كيف نصف “الحقائق” في الأخبار: كاذبةٌ، خاطئةٌ، خادعةٌ أم ملفَّقة؟
الأثنين 27 فبراير 2017
تُشكل “الأخبار الكاذبة” محور الاهتمام في الفترة الأخيرة، خاصةً عندما أثبتت الحالات الحديثة تأثيراتها القوية والواسعة المدى، إذ أن قدرتها على إثارة العنف كانت حقيقيةً ملموسةً في مطلع العام الجديد؛ ففي أواخر كانون الأول/ ديسمبر، واستنادًا على مقالٍ صحفي مزيف حول نوايا إسرائيل، هدد وزير الدفاع الباكستاني، خواجه محمد آصف، إسرائيل بالرد النووي. أما في الولايات المتحدة فقد أصبح مصطلح “الأخبار الكاذبة” المصطلح المستخدم لتجريد وسائل الإعلام الناقدة لدونالد ترامب من أهليتها معتبرةً إياها تفسيرًا محتملًا لتَسلُّمهِ الرئاسة.
إن الأخبار الكاذبة ليست المشكلة الوحيدة، كما أشار بعض الأشخاص كميليسا زيمدارس (أستاذة مساعدة في قسم الاتصالات في كلية ميريماك في ولاية ماساتشوستس اشتهرت قائمتها للأخبار الكاذبة عقب الانتخابات الأمريكية)، فحالات الدعاية السياسية والمعلومات الخاطئة والتضليل الإعلامي والنقرات المفخخة و”الحقائق” غير الموضوعية بالطبع متفشية بالقدر ذاته، بل إنها أكثرُ ضَررًا في بعض الحالات (راجع محاجة جلعاد لوتان الحديثة).
فعليًا، تبيُّن الأخبار الكاذبة بدقة ليس بالأمر الهين، فلا يكفي أن يحتوي المقال على وقائعٍ غير صحيحة -والتي انخدع بها الصحفيون سابقًا- ناهيك عن حالات التزوير الصحفي البحت المعتادة. فقد كانت الاستخدامات السابقة للأخبار الكاذبة أكثرُ ارتباطًا بالمحتوى الملفق بُغية تحقيق المبيعات. ويمكن إرجاع هذا التعبير، من الآن فصاعدًا، إلى كافة أطياف المعلومات المشكوك بها، بما فيها بعض الحالات الإشكالية المذكورة أنفًا. وهناك جدل حول المصطلح، على الأقل في الأوساط الإعلامية الإنكليزية؛ إذ أن محاولة ترجمة هذا المصطلح إلى لغات أخرى تسلّط الضوء على المشكلة بشكل أكبر، فكلمة デマ أو “ديما dema” باللغة اليابانية، مثلًا، لها أكثر من معنى، فقد تعني “معلومات كاذبة” وأيضًا “ إشاعات كاذبة“.
إن ما يُدرَك جيدًا في مفهوم الأخبار الكاذبة، هو الصعوبة التي يُواجها القُراء في تمييز الحقيقي من المزيّف في التعامل مع المعلومات. فقد أظهرت دراسة، قامت بها جامعة ستانفورد العام الماضي، أُجرِيَت على 7800 طالبٍ أن معظم طلاب المدارس الثانوية الأمريكية، على سبيل المثال، يتقبلون ببساطة الصور وتوضيحاتها على أنها “الحقيقة”، دون أن يخطر ببالهم التحقق منها؛ فماذا كانت الصورة المستخدمة في الاختبار؟
«النص الأصلي:[//imgur.com/BZWWx Fukushima Nuclear Flowers»]
«ترجمة:أزهار فيوكوشيما النووية»
بالكاد لاحظ الطلاب عند عرضنا هذه الصورة “لأزهار فوكوشيما النووية” عليهم أيّ شيء سوى أنها دليل على كارثة نووية.
إذاً، كيف نتناول هذه القضايا التي يثيرها هذا المصطلح وغيرها دون إضافة المزيد من الالتباس؟ لا سيما أن التحدي التي تفرضه الأخبار الكاذبة، من وجهة نظر الأصوات العالمية، ليس بجديد وهذا ما دفعها لتأسيس مشروع نيوزفريمز، باعتباره أحد جهودها الأولى لإرساء بعض الوضوح وبشكل خاص على النطاق العالمي.
الأمر الذي يستلزم الانكباب على المهمة الصعبة المتمثلة بإيجاد الكلمات الصحيحة لوصف الأوضاع والحوادث. بدأنا في كانون الأول/ ديسمبر بكلمة الكاذبة ثم انتقلنا إلى الخاطئة والمزيّفة، إلا أن معاني الدلالات الإضافية وجنوحها لم يُشجِعُنا. تقاربت أفكارنا حاليًا إلى حدٍ ما، حول مصطلح المعلومات الملفّقة، و هذه الصفحة ستخبرك بالمزيد. وسنعتبر هذا العمل كعملٍ بطور التقدم آخذين بعين الاعتبار جهود المتطوعين لدينا المنهمكين بجمع نماذج محددة من هذه المعلومات المثيرة للجدل بكل اللغات.
من المحتمل أن يثير الإسهاب بالحديث عن” الأخبار الكاذبة“ تساؤلاتٍ حول القيود العامة المفروضة على الصحافة المبنية على سرد الوقائع، لكننا نرى فيها فرصة أيضًا؛ ذلك أن القضايا التي يُثيرها صنع وقراءة وانتشار المحتوى الملفق ماثلةٌ منذ بعض الوقت، ويتعرض لها المحررون المحترفون وغير المحترفون باستمرارٍ، فضلًا عن التحديات المتعلقة بمقاييس دقيقة غير متحيزة أو موضوعية. ومن الممكن عند التفكر مليًا بهذه التحديات، أن نكتشف أو نعيد اكتشاف لغة معيارية للنبأ الحقيقي وللقُراء اليانعين تقودنا إلى مجتمعات عادلة.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «كيف نصف “الحقائق” في الأخبار: كاذبةٌ، خاطئةٌ، خادعةٌ أم ملفَّقة؟». الأصوات العالمية. 27 فبراير - شباط 2017.
شارك الخبر:
|