دماء "الباسل" وكلماته.. مداد ثوري للمثقفين

الثلاثاء 14 مارس 2017


أخبار ذات علاقة

أخبار فلسطين على ويكي الأخبار
فلسطين على ويكي الأخبار

موقع فلسطين
موقع فلسطين

"بدك تصير مثقف، بدك تصير مثقف مشتبك، إذا ما بدك تكون مشتبك، لا منك ولا من ثقافتك، ولا في فايدة منك".

كلمات قالها الشهيد باسل الأعرج في أحد اللقاءات الثقافية، باتت مقياسا وتعريفا جديدا لمن هو المثقف، خاصة بعد أن قرن الشهيد أقواله بالأفعال، وقدم الدليل على صدق قناعاته وطروحاته.

فقبل حادثة استشهاده في السادس من شهر آذار/ مارس الجاري، لم يسمع بهذه الكلمات وغيرها لباسل سوى قلّة ممن عرفوه، وشاركوه جلسات الفكر والثقافة.

لكن كلماته تحولت إلى كلمات خالدة، واقتباسات يتداولها ملايين الأحرار حول العالم بعد أن مهرها بدمه، وتحولت صورته إلى أيقونة للثائر المثقف.

الصدق هو ما ميز الشهيد باسل عن غيره من المثقفين، ولهذا كان معيار الاشتباك بالنسبة له بمنزلة اختبار لمدى صدق أي مثقف.

يقول المحاضر بجامعة الخليل د. بلال شويكي: "لا يظنّ أحدكم أنّ كل من تداول مفردات باسل وجادل بذات أفكاره، أنّه مؤهّل ليقدم على ما أقدم عليه الباسل، من استمع إليه أو حاوره، سيدرك أنّ كلماته ليست كباقي الكلمات، كانت تحتلّ العقل والقلب في آنٍ. كان صادقاً".

الاشتباك شرط المثقف عدل

كان باسل هو من وضع معيار الاشتباك شرطًا لقبول المثقف، ولم ينتظر حتى يخوض غيره غمار هذا الاختبار، بل بادر إليه بنفسه، ليثبت صدق نواياه من جهة، وليثبت صحة نظريته من جهة أخرى.

ويقول الكاتب ساري عرابي في مقال له عقب استشهاد باسل: "الصدق، والفناء في الفكرة، هو المعنى الذي يشع الآن من وجه باسل، ويعيد طبع صورته من جديد في وعينا".

ويضيف: "حينما استشهد باسل، لم يدُر في عقلي سوى حقيقة واحدة، أنه كان أصدقنا، كما قلتُ أول الأمر، وأنه كان يؤمن بالمستحيل، كما قال لي صديق أخيرًا".

ويختم كلامه قائلا: "الذين يؤمنون بالمستحيل وحدهم الذين يغيرون التاريخ، والصادقون وحدهم الذين يتركون فينا هذا الأثر".

المثقف مرتبط بواقع شعبه عدل

الباسل ليس حالة نادرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر لمثقف يدفع حياته ثمنا لمبادئه، لكنه كان من القلائل الذين قدموا نموذجا يحتذى في ربط النظرية بالتطبيق، عندما امتشق بندقيته واشتبك مع المحتل حتى آخر رصاصة.

ويقول الكاتب معين الطاهر: "استشهاد باسل تعبير أصيل عن مفهوم المثقف، وربطه النظرية بالممارسة العملية، وعن دور المثقف بالواقع العملي لشعبه بعيدًا عن برجه العاج".

ويضيف: "ولعلّ القول يصدق هنا أنّ استشهاد باسل هو موت لعشرات من مدّعي الثقافة المنفصلة عن الواقع، والمتماهية مع السلطة والاحتلال أو الفساد والطغيان، وهو إعلان حياة متجددة وأبدية، لكل مثقف ثوري شهيد؛ فالثوريون لا يموتون".

اشتباك فكري عدل

مرحلة الاشتباك الفكري مع الاحتلال بدأت عند باسل مبكرا، وسبقت مرحلة الاشتباك العسكري، وأخذت شكل جولات ثقافية في مختلف أنحاء الضفة لربط التاريخ بالواقع في أذهان الأجيال الشابة.

ويقول الكاتب نصري حجاج عن ذلك: "هكذا كان مسار الأعرج، يلتف عليه جمع من الشباب والفتيات، ويجول في قرى فلسطين ومدنها، يحدثهم مثل حكواتي محترفٍ عن تاريخ كل مطرح من هذه المطارح، ونضال أهله ضد المستعمر البريطاني، أو العصابات اليهودية".

ويضيف: "كان يريد من حكاياته أن يلقي ضوءاً في نفوس هؤلاء، يرون فيه أرضهم نابضةً برفض الظلم والخنوع واليأس السائد. وبسبب هذا كله، خافه الإسرائيليون".

ويتابع: "هو مبدعٌ أبدع حكايته عن التاريخ الحقيقي، وأبدع وسيلته لإحياء الشرايين النابضة في الحكاية، في ظل تلف الممثلين السياسيين لشعبه، إن كانوا في السلطة أو الفصائل المجعجعة بخطاب عافه الدهر، من شدة تحجّره وتكلس مفاهيمه".

المثقف لا يهادن عدل

دماء "الباسل" لم تكن فقط دليلا على صدق صاحبها، بل شكلت مدادا للمثقفين بعد أن جفت أقلامهم وانشغلوا عن دورهم الأساس في بث الوعي وتعزيز مفاهيم المقاومة لدى أبناء الشعب الفلسطيني.

وفي هذا يقول هادي عبد الهادي في تدوينة له عبر "فيسبوك": المثقف الحقيقي هو المثقف المشتبك كما قال شهيدنا باسل الأعرج. المثقف هو الذي يشتبك مع قوى الظلم والاستعمار والخنوع. هو المثقف الذي يخلخل كل شيء في المنظومة السياسية والاجتماعية ليحللها. المثقف لا يهادن. المثقف هو أول من يقاتل وآخر من ينكسر".

مصادر عدل