كيف أضحت هذه العالمة رمزاً لمقاومة التمييز الجنسي في قيرغيزستان
الجمعة 23 فبراير 2018
عندما ألهب أحد رجال أعمال البارزين وسائل التواصل الاجتماعي في قيرغيزستان بوصفه لفكرة القيادة النسائية بأنها محض “هراء” وتشبيهه للحركة النسائية بـ “الإرهاب”، جاءت إنجازات عالمة كيمياء من دول آسيا الوسطى لتكون الرد الأمثل على مثل هذه التصريحات.
في حفل توزيع الجوائز الذي نظمه معهد المهندسين الكيميائيين (IChemE) في برمنجهام في 2 نوفمبر/تشرين الثاني كانت الجائزة الأولى في فئة التكنولوجيا الحيوية من نصيب عالمة الكيمياء الحيوية أسيل سارتبايفا والجامعة البريطانية باث، وقد أثلج هذا الإنجاز صدور بني وطنها.
ووفقاً لما ذكره معهد المهندسين الكميائيين (IChemE) فإن مشروع جامعة باث للتكنولوجيا الحيوية الذي قادته سارتبايفا “هدف إلى استخدام مادة السيليكا لحفظ اللقاحات وحمايتها من التلف مما قلل الحاجة إلى استخدام معدات التخزين البارد لحفظها.”
تروي سارتبايفا في الفيديو التالي بداية شغفها بهذا الموضوع وكيف نمى اهتمامها بتطوير هذه التكنولوجيا تحديداً والتي يؤكد معهد المهندسين الكميائيين (IChemE) أن من شأنها أن “تساهم في إنقاذ الملايين من الأرواح” من خلال الحفاظ على اللقاحات صالحة للاستخدام وإيصالها إلى المناطق النائية.
تقول العالمة أسيل سارتبايفا:
«النص الأصلي:“بعد ولادة ابنتي اصطحبتها في زيارة للطبيب لكي تحصل على التطعيمات اللازمة. أخرج الطبيب اللقاح من الثلاجة وكان على وشك حقنها به، واعتقدت حينها اعتقاداً ساذجاً أنه يجب أن يقوم بتدفئة اللقاح أولاً لكنه لم يفعل! وأوضح لي الطبيب قائلاً: “لا نقوم بتدفئة اللقاح وإلا فسد!” فكرت في الأمر وقلت في قرارة نفسي أنني لا أفقه شيئاً عن اللقاحات. وكانت هذه اللحظة بداية رحلتي؛ عكفت على البحث في هذا الموضوع واكتشفت أننا نحتاج للاحتفاظ باللقاحات في الثلاجة طوال الوقت. ثم فكرت في طرق بديلة لحفظ اللقاحات في قفص مصنوع من مادة السيليكا لحمايتها من التلف.”»
Asel Sartbaeva discusses thermally stable vaccines على يوتيوب
أسيل سارتبايفا تناقش موضوع اللقاحات المستقرة حرارياً
“النسوية والإرهاب وجهان لعملة واحدة”:
جاءت أخبار فوز العالمة أسيل سارتبايفا بهذه الجائزة بعد أيام فقط من تصريح مثير للجدل أطلقة رجل الأعمال بابور تولبايي، مؤسس إحدى المؤسسات المالية الأكثر نجاحاً في البلاد والتي تقدم القروض الصغيرة لعملائها حيث شبه النسوية بـ “الإرهاب”، ووصف فكرة القيادة النسائية بأنها محض “هراء” في مقابلة كان قد أجراها في أحد البرامج الحوارية المحلية. قال تولباييف والذي تقدم شركتة “مول بولاك” القروض لعملائها في روسيا وقيرغيزستان:
«النص الأصلي:“تطمح العديد من النساء إلى تحقيق المستحيل ويرغبن في أن يكن رائدات في مجال الأعمال وقادة ولكن هيهات! هذا محض هراء! إن النسوية والإرهاب وجهان لعملة واحدة؛ فكلاهما شكلاً من أشكال التطرف.”»
منافق كبير؟
أعربت الصحفية بيرميت تالانت كيزي في إحدى المدونات عن دهشتها من هذه التصريحات وتساءلت كيف لمثل هذه الكلمات المخجلة أن تأتي على لسان رجل أعمال بارز مثل تولباييف تضم مشاريعه التجارية كوكبة من المديرات والقيادات النسائية، وقد قدمت شركته قروضاً لا حصر لها لقاعدة عملاء عريضة أغلبهم من النساء بما في ذلك الشركات الناشئة. وخلصت تالانت كيزي إلى أن رجل الأعمال تولباييف والذي يعد نفسه في ركاب المحسنين وفاعلي الخير هو في حقيقة الأمر “منافق كبير.”
قالت تالانت كيزي:
«النص الأصلي:“يبدو أن تولباييف يصنف النساء إلى فئتين: النساء اللاتي يخدمنه مثل زوجته، وأولئك اللاتي تساعدنه على زيادة ثروته مثل موظفات شركته وعملائها!”»
تداول المستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعية لعدة أيام مقطع الفيديو الذي يصور المقابلة التي كان قد أجراها تولبايف وأدلى فيها بهذه التصريحات المثيرة للجدل.
[#корольразбросанныхносков ووصفت ] مؤلفة كتب الأطفال ألتين كابالوفا في منشور لها على موقع الفيسبوك رجل الأعمال تولبايف بأنه غير قادر على فهم ظاهرة النسوية فهماً صحيحاً واختارت اسم (The King of Discarded Socks – ملك الجوارب البالية) للشخصية التي ستبنيها عليه في أحد كتبها في إشارة منها لانشغاله بالتوافه وصغائر الأمور:
«النص الأصلي:“أكرر للمرة المليون أن النسوية لا تعني تبني طائفة معينة من الآراء والتصورات، ولكنها تعني الأفعال البسيطة والطبيعية التي لا تنطوي على فرض قيود على المرأة أو منحها امتيازات خاصة. #TheKingofDiscardedSocks»
أوضحت أسيل كوبانيش المتخصصة في التعليم السبب المحتمل وراء مثل هذه التصريحات قائلة:
«النص الأصلي:“أتفهم أن الرجال كانوا في وقت من الأوقات مجرد صياديين وجامعي ثمار يركضون مع الوحوش في البرية، ولكن يجب أن ندرك أن الأمور قد تغيرت كثيراً منذ ذلك الحين. فاليوم المرأة لا تحتاج إلى الرجل ليوفر لها الطعام وسبل الحياة. ونرى ذلك جلياً في قصص العمال المهاجرين من قيرغيزستان؛ فكثيراً ما تتولى العاملات المهاجرات مسئولية إعالة أسرهن بالكامل. وتتحمل العاملات القيزغيزيات هذه المسئولية الكبيرة في أسوأ الظروف التي يمكن تخيلها! تخيل النجاح الذي يمكن للمرأة أن تحققه إذا حصلت على دعم زوجها وأسرتها ودولتها.”»
أعربت إلفيرا سورابالديفا عن غضبها الشديد إزاء هذه التصريحات في تعليق لها على موقع تويتر فقالت:
«النص الأصلي:“أين المفاجأة؟ إن رجل الأعمال بابور تولباييف هو خير مثال ينطق بحال دوائر الأعمال القيرغيزية حيث تُعامل النساء كمواطنات من الدرجة الثانية!”»
حاول تولبايف شرح مقصده من وراء هذه التصريحات في محاولة منه لدفع الحرج عن نفسه واعترف بأن تشبيه النسوية بالإرهاب كان ضرباً من “المبالغة” لا أكثر، وادعى أنه يؤيد تبني “سياسة جنسانية يتم تطبيقها تطبيقاً صحيحاً” مما يسمح للرجال والنساء على حدٍ سواء بالسعي وراء تحقيق أهداف حياتهم الاجتماعية والمهنية على قدم من المساواة. ولكن أكد تولبايف أن المرأة “عمود الأسرة” مما يفسر كلماته خلال المقابلة حول دور المرأة في المجتمع حيث أكد على أن دور المرأة في بناء الأسرة ورعايتها “أفضل لها من الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال”، ونصح المرأة بأن تحاول “إنجاب أكبر عدد ممكن من الأطفال “قبل بلوغها سن الخامسة والثلاثين قبل أن تجد نفسها على مشارف الأربعين.”
وبديهياً لم تكن محاولة تولبايف في التراجع عن هذه التصريحات مقنعة للكثيرين:
«النص الأصلي:بعد انتشار هذا التعليق الذي ينطق بالتفرقة الفجة بين الرجل والمرأة جاء تعقيب رئيس البنك رجل الأعمال تولبايف بعبارات تحمل نفس المعنى ولكنها صيغت بطريقة مختلفة لا أكثر!»
ديردري تينان ، 1 نوفمبر، 2017.
وعلى الرغم من ذلك فبعد أيام قليلة من انتشار الأخبار حول جائزة العالمة أسيل سارتبايفا، أضحى للمرأة القيرغيزية مثال مشرف يحتذى به وشخصية قيادية استثنائية وكان ذلك باعثاً على الاحتفال والاحتفاء، فضلاً عن كونه ذريعة لتوبيخ تولوباييف على منصات الاعلام الاجتماعية:
تقول ريما سلطانوفا في منشورها الذي وجهته لرجل الأعمال تولبايف (الذي يظهر على يسار الشاشة) : “دور المرأة في مجال العلوم”. ويقول منشور أوميتاي دافليتاييفا (الذي يظهر على اليمين): “فلتعد إلى كهفك يا تولبايف! ها هي عالمة فذة تنقذ الأرواح بينما تنشغل أنت بالتوافه المخجلة!”
يقول ألتين كابالوفا (كما يظهر على يسار الشاشة):
«النص الأصلي:“يا لها من أخبار مفرحة! إنني لأفخر بالإنجاز الذي حققته هذه العالمة وأشعر أنني قد طورت هذه التكنولوجيا الجديدة بنفسي! يبدو أنه سيكون كابوساً رهيباً لتولبايف (The King of Discarded Socks – ملك الجوارب البالية)! “»
يمكنك قراءة المقابلة التي أجريت معها على الموقع الإلكتروني للجمعية الملكية للكيمياء لمعرفة المزيد عن رحلة الدكتورة سارتبايفا العلمية وكيف شقت طريقها إلى أن وصلت إلى طليعة موكب العلماء.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «كيف أضحت هذه العالمة رمزاً لمقاومة التمييز الجنسي في قيرغيزستان». الأصوات العالمية. 23 فبراير - شباط 2018.
شارك الخبر:
|