سهولة استيراد وسائل الاتصال الشخصية في السودان بعد تخفيف الولايات المتحدة للعقوبات

الثالث 31 مارس 2015


أصدرت حكومة الولايات المتحدة ترخيصًا عامًّا لتعديل العقوبات المفروضة على السودان عبر مكتب متابعة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية. ويسمح هذا الترخيص بتصدير وإعادة تصدير “بعض برمجيّات ومعدّات وخدمات اتصالات شخصية للإنترنت إلى السودان”.

وفقًا للترخيص الجديد، المُعلن في السابع عشر من يناير/ كانون الثاني 2015، من الممكن للسودانيين استعمال أو شراء وسائل اتصال تكنولوجية كانت غير متاحة في ظل العقوبات السابقة. ويضم ذلك على سبيل الذّكر لا الحصر: الهواتف الذكيّة، الأجهزة اللوحية، وأجهزة الحواسيب المحمولة، وأجهزة الربط الشبكي إضافةً إلى مجموعة كبيرة من الخدمات عبر الإنترنت، ومتاجر التطبيقات الخاصة بالهواتف المحمولة، وخدمات التخزين السحابي.

ويصبُّ هذا القرار في نفس الاتجاه الذي انتهجته حكومة الولايات المتحدة في التعامل مع الدول الأخرى التي خضعت لعقوبات مماثلة في السنوات الأخيرة، مثل كوبا وإيران وسوريا. حيث يهدف هذا التوجه إلى تعزيز حرية التعبير من خلال توفير بعض وسائل الاتصال للمواطنين في هذه البلدان.

ردّة فعل إيجابية

عبّر السودانيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن ابتهاجهم الشديد لهذه الأخبار، إذ أشار بعضهم مازحًا إلى عدم الحاجة إلى الشبكة الخاصة الافتراضية (VPNs)، بينما أعرب آخرون عن قلقهم حول ضمان امتثال الشركات الأمريكية للّوائح الجديدة.

قالت مها السنوسي في تغريدةٍ لها:

اقتباس فارغ!

«ترجمة:أخبار سارة في السودان على خلاف العادة. وداعًا للشبكة الخاصة الإفتراضية، سنفتقدكِ؟»

ودّعت “إيوسف” عبر تويتر التحذير المعروف الذي يَظهرُ عند محاولة استعمال بعض تطبيقات المتجر والخدمات الإلكترونية في السودان:

«النص الأصلي:RIP Error 1009 — Mohabbatein (@iYousif) February 17, 2015»

«ترجمة:ترحموا على الخطأ 1009.»

في حين نبّه “دبيجمور” في تغريدة له إلى أنّ المعركة لم تنتهي بعد:

اقتباس فارغ!

«ترجمة:إنّ الرفع الجزئي للحظر الإلكتروني خطوةٌ أولى. وكخطوةٍ ثانيةٍ، علينا الضغط على الشركات الالكترونية ومُمثّلي وسائل الإعلام الإلكتروني حتّى يمتثلوا للقوانين الجديدة.»

بيد أنّ المزاج العام ربّما قد تغيّر بعد هذه التغريدة الانفعالية الفريدة:

«النص الأصلي:ما كنت قايل نفسي هعيش لغاية الحظر الالكتروني يترفع *يبكي ويتمخت*

— MKMBHS»

معركة طويلة

وصفت الناشطة الحقوقية “داليا الحاج عمر”، عبر تويتر، تعديلات الحظر الجوي بأنّها “نصرٌ” تحقق عبر الجهود المضنية التي بذلها المجتمع المدني السوداني وشبكةٌ عالميةٌ تضمُّ منظمّاتٍ وناشطين في مجال الحقوق الرقمية من الولايات المتحدة وبقية دول العالم. كما كتبت السنة الماضية حول الحملة التي قام بها الناشطون السودانيون لرفع العقوبات المفروضة على الاتصالات الرقمية إلى السودان قائلةً:

«النص الأصلي:The campaign aims to educate the Sudanese public and American policy-makers about the negative impact of US sanctions on the free access to information communication technologies (ICTs) and the internet in Sudan. The launch marks a year-long advocacy effort that has included talks with US-based civil society groups and the US State Department.»

«ترجمة:ترمي هذه الحملة إلى إطلاع عموم السودانيين وصُنّاع القرار في الولايات المتحدة على الأثر السّلبي الذي خلّفته العقوبات على حرية الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعلى الإنترنت. وقد بلغت هذه الحملة منذ انطلاقها سنة كاملة من الدعوة لرفع الحظر تخلّلتها محادثات بين مجموعات المجتمع المدني داخل الولايات المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية.»

أطلق ناشطون سودانييون السنة الماضية حملةً لرفع الحظر الإلكتروني عن بلادهم تهدف لإلقاء الضوء على تأثيرات العقوبات الأمريكية على السودانيين وعلى الاتصالات الرقمية.

ولعلّ تدهور حقوق الإنسان في السودان يهدّد الصحفيين والناشطين السياسيين والحقوقيين خصوصًا. إذ تحتلُّ السودان المراتب الأولى في انتهاك حريّة التعبير وحريّة الصحافة حسب مؤشرات الحرية لمنظمات حقوق الإنسان خلال العقد الماضي.

أمّا في ما يخصُّ حرية الإنترنت، فقد صُنّف السودان على أنّه بلدٌ “غير حرٍّ” حسب مؤشر حرية الإنترنت لسنة 2013 و2014 لمنظمة “فريدوم هاوس”.

التحدّي المقبل

في افتتاحيةٍ نُشرت على صفحة فايسبوك الخاصة بسفارة الولايات المتحدة بالخرطوم، أشار السفير الأمريكي “دجيري لانيي” إلى أثر التعديلات الإيجابي على السودانيين:

«النص الأصلي:I believe these amendments will give Sudanese students, entrepreneurs, businesspeople, journalists, civic leaders, and others better access to the telecommunications tools they need to study, create, grow, and serve their communities. It will ease some of the difficulties in daily life faced by Sudanese people, and in a way that enhances their communications and relationship with the American people.»

«ترجمة:أعتقد أنّ هذه التعديلات ستعطي الطلبة السودانيين وأصحاب المشاريع ورجال الأعمال والصحفيين وقادة المجتمع المدني وآخرين فرصةً أفضل لاستخدام آليات الاتصال التي يحتاجونها للدراسة والإبداع والتقدم وخدمة مجتمعاتهم. كما ستخفّف بعض الصعوبات اليومية التي يواجهها السودانيون، وهو ما سياسهم بدوره في تعزيز علاقتهم وتواصلهم مع الأمريكيين.»

لا تزال الإصلاحات الجديدة محدودة النّطاق رغم أنّها خطوةٌ في الاتجاه الصحيح ومُرحّبٌ بها، فالتحديات الضخمة التي يواجهها السودانييون لها ما يُبرّرها. إذ يشعر السودانيون الشباب، خصوصًا المهنيون منهم، بتنامي عزلتهم وعدم قدرتهم على الاندماج في المجتمع الدولي لتحقيق تطلّعاتهم ومشاريعهم الجديدة.

في حديثٍ له مع الأصوات العالمية على سكايب، قال الناشط على الإنترنت والمنسّق لحملة “رفع الحظر الإلكتروني الأمريكي عن السودان”، محمد هاشم كمبال: “علينا الآن مواصلة الضغط والمُضيّ قُدمًا في هذا الاتجاه”. كما استعرض “كمبال” العديد من الأمثلة التي تُظهر أن تأثير العقوبات على المواطنين السودانيين لا يزال قائمًا: ” حتى مع صدور الترخيص الجديد لا يستطيع المهندسون والمطوّرون الشباب الحصول على شهادات اعتماد داخل السودان من المؤسسات المهنية الأمريكية وغير الأمريكية المُعترَف بها”. ثم قال موضّحًا: “لا تستطيع مراكز الاختبار ومنح الشهادات أن تفتح أبوابها في الخرطوم”. مما دفع بهؤلاء المهنيين إلى التوقف عن مواصلة حياتهم المهنية في السودان وأدّى وفقًا لبعض التقارير إلى هجرةٍ جماعيّةٍ للكوادر والكفاءات العلمية. كما يواجه العاملون في مجالات الطبّ والعمل الإنساني وحفظ السلام نفس العوائق.

انتقدت مؤسسة “الجبهة الإلكترونية” سابقًا، ومقرها الولايات المتحدة، ما وصفته “بسياسة المراحل” التي اعتمدتها الحكومة الأمريكية في التعامل مع العقوبات معتقدةً بأنّها ضارّةٌ بالابتكار والتنمية في البلدان الخاضعة لها.

مصادر

عدل