بعد كونها لاجئة في سوريا، أضحت هذه السيدة الفلسطينية لاجئة مرة أخرى

الجمعة 11 مارس 2016


ظهر هذا المقال الذي كتبته ريبيكا كولارد لصالح قسم العالم أصلاً على الموقع PRI.org بتاريخ 4 كانون الثاني/يناير 2015، ويُعاد نشره هنا وفقاً لاتفاقية مشاركة المحتوى.

عندما غادرت نادرة منزلها في الناصرة، لم تصطحب معها سوى حقيبة صغيرة مع بعض الحاجيات الأساسية.

“كان عليّ إنهاء واجبي المدرسي في المنزل، لذلك أحضرت كتبي”، تقول نادرة.

كان ذلك في العام 1948 وكانت اسرائيل، وهي دولة أُعلنت حديثاً في حرب مع الدول المجاورة. وتبادر إلى ذهن والد نادرة بأنه من الأفضل التوجه نحو الشمال لبضعة أيام والانتظار إلى حين انتهاء القتال. كانت نادرة آنذاك في التاسعة من عمرها.

وعبرت العائلة نحو سوريا وانتظرت.

“كنا متأكدين من أننا سنعود،” قالت نادرة. “أخبرتني أمي بأنني سأعود لمدرستي عمّا قريب.”

كانوا واثقين للغاية من ذلك، حتى أن والدَي نادرة لم يسجلاها في أي مدرسة داخل سوريا. فهي ستعود لبلدها وتلتحق بمدرستها.

لكن الأعوام مرّت.

وجدت العائلة مأوى في مخيم اليرموك للاجئين في ضواحي دمشق. وضعت نادرة كتبها المدرسية في صندوق. شيّدت العائلة منزلاً من الاسمنت، لكنها احتفظت بمفاتيح منزلها في الناصرة.

“كان منزلاً كبيراً،” تقول نادرة وهي تتذكر بيت العائلة في الناصرة، “كان مصنوعاً من الحجارة، ومؤلفاً من طابقين.”

ومع مرور الأعوام تحول مخيم اليرموك لضاحية مزدحمة يعيش فيها آلاف الفلسطينيين اللاجئين، وتزوجت نادرة في فترة الستينيات من القرن الماضي.

ومن ثمّ اقتربت الحرب من حيّهم. في ديسمبر/كانون الأول من العام 2012، سقطت بعض الصواريخ قرب منزلهم. وأصيب زوج نادرة بجرح في يده بسبب شظية، مما دفع بنادرة لنقله إلى مستشفى في دمشق. وعندما حاولوا العودة إلى مخيم اليرموك، وجدوا الطريق إليه مغلقاً.

“لم يكن لدينا أي شيء”، تقول نادرة، “لا نقود، ولا أي شيء آخر.”

اتجهوا عندها لمدينة الهامة. “لكن حيثما ذهبنا، كان القصف يلاحقنا” قالت.

وأخيراً تمكنوا من الوصول إلى اسطنبول، وهناك توفي زوجها في أحد المشافي. انتظرت العائلة في تركيا، لكن لم يكن هناك أي مستقبل لهم.

وفي سبتمبر/أيلول، قرروا الانضمام لعشرات آلاف اللاجئين المتجهين نحو أوروبا الشرقية.

“لم تكن لدينا أي أوراق نظامية، أو إقامات. لم يكن لدينا مستقبل، ولم نكن نمتلك شيئاً،” تقول منى وهي ابنة نادرة. “في حال ذهابنا لبلد أوروبي، فسنحصل على أوراق نظامية وحتى على حقوقنا بالمواطنة.”

عندما التقيت بنادرة عبود وعائلتها على الحدود الصربية-المجرية، كانوا متجهين في باص مزدحم من مخيم آخر، للانضمام إلى حوالي مليون لاجئ ومهاجر شقوا طريقهم نحو أوروبا هذا العام.

قطعت نادرة بحر إيجه من تركيا نحو اليونان ومن ثم سافرت على قدميها، وبواسطة الكرسي المتحرك وسيارة الأجرة وصولاً للبلقان.

كانت نادرة تحمل وثيقة السفر التي أعطتها إياها الحكومة السورية – وهي أقرب شيء لجواز السفر أو وثيقة المواطنة تمكنت من الحصول عليه من قبل.

“ليس لدينا منزل، ولا بلد. أين يمكننا الذهاب؟ حيثما ذهبنا، تتبعنا الحرب” تقول نادرة. “سمعنا العديد من الأمور الجيدة عن ألمانيا.”

بعد أسبوع تلقيت ُرسالة صوتية. تمكّنت نادرة من الوصول لألمانيا. قالت إنها تعيش مرة أخرى في مخيم، وأنه عليّ القدوم لزيارتها.

عندما اتصلت بنادرة بعد ذلك بفترة، أخبرتني بأن عائلتها تتقاسم الآن غرفة قرب فارشتاين في ألمانيا. ويأملون بالانتقال قريباً لشقة أكبر مساحة. تقول نادرة بأنها سعيدة، لكنها لا تزال تفكر في كثير من الأوقات بالناصرة وبمنزلهم الحجري ذي الطابقين.

هم الآن بمأمن بعيداً عن الحرب، لكن ألمانيا تعني بالنسبة لنادرة وعائلتها أكثر من مجرد الأمان. عاشت نادرة كلاجئة لسبعين عاماً تقريباً، ووُلد أطفالها كلاجئين أيضاً. واليوم تمثّل ألمانيا فرصتهم الأولى كيلا يكونوا لاجئين – كي يصبحوا مواطنين بحقوق كاملة في دولة ما من العالم.

مصادر عدل