تحوّل ميناء تجارة الرقيق في الأمريكتين إلى موقع تراثي عالميّ!
السبت 12 أغسطس 2017
ظهرت أطلال من بقايا ما كان بالأمس أكبر ميناءٍ لتجارة الرقّيق في الأمريكتين في عام 2011 بعد طمسها قرابة مئتيّ عام، إثر بدأ أعمال البناء في منطقة ميناء ريو دي جانيرو في إطار التجهيزات التي تتم في المدينة استعدادًا لدّورة الألعاب الأولمبية التي ستستضيفها بعد خمس سنوات.
في يوليو/تموز 2017 أدرجت مُنظمة اليونسكو الموقع في قائمة التراث العالميّ بغرض تحويل الأحجار المفقودة منذ أمد بعيد من ميناء كيس فالونغو وارف إلى نُصب تذّكاري.
أجبر اكتشاف ذراع الأمم المتحدة التعليمي والعلمي والثقافي البرازيل على الإفصاح عن إحدى حقبها التاريخية التي ما زالت تحاول طمسها. حيث كانت البرازيل آخر الدول التي أقلعت عن تجارة الرقيقّ في الأمريكتين عام 1888. حيث حرّمها القانون عام 1843 وفقد فالونغو مكانته منذ ذلك الحين. ووفقًا لقاعدة البيانات التاريخية لموقع سلاف فويجز”رحلات العبيد”:
«النص الأصلي:Brazil was the center of the slave trade carried on under the Portuguese flag, both before and after Brazilian independence, in 1822, and Portugal was by far the largest of the national carriers. Brazil dominated the slave trade in the sense that Rio de Janeiro and Bahia sent out more more slaving voyages than any port in Europe […] Over nearly three centuries between 1560 and 1850, Brazil was consistently the largest destination for slaves in the Americas.»
«ترجمة:كانت البرازيل مركزًا لتجارة الرقيق تحت وطأة الحكم البرتغالي قبل وبعد الاستقلال البرازيلي عام 1822، كما كانت البرتغال أكبر شركات نقل الرقيق الوطنية آنذاك. سيطرت البرازيل على تجارة الرقيق حيث كانت ترسل عبر مينائيّ ريو دي جانيرو وباهيا الكثير والعديد من رحلات الرقيق أكثر من أي ميناء آخر في أوروبا. كما كانت وجهة رئيسية للرقيق على مر ثلاثة قرون ما بين عام 1560 و 1850 في الأمريكتين.»
أُنشأ رصيف فالونغو في عام 1811- أي بعد ثلاثة سنوات من وصول العائلة الحاكمة البرتغالية هروًبا من جيش نابليون في أوروبا- ثم سُرعان ما أصبح الوجهة الرئيسية للسفن المحملة بالرقيق المتجهة نحو الأمريكتين. و توضح المؤرخة، ليليا موريتز شواركز، باحثة في جامعة ساو باولو ومشاركة في برنامج الباحث العالمي في جامعة برنستون بالولايات المتحدة، أن الميناء كان على بعد خطوات قليلة من القصر الملكي، حيث كان الأمراء، أثناء تجوالهم، يشاهدون التجار وهم يجهزون “بضائعهم” التي تتضمن فصل الأسر وفرك أجساد العبيد الأفارقة بزيت الحوت لتغطية أي جروح:
«النص الأصلي:O Brasil recebeu mais de 4 milhões de africanos, durante os (quase) quatro séculos em que foi vigente o regime escravocrata no país. Tal número equivale a um pouco menos do que a metade da população que deixou seu continente de origem, forçadamente, e àqueles que lograram chegar vivos nas Américas, depois de uma viagem repleta de contrariedades. Desse número absoluto, aproximadamente 60% aportaram no Rio de Janeiro, e cerca de um milhão deles entraram no território pelo Cais do Valongo.»
«النص الأصلي:Brazil received more than 4 million Africans, during the (almost) four centuries the country had a regime of enslavement. That number is equivalent to a little less than half of [all the Africans] who left their continent of origin, forcibly, and managed to arrive at the Americas alive, after a long journey full of adversities. From this absolute number, nearly 60% docked at Rio de Janeiro and about 1 million entered by Valongo’s Quay.»
«ترجمة:استقبلت البرازيل أكثر من 4 ملايين أفريقي خلال فترة تقارب الأربعة عقود من عبودية كانت تزرح تحت وطأتها البلاد. ويعادل هذا الرقم أقل من نصف جميع الأفارقة الذين غادروا قارتهم الأصلية قسرًا، وتمكنوا من الوصول إلى الأمريكتين أحياءً، بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر. حيث رسا ما يقرب من 60% من هذا العدد الهائل في ريو دي جانيرو، ودخل ما يقرب من مليون إفريقي ميناء فالونغو.»
مما يعني أنه خلال 32 عامًا من العمل، لم يكن ميناء فالونغو أشهر ميناء لتهريب الرقيق فحسب، بل مستقبلًا أيضًا لرُبع الأفارقة المستعبدين الذين نزحوا إلى البرازيل على مر العصور. وعندما قدم المعهد القومي البرازيلي للتراث التاريخي والثقافي ترشيحًا للموقع لمنظمة اليونسكو، كانت رئيسته كاتيا بوجوا، هي من أوضحت للمنظمة أن ميناء فالونغو كان الميناء الوحيد الذي استقبل ملايين الأفارقة الذين استعبدوا وعملوا على بناء دولتهم في البرازيل، منشئين بذلك أكبر تجمع للأفارقة ذوي البشرة السمراء خارج القارة الإفريقية.
واختارتها شواركز مقدمة لمقالها الأخير بعنوان التُراث، حيث تعتبر البرازيل الاعتراف بهذا الموقع التاريخي أكثر من مجرد حدث تذكّاري. إذ أنه يتعلق بسبر أغوار الماضي:
«النص الأصلي:Não se trata de condenar essas populações a seu passado, até porque ninguém foi escravo de origem e nascença. Mas sim de lembrar e elevar essa África que vive em nós. Conforme define, lindamente, Alberto da Costa e Silva, nosso maior africanista: “O Brasil é um país extraordinariamente africanizado. E só a quem não conhece a África pode escapar o quanto há de africano nos gestos, nas maneiras de ser e de viver e no sentimento estético do brasileiro. (…) Com ou sem remorsos, a escravidão é o processo mais longo e mais importante de nossa história.»
«النص الأصلي:It’s not about condemning these populations to their past, especially because no one was a slave by origin or birth. But it’s about remembering and elevating the Africa that lives in us. As Alberto da Costa e Silva, our greatest Africanist, beautifully defines: ‘Brazil is an extraordinarily Africanized country. And only someone who doesn’t know Africa can escape how much of it there is in our gestures, in how we live and be, in our esthetic sense. [….] With or without remorse, slavery is the longest and most important process in our history.»
«ترجمة:إن الأمر لا يتعلق بإدانة هؤلاء القوم بماضيهم، فنحن لا نولد عبيدًا بالفطرة. ولكنه يتعلق بتذكّر إفريقيا التي تعيش في أعماقنا، مثلما عرّف الإفريقي العظيم، ألبرتو داكو ستا إي سلفيا البرازيل بأنها دولة إفريقية خارقة للعادة. فلا يمكن لشخص لا يعرف إفريقيا ألا يتعرف على تعبيراتنا وطريقة معيشتنا الإفريقية وألا يمتلك حدسًا مشابه لحدسنا الجماليّ [….] وتعد العبودية أطول وأهم حدث في تاريخنا، سواء شعرنا بوخز الضمير أم لم نشعر.»
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «تحوّل ميناء تجارة الرقيق في الأمريكتين إلى موقع تراثي عالميّ!». الأصوات العالمية. 12 أغسطس - آب 2017.
شارك الخبر:
|