيب. ولا يزال سجينًا حتى يومنا هذا.
بعد اعتقاله، أصبح بحثي أكثر انتظامًا. قام باسل ببعض الأشياء الرائعة خلال العام الأول للثورة – وأنا واثقة من القصة المشار إليها أعلاها والتي لا تصف سوى غيض من فيض.
إن كتابة القصة كشخص من الخارج هو أمر معقد، ولكنها تتيح أيضًا العديد من المزايا. فمن السهل أن تسأل أسئلة سخيفة. ولكوني لا أتكلم العربية، وجدت نفسي أراقب تعابير الوجوه ولغة الجسد وغيرها من التفاصيل عن كثب. وعلى الرغم من أن بعض جوانب القصة غاب حتمًا لكن مراقبة الوضع من مسافة يساعد في وضعها في منظور أوسع وأحيانًا أكثر وضوحًا.
استشرت الأسرة والأصدقاء والخبراء على مخاطر نشر القصة، معظمهم يعتقد أن أهمية نشر هذه القصة ينقض أي مخاطر محتملة. هذه قصة قصيرة حول مجموعة من الأصدقاء – الشباب، من الطبقة المتوسطة الحضرية – جزء من تاريخ سوريا الحديث. من نواح كثيرة كان نمط حياتهم وأحلامهم مماثلة لتلك التي لدى الشبان في المناطق الحضرية الأخرى، لكن حياتهم تغيرت بشكل كبير خلال الثورة والحرب الطاحنة اللاحقة.
أعتقد أنه من المهم التبكير في تسليط الضوء على المُثُل العليا للثورة السلمية. وآمل مخلصةً أن بعض الضوء من تلك الفترة يعود للتألق عبر الإقتتال الحالي ومن العنف والتدمير التي يستهلك البلاد.
كل ما يمكنني القيام به الآن هو الأمل في أن باسل سيعود رجلًا حرًا من جديد قريبًا جدًا حتى يتمكن من الانضمام إلى زوجته وعائلته وأصدقائه. وقراءة هذه القصة على هاتفه الذكي.
مونيك دوبرت كاتبة وداعية وسائل إعلام ومسؤولة مشروع في Hivos. تعيش في هولندا.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «الحرية لباسل: من خلف شاشات المقاومة السورية». الأصوات العالمية. 16 مارس - آذار 2014.
شارك الخبر:
|