عائلة يهودية تستضيف لاجئًا سوريًا مسلمًا في منزلها في برلين

السبت 2 يوليو 2016


نُشرت هذه المقالة لدانيال ايسترن بالأصل على موقع PRI.org في 28 من حزيران/يونيو 2016، ونعيد نشرها هنا بموجب اتفاقية مشاركة المحتوى.

عندما غادر ابن عائلة جيلنك البالغ من العمر 20 سنة المنزل، جاء مكانه لاجئ سوري ذو 28 سنة. يقول شاييم جيلنك، وهو طبيب يعمل في برلين: “كانت الغرفة فارغة، فقلنا نعم، سنحاول”.

استقبلت ألمانيا المئات من لاجئي الحرب السوريين خلال العام الماضي. استضاف بعض الألمان عدد منهم في منازلهم.

لكن عائلة جيلنك تبرز بين هذه العائلات، كونها عائلة ألمانية يهودية تستقبل مسلم سوري في منزلها لأجلٍ طويل الأمد. في زمن ينمو فيه القلق بين الألمان عمومًا واليهود الألمان خصوصًا من ما يقارب مليون ونصف وافد جديد لبلادهم أغلبهم من الشرق الاوسط.

“أعتقد أن غالبية المجتمع اليهودي تريد الترحيب باللاجئين، هذا من جانب” يقول شاييم جيلنك وهو جالس في غرفة معيشته مساء يوم الجمعة قبل عشاء السبت. “ومن جانب آخر، يخشى عدد كبير من اليهود الإسلام المتطرف”.

في تصريح لرئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، جوزيف شوستر، لصحيفة ألمانية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر قال فيه بأن على ألمانيا وضع حد لأعداد المهاجرين الواصلين. ويضيف: “عدد كبير من اللاجئين هربوا من إرهاب الدولة الاسلامية ويريدون العيش بسلام وحرية، وفي نفس الوقت، هم يأتون من أماكن تعد فيها كراهية اليهود والتعصب ضدهم جزء من الثقافة العامة”

تنتمي عائلة جيلنك إلى كنيس يهودي محافظ في برلين حيث يشارك الرجال والنساء معًا في آداء الطقوس. وهو كنيس قديم، سيطر عليه النازيون مرة واستخدموه كمستودع. ويشارك الكنيس أيضًا في مساعدة اللاجئين مع عائلة جيلنك، الذين نذروا أنفسهم لهذه القضية، حيث أسسوا معًا منظمة لمساعدة اللاجئين، أسموها فريدموس، والتي نشرت كتيب معلومات لمساعدة اللاجئين على تخطي صعاب الاندماج في ألمانيا.

ويقول شاييم: “أعتقد فعلًا أن الطريقة الوحيدة الناجحة لحل هذه المشكلة هي بالتواصل مع اللاجئين والترحيب بهم”.

عندما كان شاييم وزوجته كايرا يقومان أعمال تطوعية مع اللاجئين السوريين، سمعوا بكنعان، مندوب مبيعات الأدوية الذي فر من مدينته دمشق، وخاض رحلة طويلة من تركيا عبر البحر إلى اليونان ثم إلى الشمال حيث ألمانيا.

كان كنعان، الذي طلب ان يُعرَّف باسمه الأول فقط، يعيش تحت ظروف صعبة في مركز اللاجئين في ألمانيا. تذكر أنه عندما قابله شاييم جيلنك، وأخبره بكون عائلته يهودية، رد بأنه لاتوجد عنده مشكلة في هذا. “حين تأتي من مكان فيه حرب ويستقبلك شخص ما، سيبدو لك هذا الشخص جيدًا جدا”.

يقول كنعان أنه يعرف أن هناك مرارة بين العرب واليهود في الشرق الأوسط، لكنه لم يرَ اليهود أبدًا كأعداء. “نعم، هناك عداء بين إسرائيل وسوريا، لكن هذه مسألة سياسية، لا علاقة لها بالدين” يقول كنعان.

في تلك الليلة كان كنعان مسؤولًا عن إعداد عشاء السبت. حيث كان هناك أربعة قدور على الموقد: أرز متبل، كواج (يخنة سورية معمولة من الطماطم والبصل)، لحم مفروم مع ثوم وشوربة عدس.

يقول كنعان أنه اكتسب خبرته في تعلم الطبخ من يوتيوب. حين بدأ يطبخ لنفسه بعد مغادر دمشق بمفرده.

وعندما جهّز الطعام، اجتمع كنعان وعائلة جيلنك على طاولة طويلة حيث جلس شاييم وكيرا وأولادهم الأربعة: ليلي (8 سنوات)، جوشي (12 سنة)، روزا (18 سنة) وبيلا (20 سنة). ناول شاييم أولاده الكيباه ليلبسوها، وضع كنعان واحدة على رأسه أيضًا. تلت العائلة التبريكات على ضوء شموع السبت، والنبيذ وخبز الشلة. ثم أكلوا وتمازحوا لساعات. كان كنعان يضحك معهم. ثم اعترف بعد ذلك أنه لم يفهم كثيرًا من الألمانية. ضحك كل من على المائدة على تعليقه، ومن ضمنهم هو.

كنعان متفرغ لدراسة اللغة الألمانية، ويساعده أولاد عائلة جيلنك في آداء واجباته المنزلية.

تقول روزا جيلنك (18 سنة): “إنه لأمر رائع، لاننا نتعلم الكثير من بعضنا – كالطبخ واحتفال السبت”

“قبل بضعة أسابيع أراد أن يقول لي تصبحين على خير، لكنه قالها بطريقة خاطئة، قلت له عليك أن تقول “ليلة سعيدة” وليس، لا أعرف ماذا قال، “سعيدة الليلة” أو أي شيء آخر قلته بالإنجيلزية” تقول روزا. وتضيف: “كرر قولها بطريقة خاطئة لثلاث ليالي بعدها، لكن بعد ذلك تعلم قولها بالطريقة الصحيحة. كان من الجميل أن أراه يتعلم المزيد من الألمانية، وأن أساعده في ذلك”

وعلى الأريكة التي يجلس عليها، تحدث شاييم جيلنك عن انطباعاته للاستقبال الدافئ في بلده للاجئين. يقول: “كانت هذه واحدة من أهم الأمور في حياتي، لأننا رأينا في هذه المدة القصيرة صورة مختلفة تمامًا من ألمانيا، شيءٌ لم نره من قبل، شعب منفتح وودود، ودود جدًا .”

اعتنق شاييم اليهودية قبل بضع سنوات. أم كايرا كانت ناجية من مجزرة حي بودابست اليهودي خلال الحرب العالمية الثانية. لذلك فأن العائلة تتعافى من معضلة كونها يهودية وتعيش في ألمانيا ما بعد الهولوكوست.

يقول شاييم إنه شعر أكثر بأنه في وطنه، عندما قامت ألمانيا بتوفير وطن للقادمين الجدد بمختلف انتماءاتهم الدينية والثقافية.

“كنا محظوظين جدًا بلقاء كنعان” يقول شاييم، “لقد فتح لنا جميعًا بابًا للنظر إلى بلدنا بطريقة مختلفة”

شارك فرانك هسنلاند بكتابة هذا التقرير.

مصادر

عدل