ماذا يحدث في وادي بردى في سوريا؟

الخميس 5 يناير 2017


اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع، يوم السبت مشروع القرار الذي اقترحته روسيا وتركيا بدعم اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا.

ولكن على ما يبدو فإن القرار لن ينفذ من قبل النظام السوري الميليشيات المدعومة من إيران على الأراضي السورية. فمنذ بداية الهدنة لم تتوقف قوات النظام عن قصف قريتي: عين الفيجة وبسيمة في وادي بردى، كما حاولت ميليشيا حزب الله اللبناني المتمركزة في جبل هابيل التقدم لمحور قرية الحسينية فتصدى لهم الثوار هناك.

بحسب “ الهيئة الاعلامية في وادي بردى” فقد خرقت قوات النظام الهدنة حيث استمرت الغارات الجوية على منطقة وادي بردى بالتزامن مع القصف بالمدفعية الثقيلة، كما قام النظام يوم الأحد 1 كانون الثاني/ يناير 2017 بإخلاء أهالي وأبناء العسكريين التابعين له من داخل قرى وبلدات وادي بردى، ربما تمهيدًا لمجزرة بحق المناطق المعارضة له، إضافة لغارة جديدة على قرية دير مقرن وتجدد الاشتباكات في منطقة الضهرة ومحيط قرية الحسينية.

يبدو أن هدف النظام والمليشيات التابعة لحزب الله هو التقدم في وادي بردى للضغط على مقاتلي المعارضة من أجل القبول بتوقيع اتفاق للمصالحة والخروج من المنطقة نحو شمال البلاد، وهو ما ترفضه الفصائل المقاتلة في منطقة وادي بردى بشكل قطعي.

يستمر النظام باتّباع نهجه بالتفريغ الديمغرافي الذي نجح به في عدة أماكن سيطر عليها كحلب، وحمص، والقصير، وداريا، والمعضمية، والهامة، وقدسيا، وخان الشيح، والتل والزبداني. بالإضافة لسيطرة ميليشيا حزب الله مؤخرًا على بلدتي هريرة وإفرة الجبليتين وتهجير سكانها لاستكمال السيطرة على كلٍ من وادى بردى من جهة ومضايا والزبداني من جهةٍ أخرى وهو بمحاولته لاقتحام المناطق التابعة للمعارضة في وادي بردى يكون قد استكمل خطته.

أهمية المنطقة المستهدفة من وادي بردى:

وادي بردى هو تجمع عدة قرى وبلدات على سرير نهر بردى تضم: بسيمة، وعين الفيجة، ودير مقرن، وكفير الزيت، ودير قانون، والحسينية، وكفر العواميد، وبرهليا وسوق وادي بردى. وتقع جميع هذه القرى بين سلسلتين جبليتين وتتوزع على سفح هذه الجبال. هذه المناطق خرجت عن سيطرة النظام منذ مطلع عام ٢٠١٢، و قد اكتسبت أهمية إستراتيجية بسبب وجود نبع عين الفيجة المصدر المغذي للمياه في مدينة دمشق وكونه نقطة وصل بين قرى الهامة وقدسيا شرقًا والزبداني ومضايا غربًا والقلمون ورنكوس شمالاً. أما النظام فيسيطر على بلدات: جديدة الوادي والأشرفية وهريرة.

الأهمية التاريخية والأثرية لنبع عين الفيجة:

نبع يقع عند قرية عين الفيجة، يوجد عنده معبد روماني قديم. كان الرومان يقدمون فيه القرابين لآلهة الينبوع. ويوجد فيه أيضًا أثر لحجرة توزيع للمياه، يُعتقد أنها كانت تصب في قناة رومانية قديمة لتنقل المياه إلى مدينة دمشق، إضافة لآثار نفق قديم يعُتقد بأن زنوبيا “ملكة تدمر” كانت تجر خلاله مياه نبع الفيجة إلى تدمر عبر البادية السورية. وأيضا “حصن عزتا” البناء القائم فوق نبع الفيجة، وهو الهيكل الوثني الذي تم تحويله إلى كنيسة في العهد البيزنطي.

يعد نبع الفيجة من أنقى ينابيع الشرب ولمياهه أفضل المواصفات العالمية، فهي عذبة وخالية من أي تلوث.

تم نشر الفيديو التالي في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2016:

دمار منشأة عين الفيجة ومحيطها إثر غارات الطيران الحربي والبراميل المتفجرة على يوتيوب

الفصائل المعارضة المسلحة في المنطقة:

هي فصائل محلية من أبناء المنطقة بالإضافة لبعض أبناء البلدات المجاورة: دمّر، وقدسيا، والهامة، والزبداني، ولا تواجد لتنظيم داعش. تستخدم هذه الفصائل المحلية في دفاعها عن نفسها أسلحة بسيطة كالأسلحة الفردية الخفيفة والمتوسطة ولا يتواجد بين أيديهم أي سلاح ثقيل أو مضاد للدروع. أكّد السيد عمر محمد للأصوات العالمية وهو كاتب صحفي على تواصل يومي مع نشطاء وادي بردى في الداخل:

«النص الأصلي:بتاريخ 19 كانون الاول/ ديسمبر 2016 بدأ النظام حملته العسكرية على الوادي، يستخدم المقاتلون في الدفاع عن أنفسهم الأسلحة الخفيفة والفردية ولا يملكون ابدا اي اسلحة ثقيلة أو مضاد للدروع.»

الوضع الإنساني في منطقة وادي بردى:

يبلغ تعداد سكان وادي بردى في الوقت الحالي أكثر من 100 ألف مدني يتوزعون بين السكان الأصليين وآلاف النازحين داخليًا من قرى هريرة وإفرة وأغلب مناطق ريف دمشق كالغوطة وداريا والزبداني وحمص والقصير والقلمون. يعيش المدنيّون في حالة حصار شبه كامل منذ ثلاث سنوات، حيث منع النظام دخول المواد الأساسية للمنطقة، وقيّد حريّة تنقل المدنيين واعتقال النساء من الحواجز التابعة له بهدف الضغط على المقاتلين. أدى القصف المستمر إلى توقف جميع المنشآت الخدمية في المنطقة عن الخدمة بعد استهداف الهيئة الطبية، ومركز الهاتف والاتصالات، مما نتج عنه عدم قدرة الدفاع المدني على التحرك. وقطع الاتصالات عن المنطقة وتضرر حرم نبع الفيجة وتسرب المازوت والكلور واختلاطهما بمياه الشرب، كما غارت نسبة كبيرة من مياه النبع تحت الأرض كنتيجة للقصف، “وقد كان النظام قد روّج إشاعة عن تسميم المياه أو خلطها بالمازوت من قبل المقاتلين المعارضين له وهذا عارٍ من الصحة كون المياه مقطوعة أصلاً حتى عن سكان وادي بردى”، كما خلّف دمار كبير في البنى التحتية اضافة لوقوع عشرات الضحايا مما دفع الأهالي لدفن الضحايا في منازلهم لعدم قدرتهم الوصول إلى المقابر.

يصف السيد عمر محمد وضع المدنيين:

«النص الأصلي:وصل عدد الشهداء إلى 25 شهيد، وهو عدد تقريبي لعدم مقدرتنا على معرفة جميع الضحايا بسبب انقطاع الاتصالات وصعوبة التنقل بين القرى كون المنطقة تحت مرمى نيران النظام والمليشيات المشاركة معه، تفتقد المنطقة لوجود الملاجئ ومراكز الإيواء والحماية، البعض اختبأ بحفر فردية في الأرض بعيدة عن المنازل يتم حفرها للوقاية من القصف. لا يوجد أي مشفى داخل القرى، وإنما يتم الاعتماد على نقطة طبية صغيرة يصعب الوصول إليها.»

لقد علق المدنيون كل آمالهم على اتفاقية وقف إطلاق النار المعلن عنها، ولكن لم تثمر الاتفاقية أي تقدم على أرض الواقع ولم يلتزم النظام والأطراف المشاركة معه فيها، وما زال الإعلام يضخ أخبارًا ووعودًا مستمرة عن التمسك والعمل على إنجاح وقف إطلاق النار.

مصادر

عدل