تعرف على تفاصيل استخدام الحكومة السعودية لبرمجيات خبيثة للتجسس على أجهزة المحمول
الأحد 29 يونيو 2014
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة السعودية أن توضح ما إذا كانت قد قامت بمراقبة هواتف خلوية وإصابتها ببرمجيات تجسس. كما يتعين على المسؤولين السعوديين توضيح ما إذا كانوا يسعون إلى حماية حقوق الأشخاص المستهدفين في الخصوصية وحرية التعبير، وكيف سيحققون ذلك.
في تقرير صدر في 24 يونيو/حزيران 2014، تفطن باحثون مستقلون إلى وجود برمجية مراقبة، من تصنيع شركة هاكنج تيم (Hacking Team) الإيطالية، يبدو أنها استخدمت لاستهداف أشخاص معينين في منطقة القطيف شرقي المملكة السعودية. وكانت هذه المنطقة قد شهدت احتجاجات مستمرة ضدّ سياسات الحكومة منذ 2011، وتعرضت فيها المعارضة السلمية إلى القمع.
وقالت سنثيا وونج، باحثة الإنترنت الأولى في هيومن رايتس ووتش: “قمنا بتوثيق الطريقة التي تستخدمها السلطات السعودية في قمع نشطاء الإنترنت الذين يلجأون إلى وسائل التواصل الاجتماعي لفضح انتهاكات حقوق الإنسان. ويبدو أن السلطات بدأت أيضًا في اختراق الهواتف الخلوية، ولذلك صارت الوسائل الرقمية مجرّد طريقة أخرى تستخدمها الحكومة لتخويف الأصوات المستقلة وإسكاتها”.
فطن باحثون في المجال الأمني في معمل سيتزن لاب، بجامعة تورنتو، إلى وجود نسخة معدلة من تطبيق القطيف اليوم على منظومة أندرويد، وهو تطبيق يُمكن مستخدمي الهواتف الخلوية من الحصول على معلومات وأخبار باللغة العربية حول مدينة القطيف في المنطقة الشرقية. وإذا ما تم تنزيل هذه النسخة المعدلة من التطبيق على جهاز خلوي، فهي تصيبه ببرمجية تجسس من صنع شركة هاكنج تيم، وهي شركة تقوم ببيع وسائل للمراقبة والاختراق الإلكتروني للحكومات دون سواها.
تسمح هذه البرمجية للحكومة بدخول البريد الإلكتروني، والرسائل القصيرة، وملفات من مواقع فيسبوك وفايبر وسكايب وواتس آب، إضافة إلى سجل الاتصالات على الهاتف المحمول. وتسمح للسلطات أيضًا بالتحكم في تطبيق التجسس عبر تشغيل كاميرا ومايكروفون الهاتف المحمول لالتقاط الصور أو تسجيل المحادثات دون علم صاحبه.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه إذا كانت السلطات السعودية تستخدم برمجية التجسس لاستهداف الهواتف المحمولة للنشطاء، فإن ذلك يمكن أن يكون إشارة على تصعيد في جهود مراقبة النشاط على شبكة الانترنت في بيئة معادية لحرية التعبير وتكوين الجمعيات. وتخاطر الشركات التي توفر تقنيات المراقبة دون ضمانات كافية، لجهة تفضي فيها التحقيقات الجنائية “المعيارية” إلى اعتقال معارضين سلميين ومشرفين على مواقع ليبرالية، تخاطر بالتورط في انتهاك الحقوق.
لم يستطع باحثو معمل ستزن لاب التأكد مما إذا كانت السعودية أو أي حكومة أخرى قد نجحت في نشر منتجات هاكنج تيم في السعودية، ومن الجهة التي تم استهدافها على وجه التحديد. ولكن بالنظر إلى أن برمجية التجسس تم إدماجها في تطبيق قديم، فإن الفئة المستهدفة ربما يكون لها اهتمام بالشأن العام في محافظة القطيف. وكان باحثو ستزن لاب قد نشروا في وقت سابق أدلة إضافية عن استخدام برمجيات هاكنج تيم في السعودية، بالاعتماد على موزعات قرصنة من تصنيع نفس الشركة.
شهدت منطقة القطيف احتجاجات متواصلة، وخاصة بعد تدخل السعودية في البحرين في مارس / آذار 2011، رغم الحظر الشامل على الاحتجاجات الذي أصدرته السلطات منذ ذلك الشهر. وفي 17 أبريل / نيسان، أصدرت المحكمة الجنائية المتخصصة في السعودية حكمًا بسجن الناشط الحقوقي في منطقة القطيف فاضل المناسف لمدة 15 سنة، إضافة إلى منعه من السفر إلى الخارج لمدة 15 سنة أخرى بعد خروجه من السجن، وذلك لأنه قدم مساعدة لصحفيين دوليين لتغطية احتجاجات القطيف. ويواجه المواطنون الشيعة، وهم أغلبية سكان المدينة، تمييزا منهجيًا في التعليم، والوظائف الحكومية، وكذلك في بناء دور العبادة في المملكة السعودية التي يغلب سكانها السُنة.
في ديسمبر/كانون الأول 2013، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرًا يوثق لجوء نشطاء سعوديين إلى شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لربط العلاقات، ومناقشة الأفكار، ودعم الإصلاحات الاجتماعية والسياسية. وقامت السلطات السعودية باعتقال ومحاكمة نشطاء لإسكاتهم و إخماد دعواتهم للتغيير، بمن فيهم نشطاء من القطيف.
تُجرّم قوانين مكافحة الإرهاب الجديدة، التي تمت المصادقة عليها في بداية 2014، جميع أشكال التعبير المعارض تقريبًا، وتعتبرها “إرهابًا”، بما في ذلك “الاتصال مع أي من الجماعات أو التيارات أو الأفراد المعادين للمملكة”، و”تحريض أو استعداء دول أو هيئات أو منظمات دولية ضد المملكة”، و”السعي للدعوة أو المشاركة أو الترويج أو التحريض على الاعتصامات أو المظاهرات أو التجمعات أو البيانات الجماعية بأي دعوى أو صورة كانت…”.
ولكن يبقى من غير الواضح كيف ينظم القانون السعودي وسائل الاختراق، وأي ضمانات يوفرها لحماية الخصوصية الرقمية ومنع المراقبة الحكومية غير الشرعية. تنص المادة 17 من قانون مكافحة الإرهاب السعودي، الذي تمت المصادقة عليه في يناير / كانون الثاني، على أنه يُمكن لوزير الداخلية مصادرة ومراقبة كل وسيلة اتصال، دون ترخيص، “إذا كانت لها فائدة في ظهور الحقيقة”. ولكن المادة 21 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي انضمت إليه السعودية في 2009، تنص على أنه “لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته…”.
قال فرانك لارو، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير، في تقريره لمجلس حقوق الإنسان سنة 2013 إن استخدام مفهوم الأمن القومي لتبرير فرض قيود على حقوق الإنسان يُثير مخاوف كبيرة. ويجب أن لا تخضع الاتصالات للمراقبة إلا في ظروف استثنائية جدًا، وتكون تحت إشراف سلطة قضائية مستقلة.
كما عبّر فرانك لارو عن قلقه بشكل خاص من استخدام برمجيات التجسس. وقال إن استخدام هذه التكنولوجيا، من وجهة نظر حقوقية، يبعث على القلق الشديد لأنها تخلق إمكانيات تجسس من شأنها تهديد الحق في الخصوصية، والتعدي على الحق في سلامة الإجراءات المتعلقة باستخدام هذه الأدلة.
قامت ستزن لاب وهيومن رايتس ووتش في وقت سابق بتوثيق استخدام وسائل هاكنج تيم لاستهداف وسائل إعلام إثيوبية مستقلة. و تقول شركة هاكنج تيم إنها تبيع منتجاتها فقط للحكومات، وإنها تقوم بتسويقها لإجراء تحقيقات جنائية “معيارية”، و”قابلة للطعن القانوني”، ويتم استخدامها في الأنشطة الاستخباراتية لمكافحة الإرهاب والجريمة.
وفي ردّها على التماس للتعليق على تقرير 24 يونيو / حزيران ورد عليها من هيومن رايتس ووتش، أشارت هاكنج تيم إلى النقاط الواردة في وثيقة سياسة التعامل مع الزبائن. واستنادًا إلى هذه الوثيقة وبيان الشركة، تقوم الشركة بتقييم ما إذا كانت منتجاتها تسهل انتهاكات حقوق الإنسان، وربما ترفض بيعها في بعض الظروف.
وقالت شركة هاكنج تيم لهيومن رايتس ووتش إنها ستعلق دعمها لمنتجاتها إذا شككت في أن أحد الزبائن أساء استخدامها، وقد قامت بذلك فعلا في الماضي. ولكن الشركة لم تنشر أي معلومات تتعلق بتحقيقات سابقة، أو أي خطوات لمواجهة أحداث معينة. كما قالت الشركة إنها لا تؤكد ولا تنفي هوية زبائنها في إطار احترام سياسة التعامل مع الزبائن.
يبقى استخدام برمجيات التجسس مسألة غير مقننة على المستوى الدولي. ولا توجد مراقبة أو قيود كافية على تصديرها لمنع بيعها إلى حكومات قد تستخدمها لاستهداف معارضين وقمعهم. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه توجد حاجة ماسة إلى إحداث آليات مراقبة لضمان مساءلة الشركات التي تبيع هذه التقنيات على الانتهاكات المرتبطة بمنتجاتها.
وقالت سينثيا وونج: “إن بيع تقنيات يُقال إنها ’قابلة للطعن القانوني‘ لحكومات تساوي بين المعارضة والإرهاب يُعتبر وصفة لحصول كارثة. ويتعين على شركة هاكنج تيم التحقيق في إمكانية إساءة استخدام منتجاتها في السعودية. كما يتعين على هذه الشركة وغيرها من الشركات المنتجة لنفس التقنيات أن توقف على الفور أي مبيعات للحكومات القمعية”.
نشر المقال أولًا على موقع هيومان رايتس ووتش.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «تعرف على تفاصيل استخدام الحكومة السعودية لبرمجيات خبيثة للتجسس على أجهزة المحمول». الأصوات العالمية. 29 يونيو - حزيران 2014.
شارك الخبر:
|