ما الذي يجعل من الجيش السوري الالكتروني عدوًا للبيت الأبيض؟

الثالث 5 أبريل 2016



نشر الموضوع لأول مرة على موقع رصيف22، وتعيد الأصوات العالمية نشره باتفاق مع الموقع

«النص الأصلي:سلام منعم»

منذ أن بدأت الحرب السورية عام 2011، تصاعد العنف تدريجيًا، حتى توسع كثيرًا في 5 أعوام، في مجال تراوح بين إطلاق الرصاص الحي في الشوارع وقصف الطيران وإطلاق الصواريخ البعيدة المدى.

في الأعوام الأولى للحرب، قبل العنف الهائل، وقبل أن يأخذ السوريون وقتهم في فهم ما يحدث في البلاد، ترافق الحدث السوري الحاصل في الشارع مع عدة أنواع من الحروب الإعلامية. وعلى الرغم من رداءة المحتوى الذي قدمه النظام في الوسائل الإعلامية الرسمية التقليدية للناس، نجحت بعض المجموعات الشبابية الموالية له مرات عدة في كسب معارك كبيرة في الحرب الافتراضية، الجيش السوري الإلكتروني مثالاً.

اتهمت الحكومة الأمريكية 3 عناصر من الجيش السوري الإلكتروني بسلسلة من الجرائم الإلكترونية، التي استهدفت المؤسسات الإعلامية والشركات الخاصة والحكومة الأميركية. وقال بيان صادر عن وزارة العدل الأمريكية، إن الثلاثي يواجه تهمًا متعلقة بمحاولة إحداث تمرد في القوات المسلحة الأمريكية، وتهماً أخرى متعلقة بالاحتيال وغسيل الأموال، وتم إصدار مذكرات توقيف بحق كل منهم.

الأشخاص هم أحمد الآغا (22 عامًا)، ويسمي نفسه “Th3 Pr0″، وفراس دردر (27 عامًا)، والمسمى “The Shadow”، ويعتقد أنهما ما يزالان داخل الأراضي السورية، وعرضت الحكومة الأمريكية جائزة بمبلغ 100,000$ لمن يدلي بمعلومات تساعدها في القبض عليهم. أما الشخص الثالث فهو بيير رومر (36 عامًا) ويعتقد أنه في ألمانيا حاليًا.

تمثلت ضحايا الثلاثي بالمعارضين لنظام بشار الأسد، واستطاعوا الوصول إلى مخدمات بعض المنظمات الإخبارية البارزة ومنظمات حقوق الإنسان، وكان لديهم عدة محاولات فاشلة لاختراق المخدمات الخاصة بالبيت الأبيض.

تشكل الجيش السوري الالكتروني مع بداية الأحداث السورية عام 2011، بهدف القيام بهجمات إلكترونية على المواقع المعارضة لنظام بشار الأسد. وبدأوا على مستوى أبسط من الذي توصلوا إليه اليوم من خلال قرصنة بعض الصفحات على موقع Facebook، لجهات معارضة وكتابة عبارات مؤيدة للنظام السوري، تحمل طابعًا ترهيبيًا. كالعبارات التي اعتاد الجيش السوري كتابتها على الأحياء التي كان ينجح في استردادها من الفصائل المعارضة، مثل عبارة “إن عدتم عدنا” أو “تم الدعس” وغيرها، مخلفين Logo خاصًا بهم على الصفحة لتأكيد قرصنتهم لها.

ووفق تصريح لمدير الموقع الالكتروني التابع لهم، أدلى به لصحيفة “بلدنا” السورية، فإن الكادر التقني في الموقع يبلغ نحو 150 شخصاً. 8 منهم في الإدارة، ولكن العدد يفوق ذلك بكثير إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المؤيدين والمتطوعين والمساعدين، في العديد من نشاطات محددة للجيش السوري الإلكتروني، من دون اعتبارهم متطوعين دائمين في المجموعة، فيساعدونهم في نشاط أو حركة قرصنة، أو هجوم إلكتروني محدد، أو حتى حملة تبليغات على مواقع التواصل الاجتماعي ضد حساب أو صفحة معينة.

أعداء البيت الأبيض

ما يجعل الجيش السوري الالكتروني عدوًا رسميًا للبيت الأبيض، سلسلة من عمليات القرصنة الإلكترونية، كاختراق موقع تابع لمشاة البحرية الأمريكية في سبتمبر 2013، ووضع رسالة لمشاة البحرية تدعوهم إلى التفكير في التحالف بين أوباما وتنظيم القاعدة.

واتهم أيضًا بالعديد من الاختراقات لمواقع عالمية، كاختراق موقع “العربية.نت” الإخباري، ونشر الأخبار الكاذبة فيه. واختراق موقع جامعة هارفارد، واختراق موقع Anonymous للانتقام من اختراق الأخير لموقع وزارة الدفاع السورية. وفي يناير 2014، نجحوا في اختراق المدونة الرسمية لحزمة برمجيات Office التابعة لمايكروسوفت، وقاموا بنشر تدوينات تؤكد اختراقهم للمدونة.

وصرح مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن هؤلاء الأعضاء الثلاثة في الجيش السوري الإلكتروني، يستهدفون أنظمة الحواسيب لتقديم المساعدة لنظام الأسد، فضلاً عن تحقيق مكاسب مالية من خلال الابتزاز.

أبطال أو مجرمون؟

منذ نشأة الجيش السوري الالكتروني، ينظر إليه الفريق السوري المؤيد للنظام على أنه مجموعة من الأبطال، شأنه شأن الجيش السوري النظامي المقاتل على الأرض، مدركين أهمية وخطورة الحرب الإعلامية والاختراقات التي قام بها المقاتلون الإلكترونيون. أما الفريق المعارض، فيرى في هذا الجيش، وبالطريقة نفسها أيضاً إنما برؤية معاكسة، مجموعة من الـ”شبيحة” الافتراضية.

وتشير كلمة “شبيحة” إلى الميليشيات المقاتلة في صفوف النظام، والتي يعتبرها المعارضون من أسوأ ما حصل معهم في سوريا منذ بداية ثورتهم. فهم مجموعات لم تحمل أي صفة رسمية في البداية للقتال أو اعتقال الناس أو تعذيبهم، إنما ساهموا في ذلك كمواطنين عاديين إلى جانب القوات النظامية الرسمية، ضد مواطنين عاديين آخرين من الطرف الآخر، وفي النهاية تم تنظيمهم كمجموعات مقاتلة.

وتذهب بعض النظريات أبعد من ذلك، إلى أن الجيش الإلكتروني، هو الدرع التكنولوجية للنظام، وأن ولادة مجموعة مختصة من هذا النوع، لم يكن محض صدفة، إنما إرادة رسمية وتنظيم حكومي لصناعة مجموعة شبابية تبدو متفانية في “الدفاع الإلكتروني عن الوطن” من دون التصريح عن انتمائها إلى أجهزة المخابرات السورية. وعلى الرغم من المبالغة في النظرية الأخيرة، فإنها غير منفية نفياً قاطعاً، ويرجّح أن الأمر تمّ بالطريقة نفسها التي تم فيها تنظيم المدنيين في صفوف المقاتلين إلى جانب النظام في الواقع. فبعد أن عرض الجيش السوري الإلكتروني نفسه كمساعد للنظام في العالم الافتراضي، وبينما كانت المؤسسات الإعلامية التقليدية الرسمية البالية تتخبط في ما بينها بسبب نقص الإمكانات، لربما وجد النظام السوري في هذه المجموعة مخرجاً جيدًا، ويدًا مساعدة. فتواصل مع أفرادها ونظمهم في صفوفه.

وهذه العلاقة بين الطرفين قديمة في جميع الأحوال، ففي خطابه الثاني بعد اندلاع الأزمة السورية، في دمشق، في صيف 2011، أثنى الرئيس السوري بشار الأسد على كفاءة الجيش السوري الإلكتروني، وقدرته على تأسيس جيش كامل موازٍ للجيش السوري الواقعي، إنما في العالم الافتراضي.

مصادر

عدل