ما الذي نقوم ببنائه: المجتمعات أم الشبكات؟
الجمعة 25 مارس 2016
ملاحظة من الأصوات الصاعدة: نشرت هذه الرسالة أصلًا على مدونة فاب رايدرز، كتبها ديرك سليتر وتعتمد على سلسلة من الحوارات التي شاركت فيها الأصوات العالمية. الرسالة متوفرة تحت رخصة CC BY-SA
هنا في فاب رايدرز، ننتفع بشكل كبير من قدرتنا على مشاركة الخبرة مع شبكة من الأشخاص الذين يقومون بتنمية القدرات التكنولوجية التي قمنا من خلالها بتنمية التضامن وإقامة الصداقات القوية. ومؤخرًا، طلب منا موقع ليفل آب مساعدتهم للتوصل إلى كيفية تحسين التعامل مع الأشخاص الذين يتفاعلون مع المصدر الخاص بهم لتقديم التدريب على استخدام طرق الحماية الرقمية. وهذا جعلنا نفكر في عمق في “مجتمعات الممارسة” وبدأنا في عمل مشروع بحث صغير مع كريستين أنتين للتوصل إلى فهم أفضل الممارسات وكيفية عملها (انظر “بناء شبكة للممارسة الصحية” أسفل). من حسن الحظ أننا قمنا بعمل حوارات مع إيدي أفيلا من الأصوات الصاعدة، وهنان بوجيمي من منظمة HIVOS وألين جان (جانر) من “ أسبيرشان” وهيثر ليسون من الفريق الإنساني لخريطة الشارع المفتوح ودوان ريموند من فير ساي، الذين ساعدونا في إلقاء الضوء على بعض النقاط. يلخص هذا المقال ما وجدناه، وهو موجه أساسًا للأشخاص الذين يحاولون إنشاء مساحات عبر الإنترنت لتبادل المعرفة والخبرة للأفراد.
لما تعتبر “الشبكة” إطار أفضل من “المجتمع”؟
يتعلق جزء كبير من العمل الذي نقوم به بدعم وتمكين المجتمعات بما في ذلك تلك التي تعمل على التوفيق بين حقوق الإنسان والتكنولوجيا. ولا عجب أننا ننجذب إلى التعرف على كلمة مجتمع واستخدامها بشكل متكرر في الهياكل التي نتفاعل معها والتي تحيط بعملنا. ومع ذلك قد لا يخدم ذلك الجهود التي تهدف لدعم تبادل المعرفة والخبرة. وما كشفنا عنه في بحثنا المحدود هو أننا نطبق دائمًا مصطلح “مجتمع” على تبادل الخبرة بين الأقران، وهذا يبعدنا عن الهدف الأسمى والتوظيف المفيد لهذه الأنواع من المساحات.
وتم صياغة مصطلح “مجتمع الممارسة” قبل ظهور الإنترنت ويظل تكوينه شائعًا، ليس فقط لدى الممارسين لكن أيضًا لدى الممولين. مع ذلك فإن الكثير من “مجتمعات” الممارسة تكون في الواقع مجرد “شبكات”، وأصبح المصطلحان مندمجين بفضل ظهور مصطلحات “شبكات التواصل الاجتماعي” و”مجتمع عبر الإنترنت”، خاصة بعد ظهور “web 2.0″ وزيادة القدر على توصيل ومشاركة المعلومات بين الأقران. حين لا تتمكن هذه الشبكات من التصرف كمجتمعات، غالبًا ما تفقد المنظمات التي تديرها والممولين الذين يمولونها الاهتمام في الاستمرار لدعمها. وفي أفضل الحالات تصبح قوائم لإرسال الكثير من الرسائل الإلكترونية للمنظمات المضيفة التي تتطلع للترويج أو الوصول إلى الناس بشأن المطبوعات والأحداث.
يقدم بول جيمس تعريفًا مساعدًا لكلمة مجتمع في بحثه عن المجتمعات المستدامة، والتنمية المستدامة: طرق أخرى للوصول إلى بابوا نيو جينيا.
الوحدة الاجتماعية من أي حجم التي تشارك بالقيم المشتركة أو التي تقع في منطقة جغرافية محددة (مثل قرية أو بلدة). هي عبارة عن مجموعة أشخاص يتصلون خلال العلاقات المتينة التي تمتد لأبعد من الروابط الجغرافية المباشرة والتي تحدد بالتبادل هذه العلاقة على أنها هامة لهويتهم وممارستهم الاجتماعية.
يكتب ديفيد سبنكس أنه من أجل تحقيق “إحساس بالمجتمع”، يجب توافر أربعة عوامل:
العضوية – شعور بالانتماء أو مشاركة الإحساس بالصلة الشخصية
التأثير – شعور الأعضاء بأن لديهم أثر على المجتمع والمجتمع لديه أثر على الأعضاء
تكامل وتحقيق الاحتياجات – من خلال الانضمام إلى مجتمع ما يحصل العضو على يأمل فيه خلال الانضمام
التواصل العاطفي المشترك – لدى الأعضاء تاريخ من التجارب معًا والاعتقاد في تواجد المزيد من الخبرات في المستقبل.
وفي حين نسعى لخلق مساحة تجسد هذه العوامل، من المتوقع أن يشعر الأشخاص الذين ينتمون إلى “مجتمعات الممارسة” بالمجتمع الذي يرتبط بشكل أقوى مع موقعهم الجغرافي أو خصائصهم المشتركة (أي التوجه الجنسي والنوع والعرق الخ). ورغبتهم في مشاركة الخبرة وتطويرها أكثر من مجرد دعم هذه المجتمعات بدلًا من المشاركة والمساهمة في المجتمعات المخصصة لتبادل الخبرة.
يقدم تعريف ويكيبيديا لمصطلح “ شبكة الممارسة” أفضل إيضاح لسبب أهمية تمييزها عن المجتمع:
«النص الأصلي:In regards to defining a ‘network of practice’ “the term network implies a set of individuals who are connected through social relationships, whether they be strong or weak. Terms such as community tend to denote a stronger form of relationship, but networks refer to all networks of social relationships, be they weak or strong…. What distinguishes a network of practice from other networks is that the primary reason for the emergence of relationships within a network of practice is that individuals interact through information exchange in order to perform their work, asking for and sharing knowledge with each other.
As indicated above, networks of practice incorporate a range of informal, emergent networks, from communities of practice to electronic networks of practice…. Communities of practice are a localized and specialized subset of networks of practice, typically consisting of strong ties linking individuals engaged in a shared practice who typically interact in face-to-face situations. At the opposite end of the spectrum are electronic networks of practice, which are often referred to as virtual or electronic communities and consisting of weak ties. In electronic networks of practice, individuals may never get to know one another or meet face-to-face, and they generally coordinate through means such as blogs, electronic mailing lists, or bulletin boards.»
«ترجمة:بالنسبة إلى تعريف “شبكة الممارسة”، يدل مصطلح الشبكة على مجموعة من الأفراد الذين يتواصلون من خلال العلاقات الاجتماعية، سواء كانت قوية أم ضعيفة. تميل المصطلحات مثل المجتمع للإشارة إلى شكل أقوى من العلاقة، لكن الشبكات تشير إلى كل شبكات العلاقات الاجتماعية، سواء كانت ضعيفة أم قوية…. ما يميز شبكة الممارسة عن الشبكات الأخرى هو أن السبب الأساسي لظهور علاقات داخل شبكة الممارسة هو أن الأفراد يتفاعلون خلال تبادل المعلومات من أجل أداء عملهم وطلب المعلومات مع بعضهم البعض.
كما يتضح في السابق، تشمل شبكات الممارسة نطاق من الشبكات غير الرسمية والناشئة بدءًا من مجتمعات الممارسة وصولًا إلى شبكات الممارسة الالكترونية. ومجتمعات الممارسة هي مجموعة محلية ومتخصصة من شبكات الممارسة، تتكون من الصلات القوية التي تربط الأفراد الذين يعملون في الممارسة المشتركة والذين يتفاعلون في المواقف وجهًا لوجه. وفي الجانب الآخر من النشاط نجد شبكات الممارسة الإلكترونية، التي يشار إليها غالبًا بالمجتمعات الافتراضية أو الإلكترونية وتتكون من روابط ضعيفة. في شبكات الممارسة الإلكترونية، قد لا يتعرف الأفراد على بعض أبدًا أو يلتقون وجهًا لوجه، ويتفاعلون بشكل عام خلال وسائل مثل المدونات أو قوائم البريد الإلكتروني أو ساحات النقاش.»
ومن المهم أيضًا ملاحظة أن المجتمعات دائمًا تتكون من الأشخاص في حين يمكن للشبكات أن تتكون أيضًا من الآلات. ولهذا السبب، قد ينجذب الأفراد بشكل أكبر للانضمام إلى “مجتمع” بدلًا من “شبكة”، بما أن الترابط العاطفي والدعم إلزامي بشكل أكبر من مجرد مركز للاتصال. مع ذلك لا ينبغي أن نتوقع من الأشخاص الذين يجتمعون لمشاركة الخبرة أن يشكلون مجتمع، وبالأخص، أن يصبح ذاتي الدعم. وأعضاء الشبكات غير مجهزين حقًا أو محفزين للإسهام بالموارد للحرص على الاستدامة حيث من المتوقع أن يركزون على المساهمة في مجتمعاتهم. ومن المتوقع ألا تتحقق توقعات تحولها إلى مجتمعات ذاتية الدعم. وهذا لا يعني أن هذه الشبكات ليست حيوية وهامة. وهي حيوية وهامة حيث أنها تتيح القدرة على إنشاء الصلات التي يمكن أن تنقل مشاركة المعرفة بطرق تدعم المجتمعات التي نهدف لخدمتها.
وقد يكون من الأنفع التركيز على عنصر “مشاركة الممارسة” مقابل تسميتها مجتمعات أم شبكة. وبالتأكيد لابد من وجود عنصر الاشتراك في نقاط معينة بين أعضاء الشبكة، لكن يجب التأكيد بشكل أكبر على دعم تبادل الخبرة.
بناء “شبكة ممارسة” صحية
عند النظر إلى النظام الأساسي المتنوع عبر الإنترنت حيث يتمكن الأقران من مشاركة الخبرة بشأن المنهجيات والموارد، حددنا بعض العناصر الأساسية التي تسهم في نجاحهم:
الغرض المركز والمعبر عنه، الذي يوضح للمشاركين لمن تكون الشبكة موجهة وما المراد من استخدامها.
القادة، وهم الأشخاص الذين ينتفعون أكثر من غيرهم من وجود الشبكة ويعتبرون تبادل الممارسة المفتاح لقدرتهم على أداء عملهم. سيساعد القادة في تطبيق القواعد والحضارة داخل الشبكة. ومن المتوقع أن يرسلون الأسئلة ويجيبون على أسئلة أخرى ويشاركون الخبرة على الملأ. ومن المتوقع أيضًا وجود شخص يعلب دور “الدكتاتور الطيب” الذي يلوم ويحث ويحتفل بمشاركة الآخرين بالإضافة لتطبيق القواعد. يملك هذا الدكتاتور الطيب فهمًا واضحًا لمحفزات المشاركين للمساهمة بوقتهم ومعرفتهم في هذه الشبكة، وسيتحملون هذه المحفزات لتشجيع المشاركة. (تتضمن المحفزات: المجتمع كمصدر موثوق فيه لتقديم النصح والأفكار، والنظر للمجتمع كقائد في هذا المجال، ومساعدة الآخرين، ورد شيء للمجتمع، والتعلم، إلخ).
القواعد والإرشادات الواضحة والمتاحة التي تكون متوفرة ويطبقها الدكتاتور الطيب والقائد برفق. تمنح الإرشادات المشاركين القدرة على التفاعل بطمأنتهم من كيفية عمل ذلك وإيضاح ما هو مناسب.
التواصل الذي يسمح لفهم أعمق لخلفيات المساهمين والأهداف والتحديات التي تقدم أساس للتبادل. وكما يبدو أن أفضل طريقة للتواصل هي الاجتماعات وجهًا لوجه، لكن ثمة طرق أخرى لتحقيق هذا، وهذا يتراوح ما بين غرف الدردشة والمنتديات ومكالمات جماعية عبر الشبكات وصولًا لإجراء دراسات حالة أكثر تنظيمًا.
الثقة في أن المشاركين الآخرين لن يسيئوا استخدام إسهاماتهم أو يخصصوها في مكان غير مناسب أو لا يحترمونها. وثمة عامل آخر هام يتضمن ثقة المشارك في أن المعلومات والنصح الذي تم الحصول عليه من هذه الشبكة جيدة.
الاتصالات الروتينية، مثل إرسال أنواع معينة من المحتوى (مثل الإعلانات عن الوظائف يوم الجمعة)
إظهار المعلومات عبر الأسئلة. تكون الرسائل التي تشارك الخبرة كاستجابة لسؤال ما غالبًا الأنفع للشبكة ككل.
وأي “شبكة ممارسة” ما زالت في في حاجة للوقت والموارد المخصصة. وبالأخص يحتاجون إلى تحفيز المنظمات والأفراد واعتبار وجود الشبكة كعنصر هام من استراتيجياتهم الخاصة طويلة الأمد. والمهم التركيز عليه هو ما تحاول إنجازه خلال تكوين مساحة، وهذا أهم بكثير مما تطلقه عليه.
وبالتأكيد يجب تشجيع استخدام مصطلح “مجتمع” بالمعنى المتطلع. ويمكنك أيضًا أن تسعى لتطوير شبكة تتمتع بخصائص المجتمع وعلى الأرجح ينبغي عليك ذلك. وقد تحتاج لأن تطلق عليها “مجتمع” لمجرد إثارة اهتمام الأشخاص للانضمام لأنه من المتوقع أن تحصل على استجابة أفضل للدعوة للانضمام إلى مجتمع بدلًا من شبكة. لكنك ستحتاج إلى فهم قدرات الأشخاص ودوافعهم للمشاركة في المساحة ويعد تطوير “شبكة ممارسة” صحية وناجحة هدفًا أكثر واقعية.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «ما الذي نقوم ببنائه: المجتمعات أم الشبكات؟». الأصوات العالمية. 25 مارس - آذار 2016.
شارك الخبر:
|