رحلة شابين من الأرجنتين لنشر فكرة “التعليم الآخر” تصل إلى كولومبيا والإكوادور

السبت 1 أكتوبر 2016


حاملين الكاميرا، انطلق شابان من الأرجنتين في رحلة حول أمريكا اللاتينية لتوثيق عملية دمج التعليم في حياة المجتمع، أو ما يُعرف بحركة التعليم الشعبية.

بدأ التعليم الشعبي في أمريكا اللاتينية في الخمسينيات من هذا القرن، وقد بُنيت مناهج هذه الحركة على “مفاهيم الطبقة والصراع السياسي وكذلك التحول الاجتماعي“. يؤمن أنصار التعليم الشعبي بالتدريس من خلال السياق الاجتماعي للمجتمع، عن طريق خلق مساحات للحوار واللقاء ومن ثم تبادل الأفكار. يعتمد نظام التعليم الشعبي على نمط معين من التفاعل حيث يعلم الجميع بعضه بعضًا من خلال إنتاج معرفة شعبية وجماعية.

يدعم هذا المشروع الطموح كلًا من مالينا ومارتن. وهما من دعاة التعليم الشعبي ويعملان الآن على نشر رحلتهم حول أمريكا اللاتينية في الفيلم الوثائقي حركة التعليم. بدآ مالينا ومارتن رحلتهما قبل عام، وقد مرا بالأرجنتين والبرازيل والمكسيك وبيرو وفنزويلا والإكوادور وأخيرًا كولومبيا. وهما يواصلان سرد رحلتهما الجميلة منذ شهر مضى (رابط المقال بالأسفل)

رحلة شابين من الأرجنتين عبر أمريكا اللاتينية بحثًا عن “التعليم الآخر”

منذ وصولهما إلى جنوب كولومبيا، أجريا مقابلات مع أفراد مُشاركين في مشروعات مُجتمعية تُركز علي تغير بيئة التعليم، حيث قابلا في الإكوادور زعماء السكان الأصليين الذين قالوا أن مشاريعهم للتعليم المجتمعي مُهددة من قِبل الحكومة الفيدارلية مؤخرًا وعلى وجه التحديد بسبب ” ثورة التعليم”.

من هما مالينا ومارتن؟

مالينا عالمة اجتماعية ومؤدية في سيرك. وهي أحد أعضاء منظمة اجتماعية “ Ñanderoga“ وتقع شمال بوينوس آيرس، حيث تعمل مالينا مُدرسة في مدرسة ثانوية شعبية. ووفقًَا لمالينا فإن المنظمة هي عبارة عن مشروع سياسي تربوي يضرب بجذوره في أحد أحياء الأرجنتين، وقد تعرض لضربات عنيفة بسبب ظلم النظام، لكنه استعاد عافيته مرة أخرى مؤمنًا بضرورة العمل والكفاح من أجل بلد أكثر عدلًا لكل الرجال والنساء”.

مارتن هو مُدرس في جامعة سان مارتن التقنية في بوينوس آيرس. وعن دوره في التعليم الشعبي يقول مارتن: “منذ عدة أعوام مضت قررت أن أكرس حياتي للأحياء التي تعيش حياة عسيرة. قمت بتنظيم بتأسيس عدة منظمات اجتماعية والتي قامت بدورها بزرع بذور معانِ أخرى، من شأنها أن تجعلنا نرى بشكل أكثر عمقًا ووضوحًا، ، شيئًا ما دائمًا ما نتركه ليوتوبيا مؤجلة “

رِسالتهما وحماسهما من أجل تعليم أفضل جعلاهما ينخرطان في العمل مع منظمات اجتماعية مثل “Ñanderoga” بحثًَا عن رؤية تعاونية وأكاديمية جديدة يمكنها أن تصل حتى لأكثر المناطق تعرضًا للإقصاء. ومدفوعين بيقين أنهما ليسا الوحيدين الذين يعملان على تحقيق تغيير كهذا، بدأت تتبلور لديهما فكرة التجول بأمريكا اللاتينية لتوثيق ما تفعله هذه الحركات الاجتماعية واقتراحاتها التعليمية التي تقاوم فرض التعليم التقليدي. كانت هذه الرحلة تجربة مُلهمة لهما أيضًا حيث سمحت لهما بأن يختبرا ويتعرفا علي ثقافات مختلفة ، كما فتحت أعينهما على كل جوانب هذه المجتمعات وليس فقط مقترحاتهم التعليمية، كما تشرح مالينا:

«النص الأصلي:¿Por qué viajar? Porque viajar te conecta con otras realidades, te mueve y te hace crecer. Porque, si bien en la educación, así como casi todos los ámbitos de la vida, se reproduce el sexismo y los estereotipos de género que pesan sobre nuestros cuerpos, somos much@s organizándonos y construyendo otras formas de educarnos, de relacionarnos. Viajar para conocerlas, vivirlas y compartirlas.»

«ترجمة:لِمَ السفر؟ لأن السفر يربطك بواقع مختلف. يُحرك ذلك شيئًا ما فيِك ويجعلك تنضُج. ولأن التعليم كأغلب مجالات الحياة ينتج قوالب نمطية من التميز على أساس الجنس والنوع الاجتماعي والتي تُلقي بثقلها علي أجسادنا، يبني وينظم كثيرًا منا طرق مُختلفة للتربية وللربط بين الجماعة، لذا نسافر لنتعرف على هذه الطرق ونعيشها ونشاركها.»

التعليم والتغير المناخي في كولومبيا

في مارس 2016، عند وصولهما إلى جنوب كولومبيا، صادف مارتن ومالينا عرضًا تربويًا في احتفال بمرور 45 عامًا على كفاح مجلس كاوكا الإقليمي للسكان الأصليين، وهي منظمة تُمثل أكثر من 90% من مجتمعات السكان الأصليين في كولومبيا وتحديدًا مجتمعات منطقة كاوكا. ويتمثل الهدف الرئيسي للمنظمة في استعادة الحكم الذاتي لشعبهم، والسيادة على أرضهم وكذلك استعادة الحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لمجتمعات السكان الأصليين وأخيرًا تعمل المنظمة علي دفع الدولة من أجل تعزيز نظامهم التعليمي الخاص بالسكان الأصليين، وجدير بالذكر أن هذا النظام لديه بالفعل أكثر من 400 مدرسة.

ويعتبر مجتمع تباسو التعليمي مثالًا جيدًا علي هذه المدارس، حيث تهتم هذه المدرسة ب السيادة علي الغذاء والتغير المناخي، كما تقوم بتنفيذ أنشطة تعليمية “كمدرسة حديقة الخضروات” و “حضانة الزراعة” و”تطوير وصفات طبخ محلية ” والاختيار السنوي لأفضل طالب بالمجلس بالإضافة إلي لعبة تعليمية توضح وتلخص بعض الدورس بشكل سهل لا يخلو من المرح.

Una comunidad educativa que planta soberanía alimentaria على يوتيوب

«النص الأصلي:La educación de afuera nos ha dicho que untarse de tierra o estar sucio es ser pobre. […]

La eduación [tradicional o de afuera] nos blanqueó el pensamiento, nos volvió blanca nuestra mente, no nos servía. Fue un obstáculo la eduación de occidente.

Lo que ahora queremos en la educación propia es querer fortalecer, es recuperar nuevamente eso que se nos perdió. Primero la historia que fue borrada de nuestras mentes y fortalecer nuestros procesos culturales.»

«ترجمة:يُخبرنا التعليم الغربي أنك إذا انخرطت في عمل ما بيدك فإن ذلك يعني أنك فقير. التعليم ( التقليدي أو الغربي) يشوه أفكارنا، ويعيد ضبط وعينا، ونحن لا نقبل ذلك. التعليم الغربي محض عقبة لا شيء آخر.

ما نريده الآن من خلال نظامنا التعليمي هو أن نعزز ونستعيد مرة أخرى ما خسرناه. نريد أن نستعيد التاريخ الذي مُحي من وعينا لتعزيز نضجنا الثقافي.»

في كولومبيا، ينمو الترابط بين النقابات العمالية والحركات الإجتماعية التي تسعي لبناء تعليم الشعبي من أجل اقتصاد شعبي ، كما هي الحال في رابطة كاوكا التعليمية للأساتذة والعاملين، والتي تحدث رئيسها في مقابلة مقتضبة عن 16 عامًا من العمل في رفقة هذه الحركات.

ثورة التعليم في الإكوادور

في عهد الرئيس رفاييل كوريا، وضعت الإكوادور حجر الأساس لـ ” ثورة التعليم” والتي كانت بمثابة خطوة هامة في مشروع مدارس الألفية . حيث تمتلك الإكوادور الآن مدارس حديثة للغاية ومجهزة تجهيزًا كاملا بأحدث التقنيات، ومزودة بمكتاب عامة بالإضافة إلي وجود المعامل والملاعب الرياضية، كل ذلك مع معايير عالية لضمان تعليم متميز يعتمد نموذج تدريس قائم علي المشاركة يضمن بدوره حرية الوصول إلي تعليم عالي الجودة لكل مواطني الإكوادور.

قام مارتن ومالينا علي الموقع الخاص بتدوين رحلتهما - حركة التعليم- بإخراج مقاطع ومقابلات متنوعة لتوضيح وجهات النظر المختلفة حول مشروع الإكوادور:

UEM: Escuelas para el Progreso على يوتيوب

«النص الأصلي:Cuando me pasé a esta unidad, ya me sentí un poco diferente por la infraestructura que existe aquí, y por las aulas y todo lo demás era de mayor calidad. Y ya que me están brindando toda esta calidad de servicio, bueno, yo también debo demostrar más respeto, más responsabilidad, más dedicación hacia el estudio.»

«ترجمة:عندما جئت إلى هذه المدارس شعرت بالفعل باختلاف لأن البنية التحتية الموجودة هُنا وقاعات الدراسة وكل شيء على مستوى عال من الجودة. ولأنهم يقدمون لي كل هذه الخدمات المتميزة، يجب أن أظهر في المقابل احترامًا أكبر، ويجب أن أتحمل المسؤولية وأكرس نفسي لدراستي.»

وعلى الرغم من كل ذلك فإن بناء هذه المدارس يُقابل بمعارضة من قِبل السكان الأصليين وبعض القطاعات الريفية، فهم يرون أن النظام الجديد يستوعب ويقضى على المدارس متعددة الثقافات والمدراس التي تعتمد لغتين، وهي المدارس التي كافحت حركات السكان الأصليين من أجلها.

ولأن المجال لا يسمح بالحديث أكثر من ذلك عن تجربة الإكوادور، فبإمكانك أن تُشاهد المُقابلة التي أُجريت مع نائب وزير التعليم الإكوادوري إذا أردت أن تطلع على تحليل للإيجابيات والسلبيات حول “ثورة التعليم” في الإكوادور، حيث يتحدث تفصيليًا عن التغير التاريخى للسياسة التعليمية للبلاد، وكذلك يُمكنك مشاهدة مقابلة مع بلانكا كنكوسا المُرشدة لأحد مجتمعات السكان الأصلين - CONAIE و ECUARUNARI- حيث تتحدث كونكا عن رؤيتها لمشروع مدارس الألفية وتؤكد على أن قلقها إزاء علاقة التعليم بالهوية يفوق قلقها حول عملية “إعداد القوي العاملة المؤهلة للسوق”.

بحلول الخامس عشر من أغسطس ستكون هذه الرحلة قد جاوزت العام، عامًا من التجول بطرق وأنهار ومدن ومجتمعات أمريكا اللاتينية. ومع أن الرحلة لم تنتهِ بعد إلا أن مارتن ومالينا راضيان لتحقيقهما جزء من هدفهما الرئيسى. يجب علينا أن نذكر هُنا أن كثيرًا من مقاطع الفيديو الموجودة على موقعهما الإلكتروني تُستخدم في التحليل داخل الحلقات البحثية والاجتماعات وورش العمل والمحاضرات بمختلف منظمات وجامعات أمريكا اللاتينية ، حيث يبقي كل هؤلاء علي تواصل مع مارتن ومالينا متابعيين رحلتهما في انتظار ما يجد.

«النص الأصلي:Nos alegra y emociona saber que los cortos editados en el camino son materiales de debate y reflexión para compañer@s de Nuestramérica!»

«ترجمة:إنه لأمر يجعلنا في غاية السعادة والحماس أن نعرف أن المقاطع التى أنتجناها خلال رحلتنا تُستخدم كمادة للنقاش والتفكير للأصدقاء حول قارتنا!»

مصادر

عدل