مزاد اللاجئين
الأربعاء 5 أبريل 2017
كانت زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأخيرة لشمال إفريقيا زيارة غير اعتيادية وقد تحمل الكثير من علامات الاستفهام حول سياسة الحكومة الألمانية تجاه اللاجئين على الأراضي الألمانية. ففي الوقت الذي كانت ألمانيا دائماً تؤكد فيه على دعم اللاجئين وحقوقهم منذ اندلاع الثورة السورية، اتجهت السياسة الخارجية الألمانية إلى التغيير الكامل. فقد بدأت الأصوات تتعالى من داخل الأحزاب الألمانية ولدى المواطنين الألمان مطالبةً الحكومة بأخذ التدبيرات اللازمة لخروج اللاجئين من أراضيها منذ حادثة بون الشهيرة عشية رأس السنة الميلادية والأحداث الإرهابية التي طالت بعض الولايات الألمانية، خاصة ولاية بافاريا.
منذ ذلك الحين اتضح للجميع بأن ألمانيا تتجه إلى ترحيل بعض اللاجئين، خاصة مع رفض العديد من المحاكم الألمانية قبول طلبات اللجوء من الكثير وإلزامهم بالرجوع إلى موطنهم مقابل ٨٠٠٠ يورو.
في يونيو ٢٠١٦، كنت في زيارة إلى ألمانيا لحضور ورشة عمل خاصة بالسياسة والاقتصاد، ومن خلال هذه الزيارة قابلت العديد من الشبان السوريين في ألمانيا وكانت حياتهم تدور حول انتظار قبول اللجوء أو الرحيل لبلد آخر. فهل يعقل أن تعلق حياة شباب في ربيع العمر بين قرار قضائي أو قرار حكومة؟ لماذا إذاً تم استقبالهم في المقام الأول!
على الجانب الآخر تسعى الحكومة الألمانية من حين إلى آخر لتحسين صورتها داخلياً للشارع الألماني خاصةً مع اقتراب موعد الانتخابات.
بدأت أنجيلا ميركل زيارتها لمصر يوم ٢ مارس. حتى يوم زيارة ميركل لم يكن الشارع المصري يعلم سبب الزيارة حتى بدأت بعض الصحف تتحدث عن دعم اقتصادي ألماني لمصر في بعض المشروعات القومية. يذكر أنه حتى ساعة كتابة هذا المقال فإن السياحة الألمانية إلى مصر معطلة بالكامل منذ حادثة الطائرة الروسية فوق سيناء في عام ٢٠١٥. إذاً فألمانيا غير مقتنعة حتى الساعة بأن مصر دولة آمنة بنسبة ١٠٠ ٪ لزيارة بعض السياح الألمان. في الوقت ذاته علقت منظمة العفو الدولية بأن مصر تواجه أزمة حقوقية وطالبت ميركل بالضغط على الرئيس المصري لوقف الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان (رويترز).
بالرجوع إلى العام ٢٠١٥ والانتقاد اللاذع لاستقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في برلين وما قابله من مظاهرات في برلين وانتقادات للمستشارة الألمانية لاستقبال السيسي فقد بقيت العلاقات المصرية الألمانية غير واضحة حتى زيارة ميركل الأخيرة! زارت ميركل خلال جولتها في مصر الرئيس السيسي وجمعهما مؤتمر صحفي قامت برلين من خلاله بالإعلان عن دعم بقيمة ٥٠٠ مليون يورو لمشروعات في مصر بدون أي سابق تخطيط أو تحديد ماهي المشروعات التي سيتم دعمها، مع العلم بأنه يوجد بالفعل شركات ألمانية عاملة بمصر، مثل شركة سيمنز، تعمل على مشروعات كبيرة و بدون أي دعم حكومي ألماني! لو كانت الزيارة لمصر فقط لكان هذا الموضوع يندرج في إطار العلاقات الدبلوماسية الطبيعية، خاصة مع حرص ألمانيا على محاربة الإرهاب وجهودها في هذا المجال، خاصة وأن مصر تلعب دوراً محورياً في محاربة الإرهاب في سيناء. لكن المفاجأة كانت في زيارة المستشارة الألمانية إلى تونس عقب زيارة مصر مباشرة، والعجيب كان أن ما حدث بالقاهرة تكرر بتونس! دعم مادي لتونس، لكن هذه المرة كان المقابل واضح: استقبال تونس اللاجئين المُرحّلين من ألمانيا، ما وضع الدولة التونسية في موقف حرج مع رفضها استقبال التونسي عمري أنيس الضالع في هجمات برلين ٢٠١٧.
فهل تحاول برلين الآن إقامة مزاد كبير للاجئين مقابل أعلى عرض مالي يمكن أن تقدمه؟
هل القاهرة جاهزة لاستقبال اللاجئين السوريين المرحّلين من ألمانيا؟ بل والتكفل بهم! بالطبع الإجابة معروفة لدى الجميع حيث أن مصر تعاني من العديد من المشاكل الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالمواطن المصري من الطبقة المتوسطة وتجعله غير قادر على التكيف في هذه الظروف الاقتصادية. فهل سيتحمل السوريون مالم يقدر عليه المصريون؟
“أما أن الإجابة ستكون (تونس)” كما هو الدارج في العالم العربي! هل حقاً تستطيع تونس استقبال اللاجئين السوريين؟ أليس من الأفضل لتونس أن تهتم بالتونسيين واللاجئين التونسيين بالخارج؟
عاجلاً أم آجلاً سيبدأ المزاد على الشعب السوري! فهل من مزايدين على أوجاع السوريين؟؟؟
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «مزاد اللاجئين». الأصوات العالمية. 5 أبريل - نيسان 2017.
شارك الخبر:
|