بعد وصولهم أوروبا بنجاح، لاجئون عراقيون يختارون العودة إلى العراق

الأربعاء 27 أبريل 2016


المقال التالي بقلم ريبيكا كولارد نشر في الأصل على موقع PRI.org في21 أبريل /نيسان2016، ويعاد نشره هنا كجزء من اتفاقية مشاركة المحتوى.

قرر دانا مجديد عزيز في سبتمبر/أيلول 2014، أنه لم يعد يحتمل المعيشة في العراق، حيث أن داعش استولت على بلدته “مخمور” وبدا أن المستقبل بائس جداً. باع عزيز سيّارة الأجرة خاصته، وبعضاً من مجوهرات زوجته واقترض بعض المال من العائلة ثم مضى إلى تركيا.

يقول عزيز:” اشتريت جواز سفر مزيف في تركيا وحاولت الدخول إلى بلغاريا ولكنهم أمسكوا بي ووضعوني في السجن” ثم يضيف: “أخبرتهم أني لست بمجرم، أنا مجرد لاجئ عادي يريد اللجوء.”

نُقل عزيز إلى مخيم للاجئين في بلغاريا، وطلب منه تقديم طلب اللجوء فيها ولكنه لم يكن يريد البقاء في بلغاريا، فاختار الهروب.

يقول عزيز مع احتسائه لقهوته: “جّربت كل شيء للوصول إلى ألمانيا.”

وصل عزيز إلى ألمانيا في مارس/آذار 2015 وكانت نيته الحصول على اللجوء في ألمانيا وبدء حياة جديدة لزوجته وطفليه الذين كانوا ينتظرون الانضمام إليه من أربيل.

مرت سنة كاملة ولم يحصل عزيز على أي معلومة بشأن اللجوء أو إمكانية لم شمله بعائلته، ألمانيا تعاني من ضغط كبير جراء الأعداد الكبيرة للاجئين، فخلال السنة الماضية وحدها تم استقبال 500 ألف طلب لجوء.

” أول مقابلة لجوء لي كانت في يوليو/تموز 2015. قالوا بأن الأمر قد يحتاج إلى ثلاثة أشهر، حل ديسمبر/كانون الأول ولم يأتني أي خبر. لاحقاً، في يناير/كانون الثاني، مرض أطفالي.”

وما زاد الطين بِلة أنه لم يكن يُسمح لعزيز بالعمل أثناء انتظاره قرار طلب اللجوء، كان يعيش في مسكن تؤمنه الحكومة ومعاش شهري يبلغ 325 يورو، أي ما يساوي 365 دولار.

كان عزيز هو المعيل الوحيد لعائلته، حاله كحال كثير من العراقيين الذين اختاروا الذهاب إلى أوروبا، والآن لم يعد بوسعه إرسال المال لعائلته.

يقول: “اضطرت زوجتي لبيع ما تبقى من ذهبها لتعيل العائلة.”

فقد عزيز الأمل في فبراير/شباط، فقصد القنصلية العراقية في فرانكفورت وحصل على وثيقة سفر ذهاب دون إياب وعاد إلى العراق.

يعتبر عزيز واحدًا من 5000 عراقي عادوا إلى العراق منذ أكتوبر/تشرين الأول بمساعدة المنظمة الدولية للهجرة، كثيرون غيرهم عادوا بمفردهم دون انتظار المساعدة.

يقول أحد عناصر الأمن لدى مطار أربيل الدولي أن كل رحلة من ألمانيا تحمل عددًا من العائدين. وكان على متن أحد الرحلات مؤخراً ثمانية عراقيين على الأقل عائدون إلى العراق بعد خوضهم للرحلة الخطرة والمكلفة للوصول إلى ألمانيا، وكان من بينهم صَمَد الذي لم يشأ كشف اسم عائلته. باع صَمَد أرضه في ديسمبر/كانون الأول، ودفع المال لأحد المهّربين ليصل إلى ألمانيا.

يقول صَمَد: “فعلت ما فعله الآخرون وحسب، قالوا أن الحياة في أوروبا أفضل، وأردت أن أتأكد بنفسي.”

ولكن الواقع كان مخيّبًا للآمال.

يضيف صَمَد: “كنت أتوقع حياة مريحة، وأنهم سيساعدوننا، ولكن الأمر كان غاية في الصعوبة.”

وكما كان حال عزيز، لم يعلم صَمَد ما إن كان سيحصل على اللجوء أو ما إذا كان سيحصل على لم الشمل لزوجته وأطفاله الثلاثة في ألمانيا، وكان يحاول إعالة العائلة من هناك.

يقول صَمَد: “كنا نقيم في مخيٍم للاجئين، وكنت أشارك الغرفة مع ثمانِ أشخاص ولم يكن يسمح لي بالعمل.” ويضيف: “لو كان هنالك أمل بأنني سأحصل على اللجوء لكنت بقيت، ولكن لم يكن هنالك أي أمل.”

يملك اللاجئون السوريون فرصة أكبر في الحصول على اللجوء في ألمانيا، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للعراقيين، ففرصهم أقل. كان صَمَد متعجّلًا جدًا للعودة إلى العراق، ولكنه لم ينتظر المساعدة، صَرَف آخر ما كان لديه من المال واشترى تذكرة العودة إلى أربيل.

يقول: “بعت كل ما أملك لأذهب إلى هناك.”

عودة إلى المقهى في أربيل، يقول عزيز أنه ما كان ليغادر ألمانيا ويعود إلى العراق لو كانت عائلته معه هناك.

استعادت القوات الكردية بلدة مخمور، ولكنها لا تزال على جبهة النيران، ولا يظن عزيز أنه من الآمن العودة إليها. يعيش عزيز وعائلته حالياً في منزل والديه في المدينة ولا يزال يبحث عن عمل.

يحاول كل من عزيز وصَمَد بدء حياتهما مجددًا، فلا سيّارة أجرة، ولا عمل، ولا مال. أمضى عزيز حوالي السنة في ألمانيا ولم يجدي منها شيئًا.

يقول عزيز خاتماً حديثه: “بالطبع أندم على فعلتي، صرفت كل أموالي على هدف ولم أحققه. الآن أنا في بلدي ولا أستطيع حتى شراء فنجانٍ من القهوة.”

مصادر

عدل