بعد قرن على المذبحة، ناميبيا تطالب ألمانيا بالعدالة
الجمعة 21 أبريل 2017
استضاف متحف الفن والتاريخ اليهودي في باريس عاصمة فرنسا بداية من 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وحتى 12مارس/آذار 2017 معرض خُصص لمذبحة قبيلتي الهيريرو والناما من ناميبيا والتي تُعتبر أول عملية إبادة في القرن العشرين.
حكمت ألمانيا جنوب غرب أفريقيا (المعروفة حاليا بناميبيا) عقب مؤتمر برلين عام 1884 الذي قسمت فيه القوى الأوروبية قارة أفريقيا بينهم وحتى عام 1915.
ارتكبت قوات الاستعمارالألمانية عملية إبادة جماعية بحق قبيلتي الهيريرو والناما بين عامي 1904 و 1908، حيث قضت على ما يقارب من 65 ألف شخص من الهيريرو وعشرة آلاف من الناما. مايزيد من بشاعة المأساة أن جماجم الضحايا أُرسلت إلي ألمانيا لأغراض البحث العلمي عن الاختلاف العرقي.
نجحت في النهاية ثورة القبيلتين على الألمان بقيادة الزعيم صامويل ماهاريرو في استعادة أراضيهم وإنهاء كل مظاهر الاغتصاب والاحتقار المنتشرة للمستعمر الألماني. اتخذت المعركة بين الجانبين شكل حرب الشوارع والتي أدت إلى ما أطلقت عله الصحفية فيرونيك شيملا لقب (الصدام الأكبر).
الصحفية المتخصصة في العلاقات الدولية فيرونيك شيمل والعاملة في عدة صحف مثل: American Thinker وAmi وFrontPage Mag – وصفت تلك المعركة كالآتي:
«النص الأصلي:ke 12 janvier 1904, « alors que les troupes allemandes sont occupées à tenter de mater la “rébellion” des Nama Bondelswartz dans le Sud, des Herero d’Okahandja, exaspérés par les injustices commises par Zürn et la perte continue de territoire, s’en prennent aux fermes allemandes, aux commerces et à l’infrastructure coloniale. Ces attaques entraînent une brutale répression de la part des soldats et des colons qui se livrent à des actes de lynchage et de représailles aveugles ».»
«ترجمة:في 12يناير/كانون الثاني عام 1904 وبينما القوات الألمانية منشغلة بقمع متمردي الناما في الجنوب، انتفضت قبيلة الهيريرو بدافع الظلم والجور الألماني الذي أفقدهم أرضهم وهاجموا المزارع والمتاجر الألمانية ومنشآت البنية التحتية للمستعمرة؛ ما دفع القوات الألمانية للانتقام بعشوائية وعنف وأعدمت الكثيرين بلا محاكمة.»
“أدت المبالغة في وصف هجمات الهيريرو إلى زيادة الرغبة الألمانية في إشعال الحرب.”
تصاعدت الاحتجاجات مع استمرار العنف وتحولت إلى صراع، مما دفع ماهاريرو إلى دعم المتمردين، وأدى ذلك لإشعال غضب السياسيين في برلين. نجح رجال ماهاريرو في الصمود في وجه قوات لويتفين باستخدام سياسة حرب الشوارع. عُزل لويتفين من قيادة القوات وحل محله الجنرال القاسي لوثر فون تروثا الذي وصل إلى المستعمرة في يونيو/حزيران عام 1904 بصحبة الآلاف من الجنود.
قاد الجنرال لوثر فون تروثا 15 ألف جندي في حملة قمع وحشية.أصدر الجنرال أوامره يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول عام 1904 بتنفيذ عملية التهجير المنظم لأعضاء القبيليتين كما وصفها جياكوبي أستاذ التاريخ الفرنسي في أحد منشوراته على مدونته Le Blog de Daniel Giacobi كما يلي:
«النص الأصلي:Les Hereros ne sont plus des sujets allemands. S'ils n'acceptent pas, ils seront contraints par les armes. (Ils) doivent quitter le pays sinon, je les délogerai avec le « groot Rohr » (grand canon)… Tout Héréro aperçu à l'intérieur des frontières allemandes [namibiennes] avec ou sans arme, sera exécuté. Femmes et enfants seront reconduits hors d'ici – ou seront fusillés. Aucun prisonnier mâle ne sera pris. Ils seront fusillés. Décision prise pour le peuple Héréro. Dans les frontières allemandes, chaque Herero armé ou non, en possession de bétail ou pas, sera abattu. Je ne recevrai plus de femmes ou d’enfants. Je les renverrai aux leurs, ou je leur ferai tirer dessus». « Ma politique a toujours été d'exercer celle-ci par le terrorisme brutal, voire par la cruauté. J'anéantis les tribus insurgées dans des flots de sang et d'argent. C'est la seule semence pour faire pousser quelque chose de nouveau qui soit stable.»»
«ترجمة:الهيريرو ليسوا رعايا ألمان بعد الآن. إن لم يتقبلوا ذلك سوف يتم إجبارهم بقوة السلاح، يجب عليهم مغادرة البلاد وإلا سأسحقهم بالمدافع الثقيلة.
أى شخص من الهيريرو سيُشاهد داخل الحدود الألمانية (الناميبية) سيُعدم سواء كان مسلحًا أم لا. ستُهجر النساء والاطفال خارج البلاد أو يُقتلوا. لن نبقي أسرى، سيُقتلوا أيضًا، هذا هو القرار الذي اتخذناه بخصوص قبيلة الهيريرو. أي شخص من الهيريرو داخل الحدود الألمانية سواء كان مسلحًا أو راعيًا للماشية سيُقتل. لن أستقبل المزيد من النساء أو الأطفال، سأرسلهم خارج البلاد أو أقتلهم.
ستبقى سياستي دوما هي السيطرة عن طريق الإرهاب الوحشي والقسوة. سأستخدم المال لإغراق القبائل المتمردة في بحور من الدماء. هذه هي البذرة الوحيدة التي ستنمو لتصبح شيئا جديدًا وثابتًا.»
L'Holocauste Oublie des Peuples Nama et Herrero Genocide du Peuple Noire على يوتيوب
حاصر الألمان قبيلتي الهيريرو والناما في معركة واتربيرج في أغسطس/آب عام 1904، تاركين لهم منفذًا وحيدًا للهرب عبر صحراء كالاهاري حيث سُممت آبار المياه.
«النص الأصلي:Pour compléter le tableau il installa des postes de garde en leur donnant l'ordre formel d'abattre tout Herero quel que soit son âge ou son sexe… Ce fut un massacre systématique que certains estiment entre 25 000 et 40 000 morts (d'autres parlent de 60 000 victimes)»
«ترجمة:في النهاية نُصب الحراس وأُعطيت لهم الأوامر بقتل أي هيريرو بغض النظر عن الجنس أو السن؛ وكانت النتيجة هي مجزرة بشرية منظمة أسفرت عن ما يتراوح بين 25 ألف و40 ألف قتيل (بعض الروايات تتحدث عن 60 ألف ضحية).»
موقع libeafrica4.blogs.liberation.fr الذي يديره فينسنت هيريبارين المحاضر في التاريخ الأفريقي والعالمي بكلية كيجنز لندن نشر مقابلة بين جان بيير بات مع المؤرخة بجامعة أوتريخت ليونور فابر جونكر وضحت فيها الطرق التي استخدمها الألمان لإبادة الأفارقة كما يلي:
«النص الأصلي:C’est en réalité la politique que suivait déjà, sans le dire, von Trotha depuis l’attaque de Watterberg. Au cours de la bataille, les Herero qui sont parvenus à s’échapper de l’encerclement allemand ont fui en direction de l’Omaheke. Von Trotha ordonna leur poursuite, ratissant systématiquement le terrain et neutralisant les points d’eau. Poussés vers le désert, ces Herero finissent par mourir de déshydratation et de faim. Cette traque n’a pas été sans conséquence, non plus, sur les Allemands…
Des copies de l’ordre écrit étaient brandis à la capture d’Herero, qui étaient forcés d’assister à l’exécution de certains de leurs camarades prisonniers avant d’être renvoyés dans le désert, afin de témoigner de ce qu’ils ont vu et de décourager les Herero de revenir.»
«ترجمة:كانت هذه هي السياسة التي أتّبعها فون تروثا منذ معركة واتربيرج وإن لم يصرح بها، أمر فون تروثا أثناء معركة ووتربيرج بتتبع أي شخص من الهيريرو ينجح في الهروب من الحصار الألماني إلي أوماهيكي وتمشيط المنطقة جيدًا والسيطرة على آبار المياه، مما دفع الهيريرو إلى الهروب نحو الصحراء وماتوا في النهاية من الجوع والعطش. كانت لهذه الملاحقة تبعات على الألمان أيضًا.
رأى أفراد الهيريرو أوامر ضبطهم الكتابية حينما قُبض عليهم، وأُجبروا على مشاهدة إعدام زملائهم المعتقلين قبل نفيهم إلى الصحراء لكي يقصوا ما حدث لباقي أفراد القبيلة ويحبطوا أملهم في العودة مرة أخرى.»
سلك المستعمرون سلوكًا بشعًا،عن طريق سرقة الأراضي واغتصاب نساء الهيريرو والناما. أبرز الموقع الإلكتروني للنصب التذكاري لضحايا المحرقة ممارسات المستعمر كسرقة الأراضي والماشية ومعاملتهم للأفارقة بلا أي احترام.
استشرى الاغتصاب نتيجة قلة النساء الألمانيات، وأدى خوف الألمان من انحدار الجنس الآري إلى منع الزواج بين الأجناس المختلطة منعًا تامًا في سبتمبر/أيلول 1905. أسس علم الأنثروبولوجيا الألماني تلك الأفكار عن الاختلافات العرقية في نهاية القرن التاسع عشر، حيث قسم الأجناس إلى جنس (متحضر) وآخر (بدائي). كان من المأمول فهم الأجناس البشرية عن طريق المتابعة الدقيقة للجنس البدائي مثل هؤلاء الذين عُرضوا في حدائق الحيوان البشرية (التي شاعت جدًا في أوروبا في ذلك الوقت).
اُكتشفت إحدى عشرة جمجمة من ضحايا المجزرة عام 2011. قبل ذلك كانت تلك المأساة سرًا مدفونًا كما ذكر موقع النصب التذكاري للمحرقة:
«النص الأصلي:Le Blue Book, un rapport officiel du gouvernement britannique faisant état des atrocités commises dans le Sud-Ouest africain allemand, réalisé peu de temps après la reconquête de la colonie pendant la Première Guerre mondiale, est censuré en 1926 dans l’intérêt de l’unité blanche. Par la suite, la vision allemande faisant du génocide une guerre coloniale héroïque domine le paysage mémoriel au sens propre : l’ancienne colonie est envahie de monuments et de noms de rues commémorant l’effort de guerre allemand.
Après 1945, le passé colonial est tout sauf oublié en Allemagne. Dans le Sud-Ouest africain, la suppression du régime d’apartheid étouffa tout débat public sur le génocide. Ce fut aux descendants des victimes qu’il incomba de garder vivante la mémoire du génocide aussi bien dans des commémorations que par la transmission orale.»
«ترجمة:الكتاب الأزرق هو تقرير رسمي للحكومة البريطانية أُدرجت فيه الفظائع التي أُرتكبت في جنوب غرب أفريقيا الألمانية، وحُرر بعد إعادة غزو المستعمرة خلال الحرب العالمية الأولى بفترة قصيرة، واُقتطعت أجزاء منه عام 1926 في ظل العلاقات الجيدة بين بريطانيا وألمانيا وقتها. سيطرت الرؤية الألمانية للمجزرة على أنها عمل استعماري بطولي على المشهد تمامًا، حيث امتلأت المستعمرة السابقة بالنصب التذكارية واحتفت أسماء الشوارع بمجهودات الحرب الألمانية.
لم يُنسى الماضي الاستعماري في ألمانيا بعد عام 1945. منع نظام الأبارتايد القمعي في جنوب غرب أفريقيا أي جدال عام يخص المذبحة، وحمل أحفاد الضحايا عبء إحياء ذكرى المذبحة سواء عن طريق تنظيم بعض المناسبات أو عن طريق التراث الشفهي.»
وافقت الحكومة الألمانية أخيرًا في يوليو/تموز 2015 على تسمية تلك الأحداث بالمذبحة رسميًا بعد الاعتراف بالمذبحة الأرمينية. لكن الحكومة لم تتقدم باعتذار رسمي أو تلمح عن نيتها في تقديم تعويضات. مما أدى إلى عقد اجتماع في المركز الفرنسي ببرلين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بجمع كل المؤيدين من عدة دول لحق الهيريرو والناما للتدخل مباشرة في التفاوض بغرض الوصول لحل يشمل الاعتراف بالمذبحة، وتقديم اعتذار مناسب وصادق للقبيلتين المتضررتين، وتعويضات عادلة للجماعتين اللتين تعانيان من تداعيات المجزرة حتى الآن.
منذ استقلال ناميبيا عام 1990 يناضل أحفاد الضحايا – بالتعاون مع مجموعات حقوق الإنسان خاصة اليهود من ألمانيا والولايات المتحدة وبوتسوانا وجنوب أفريقيا – لكسب الاعتراف الدولي بالمذبحة، وهم بالفعل على مقربة من تحقيق ذلك من خلال القضاء. حيث ستنظر القاضية الفيدرالية لورا تايلو سواين في نيويورك في القضية المرفوعة من أحفاد الضحايا علي برلين في يوليو/تموز القادم.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «بعد قرن على المذبحة، ناميبيا تطالب ألمانيا بالعدالة». الأصوات العالمية. 21 أبريل - نيسان 2017.
شارك الخبر:
|