مصباح قطب يكتب: طارق عامر وزيرا للمالية

جسور [1]

الاثنين 26 أبريل 2021



التخمينات المتعلقة بهيكل التغيير الوزارى المرتقب، أي تغيير، إحدى تمرينات الصباح التي تمارسها الصحافة في مصر بشكل دورى، وعمال على بطال؟!، لكن شهية الصحافة لهذا التخمين الوزارى أصبحت معدومة لأسباب مجهولة. وجريا على قاعدة “عادة ما تنقطع”، سأقوم هنا بمحاولة لإعادة إنتاج العادة التخمينية، وذلك بعد أن سمعت أحدهم يتمنى ان يتم تعيين الأستاذ طارق عامر محافظ البنك المركزي، نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للمالية في أي تغيير مقبل. صحيح ان المحافظ تردد اسمه كرئيس وزراء عدة مرات، وانه بمنصب كهذا لن يزيد عن وضعه الحالى، حيث تنص المادة رقم ١٧ في قانون المركزي ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠ – الفصل الثالث – على أن المحافظ بدرجة نائب رئيس وزراء، لكن طارق عامر عودنا على العطاء في أي موقع. حيثيات هذا الاقتراح تتمثل في ان وزارة المالية هي عصب وزارات المجموعة الاقتصادية وعصب وزارات الدولة بلا مبالغة، وهي لم تشهد بعد الآباء المؤسسين، أي تطوير هيكلى وتنظيمى يذكر، بإستثناء إصلاحات ملموسة ، لكن في الدائرة العليا لها فقط، قام بها الدكتور يوسف بطرس غالى، بينما تجاوز البنك المركزي تراث الآباء المؤسسين منذ ٢٠٠٣، وبعد أن مر بمرحلة انتقاليةصعبة ظهر فيها وجود بون شاسع بين ما جرى في المجالين المالى والنقدى، والاقتصادى بشكل عام، بعد الإصلاح الاقتصادى الذي قام به الدكتور عاطف صدقى مع البنك وصندوق النقد، وبين هيكل وأهداف وأداء البنك المركزي، إلى أن جاء الدكتور فاروق العقدة ونقل البنك إلى ما يليق بزمننا تشريعيا واداريا وماليا وتنظيميا وفنيا. والأهم حقق له استقلالا راسخا، وابعده عن أي ضغوط للساسة، ولذا لم يكن صعبا على المحافظ الحالى طارق عامر، وهو الذي عمل مع العقدة، ان يكمل مشوار الإصلاح الهيكلى بالمركزي، والجهاز المصرفى ، ويضع بصمته خاصة في الحوكمة والشمول المالى والتكنولوجيا. فى المقابل ظلت وزارة المالية “بحطة ايديك” بإستثناء، دائرة ضيقة تتعامل مع الأجانب وصندوق النقد وادراة الدين والطروحات، فيها قدر من الحداثة في الأداء، بينما في كل الجهات ، تراجع وارتباك وضبابية، وفى الوقت نفسه، تجف الكوادر بالاحالة إلى المعاش، ويترهل البنيان وتسود نزعة تستيف الورق في مجالات كثيرة حيوية، كحل مؤقت لتفاقم المسافة بين الكائن وما يحب أن يكون ، ولعل الذين اتيح لهم ان يمشوا في دهاليز كل من البنك المركزي ووزارة المالية، سيدركون ما اقول بلا أي جهد، أو لعل نظرة على ألموقع الاليكترونى، لكلا الجهتين تغنى عن أي إيضاح. لا ينكر أحد ان الدكتور محمد معيط وزير المالية، يعمل في ظروف صعبة ويبذل جهدا صخما . وتضغط عليه توجيهات الرئاسة بقوة، لكن الموضوع أكبر بكثير من جهد شخص أو اجتهاد أشخاص، ولا مناص عن هزة كبرى تشريعية وتنظيمية وتحديثية، تعيد ترتيب الأولويات وتوظيف جميع موارد الوزارة البشرية والمادية. وتدمج وتفصل حسبما يتطلب الأمر ، وتوقف التدخلات الخطرة في أعمال الوزارة ، ومن حسن الحظ ان وزير المالية يعرف الكثير عن البنك المركزي، والمحافظ يعرف الكثير عن وزارة المالية بحكم العلاقة بين السياسة النقدية والمالية وآليات التنسيق بينهما و التي تعمل يوميا، ولذا فمهمة طارق عامر الإصلاحية ليست صعبة . ان المصلحين المؤسسيبن العظام فى بلادنا قلة، واذكر منهم وبغض النظر عن أي اتفاق أو اختلاف سياسي، الدكتور أحمد نظيف ود. طارق كامل رحمه الله في الاتصالات، والدكتور زياد بهاء الدين في إصلاح هيئة الاستثمار، واللواء أبو بكر الجندي في جهاز التعبئة والإحصاء، والدكتور جودة عبد الخالق في وزارة التموين، والدكتور إبراهيم عشماوى في جهاز التجارة الداخلية، وقد حان الوقت لعمل إصلاح عميق في بنيان ودور وأداء وزارة المالية، كى تواكب التطورات العالمية والداخلية، وتقوم بمهامها التنموية والمالية والاجتماعية، على نحو فعال. مبروك لوزير المالية التخيلى الجديد، وكل عام والسيدين المحافظ والوزير بخير، ومؤسسات بلادنا مرفوعة الهامة في كل مجال.

شارك


مصادر

عدل