لماذا تقوم جبهة النصرة بإعدام السوريّات

الجمعة 23 يناير 2015



حاولت جبهة النصرة اكتساب التأييد الشعبي لها من كافة فئات المجتمع، على عكس الدولة الإسلامية التي كان تركيزها على المتطرفين أو من يملكون بذرة التطرف لتقوم هي بتنميتها، أما جبهة النصرة (الجناح السوري لتنظيم القاعدة في بلاد الشام) كانت مختلفًة حيث عملت على استمالة مختلف شرائح المجتمع من المعارضين لنظام الأسد سواء كانوا إسلاميين أو علمانيين، وهذا ما نجحت فيه حتى وصلت إلى مرحلة من الغرام بينها وبين المجلس الوطني السوري (الممثل الشرعي للسوريين باعتراف عدد كبير من الدول لمدة سنة)، بالإضافة لعدد من السياسيين المعروفين كالشيخ معاذ الخطيب (الرئيس السابق للائتلاف السوري) الذي طلب إزالة جبهة النصرة من قائمة الإرهاب الدولية.

استمرت جبهة النصرة في حربها مع النظام منذ تأسيسها في سوريا بعام 2012 مشتبكةً مع النظام في كل المدن السورية، وهذا ما كان يعطيها تعاطف المعارضين فيغفرون لها بعض الممارسات المجحفة، إلا أنها بدأت بالانحراف عن خطها مع انتهاء سنة 2014، حيث تحولت النصرة لاتجاه آخر فاقتربت بتصرفاتها من تنظيم الدولة الإسلامية من حيث التكفير والاعتداء على المدنيين وعمليات الإعدام، وقد خرجت العديد من المظاهرات النسائيّة ضد جبهة النصرة في مناطق سيطرتها، وكان خروج النساء لاعتقادهنّ بأن النصرة الإسلامية لن تقترب من أو تعتدي على النساء بينما خروج الرجال ضدهم سيؤدي لاتهامهم بالردّة وسيكون مصيرهم الإعدام.

إلا أن الأمور لم تجري كما توقع السكان حيث بدأت جبهة النصرة بحربها ضد النساء السوريات لتستثمر هذه الاعتداءات بعدة مجالات، حيث قامت جبهة النصرة يوم السبت 17 كانون الثاني/ يناير 2015 باقتحام مكتب راديو فرش في كفرنبل بمدينة إدلب و اقتحام مركز مزايا الذي هو عبارة عن مشغل للأعمال اليدوية والألبسة، فقامت النساء الموجودات بالاحتجاج على ذلك، مما دفع بالنصرة للاعتداء على النساء وضربهن (وكانت من بين الجموع امرأة حامل وتلقت ضربة مما سبب نزيفًا لها وتهديدًا لحياة الجنين)، ولم تستطع ممارسات النصرة إسكاتهنّ، حيث خرجن بعد فترة بمظاهرة منددة بتصرفات النصرة بشكل صريح ورافضة لوجودهم، مما جعل الأخيرة تتخذ موقفًا أكثر حزمًا من هذه الظاهرة التي أخذت بالانتشار وبدأت بإعطاء طابع عن رفض شعبي تجاه جبهة النصرة.

قامت جبهة النصرة بعملية إعدام لامرأة خمسينية بتهمة ممارستها للدعارة، ونفذوا الحكم بإطلاق الرصاص على رأسها مما أشعل موجة غضب عارمة من الأهالي وحتى ممن كانوا سابقًا يؤيدون تصرفات الجبهة.

يقول أحمد السليمان (أحد سكان ريف إدلب):

«النص الأصلي:ليس هذا ما توقعناه من جبهة النصرة التي كنا نأمل أنها جاءت لمساعدتنا كسوريين وكمسلمين، فهي تخطو على خطى الدولة الإسلامية في قتلنا وتضييق الخناق علينا كما يتصرف النظام السوري تمامًا.»

ويضيف السليمان:

«النص الأصلي:ليس هناك أي مبرر لقتل هذه الامرأة الخمسينيّة وليست هذه طريقة الاعدام بحالة أنهم فعلًا يريدون تطبيق الشرع، كما أننا لم نشهد أية محاكمة ولم يتم إظهار الشاب الذي ادعوا أنها تمارس الدعارة معه، أم أنّ الحد يتم تطبيقه على النساء فقط؟»

لاحقًا لعملية الإعدام وبعد أربعة أيام بالتحديد قامت جبهة النصرة بإعدام امرأة ثانية في العشرينيات من عمرها من مدينة حفسرجة في محافظة إدلب أيضًا بتهمة ممارسة الدعارة وتم الإعدام بنفس الطريقة، رميًا بالرصاص.

تحدثنا للسيدة خلود من بنات المدينة فقالت حول الحادثة:

«النص الأصلي:إن جبهة النصرة تقوم بإعدام النساء لأنها تعلم أننا لن نسكت عن ممارساتها وقمعها لنا فهي السبب الأول بخطف ثورتنا، وقد تحولت جبهة النصرة من محاربة النظام إلى محاربة الشعب السوري الذي تدّعي أنها جاءت لنصرته،»

تستأنف السيدة خلود حديثها:

«النص الأصلي:تحاول النصرة تشويه سمعة النساء السوريات للضغط على أزواجهنّ كي يمنعوهنّ من المشاركة بالحراك الثوري الذي لم تتأخر المرأة السورية عن تلبية ندائه يومًا.»

أما السيد قيس العمر الناشط المدني من مدينة كفرنبل بمحافظة إدلب فقال:

«النص الأصلي:أن هذه التصرفات من النصرة تأتي في سياق تخويفها للأهالي لتعيّشهم بجو من الرعب بالإضافة أنهم يريدون تشويه صورة الجيش السوري الحر الذي تم طرده من المنطقة من قبل جبهة النصرة بعد معارك بالمدينة. تريد من ذلك إرسال رسائل أن المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش السوري الحر ينتشر فيها الفساد والدعارة وانحلال الأخلاق، إلا أن هذه التصرفات ستكون عواقبها وخيمة على النصرة وكذلك هي نقطة بداية النهاية بالنسبة لهذا الفصيل.»

عملت المرأة السورية في كافّة مجالات الثورة من الجانب الإغاثي والإسعافي ونظمت المظاهرات و شاركت بها، كما انتقلت لحمل السلاح في بعض المناطق نتيجة الظلم الذي تعرضت له وفقدان العائلة والأبناء، وربما كان هذا هو سبب محاربة جبهة النصرة للمرأة السورية حيث أنها لا تريد أي حراك يوحي بوجود مجتمع مدني في مناطق سيطرة التنظيم لإحلال الطابع الإسلامي المتشدد ومنع السكان من الاعتراض على أي من ممارساتهم من خلال تخويفهم بما يمكن أن يتعرضوا له هم أو نسائهم وبناتهم والمعروف بالرجال الشرقيين أن المرأة عندهم خط أحمر لا يقبلون المساس به .

قال بعض النشطاء السوريين في الثورة السوريّة أن (الثورة أنثى) فربما لذلك أرادت التشكيلات الإسلامية تقويض وإنهاء دور المرأة في المجتمع للقضاء على الثورة السورية التي نادت بالحرية والكرامة والمساواة لكافة فئات المجتمع.

مصادر

عدل