تطبيق جديد يساعد فاقدي البصر على “رؤية” الكسوف الشمسي

الأحد 20 أغسطس 2017


المقال الأصلي كتبته كارولين بيلر على موقع الإذاعة العامة الدولية في الحادي عشر من أغسطس/آب 2017 وتم نشره هنا كجزء من اتفاقية تشارك المحتوى بين الأصوات العالمية والإذاعة العامة الدولية.

قد يبدو الأمر كلغزٍ محير، كيف يمكن لكفيفٍ أن “يرى” الكسوف الشمسي القادم في الحادي والعشرين من أغسطس/آب في سماء الولايات المتحدة الأمريكية؟

طرح هنري وينتر عالم فيزياء الفضاء هذا السؤال على نفسه من عدة أشهرٍ مضت عندما طلبت منه إحدى زميلاته أن يصف لها الكسوف.

وقال وينتر أن السؤال فاجأه وأعجزه عن الرد “لم تكن لدي أية فكرة عن كيفية شرح ما يحدث خلال الكسوف إلى شخصٍ لم يرَ في حياته كلها”

تذكر وينتر قصةً أخبره بها أحد الأصدقاء عن صرير الصراصير في منتصف النهار عندما يغطي القمر الشمس ويحدث الكسوف وهو ما أخبره لزميلته.

قال:” كان رد فعلها على القصة قويًا وهو ما جعلني أرغب في تكرار إثارة هذا الشعور بالدهشة والروعة لدى أكبر عددٍ ممكنٍ من الأشخاص عبر البلاد”

لذلك قرر وينتر الذي يعمل في مركز هارفرد سميثسونيان لفيزياء الفضاء في جامعة كامبريدج بماستشوستس العمل على بناء تطبيقٍ يقوم بمهمة مساعدة فاقدي البصر على خوض تجربة رصد الكسوف الصيفي.

وقال وينتر:”تم إقصاء مجتمع فاقدي البصر خارج علوم الفضاء وفيزيائه وأرى أنه إهمال خاطئ آن الأوان لإصلاحه”

ويتميز تطبيق أصوات الكسوف الذي تم إطلاقه لأجهزة آي باد وآي فون في العاشر من أغسطس/آب بوصفٍ واقعيٍ تزامنًا مع الكسوف الذي يحدث حاليًا طبقًا لموقع المستخدم الجغرافي.

وتساعد بعض “الخرائط المدمدمة” المستخدم على سماع الظاهرة والإحساس بها عن طريق لمس صورٍ لظواهر كسوفٍ سابقة.

المناطق الداكنة من الصورة مثل الوجه المظلم من القمر تكون صامتةً عند لمسها بينما تعطي أشعة ضوء الشمس الرقيقة الظاهرة من خلف القمر همهمةً خفيضة، بينما يصدر لمس المناطق الأكثر إضاءةً مثل الشظايا المضيئة الظاهرة من حول منحنيات القمر تردداتٍ صوتية أعلى.

وتكون الأصوات مصحوبةً باهتزازاتٍ ناعمة للأماكن المظلمة وأكثر قوة للأماكن المضيئة.

وقال المهندس الصوتي للتطبيق مايلز غوردون:” نجحنا في إحداث تردداتٍ تنتقل خلال الهاتف بأكمله فتجعله يهتز بشكلٍ كامل عبر مكبر الصوت”

نموذج تجريبي لوسائل مستقبلية

قال وينتر:”ليس الهدف من هذا التطبيق هو منح الكفيف أو صاحب الخلل البصري الفرصة لعيش تجربة المبصر بالضبط، لكنني آمل أن يكون هذا النموذج النجريبي هو الخطوة الأولى التي نتعلم منها لإنتاج المجموعة القادمة من المعدات والوسائل”

تتوافر العديد من المعدات والوسائل الأخرى لمساعدة فاقدي البصر على خوض تجربة رصد الكسوف مثل الخرائط والكتب الملموسة لكنها ما تزال تعرَّف كظاهرةٍ بصرية في النهاية.

وتعتبر الظواهر المصاحبة للكسوف مثل اختلاف درجات الحرارة ونمط الجو وسلوك الحياة البرية أقل شهرةً وانتشارًأ منها.

وكانت تشانسي فليت الزميلة التي طلبت من وينتر أن يصف لها الكسوف في أحد المؤتمرات من شهرٍ مضى تشعر بالريبة عندما علمت بفكرته عن التطبيق.

وقالت فليت التي تعمل كمعلمة التكنولوجيا التواصلية في مكتبةٍ بنيويورك :”عندما سمعت للمرة الأولى عن الطلب الموجه لفاقدي البصر للاهتمام بظاهرة الكسوف ضحكت سرًا وحاولت السيطرة على رد فعلي الرافض لأن الأمر بدى كمزحة”، لكنها بعد أن تعرّفت على الأصوات المصاحبة للكسوف أصبحت أكثر شغفًا بالتعرف على تطبيق وينتر.

كما أضافت :”أتطلع لتجربة التطبيق بنفسي لا القراءة أو السمع عنه وحسب فلا شيء بصريٌ بشكلٍ مطلق وهذا التطبيق يثبت ذلك مجددًا”.

وحصل الفريق المطور للتطبيق على مساعدةٍ من واندا دياز ميرسيد عالمة فيزياء الفضاء الكفيفة لإنتاج نظام تشغيلٍ سهل التحكم.

وتعتقد واندا أن التطبيق سيساعد الناس على فهم أن حقيقة الكسوف تتجاوز مجرد ظلام مفاجئٍ في منتصف النهار.

فتقول:” سيكتشف الناس أنهم قادرين على سماع الكسوف ولمسه أيضًا”

وتعتقد أن التطبيق وسيلة تساعد على جعل الأطفال الأكفاء أكثر اهتمامًا بالعلوم قائلةً:” هذا أمرٌ في غاية الأهمية”

ميراثٌ يدوم لوقتٍ أطول

وقام فريق أصوات الكسوف المدعوم من ناسا بتكليف عددٍ من علماء مدنيين ومسؤولي الحديقة الوطنية وجامعة بريغهام الصغرى برصد تسجيلاتٍ صوتية لرد فعل الناس والحياة البرية في وجود الكسوف.

المرحلة الثانية من المشروع هو صنع مكتبةٍ رقمية من تلك التسجيلات وجعلها متاحةً لفاقدي البصر حيث يسهل وصولهم إليها.

ويعتبر ذلك الجزء من المشروع هو الأكثر أهميةً لدى دياز ميرسيد من منظورها العلمي.

فبعد أن فقدت بصرها في العشرينات من عمرها كانت مضطرةً لصنع برنامجٍ خاصٍ بها على الكمبيوتر يقوم بتحويل المعلومات المرئية عبر التليسكوب إلى ملفاتٍ صوتية وبهذا تستطيع استكمال أبحاثها ( كلمتها في تيد هنا).

وتأمل في أن يهتم ذلك المشروع بجعل المعلومات متاحةً بشكلٍ أكبر للباحثين أمثالها.

فتقول:”آمل أن تقتدي قواعد البيانات العلمية الأخرى بهذا المثال وتتيح لنا الوصول إلى المعلومات بشكلٍ مثمرٍ لنا، وباستخدام قاعدة البيانات تلك لن يكون هناك حاجةٌ للتفرقة بيننا”.

وتأمل أن يدوم تأثير الكسوف بتلك الطريقة لأكثر من يوم.

مصادر

عدل