مصر: استخدام التكنولوجيا للمطالبة بالمساءلة فيما يخص التعذيب وعنف الشرطة
الخميس 9 سبتمبر 2010
إن قانون الطوارئ المؤسف في مصر يعلّق الحقوق الشخصية للمواطنين، ويمنح قوى الأمن صلاحيات غير محدودة تمكّنهم من القيام بشكل غير قانوني باعتقال واستجواب ومحاكمة من لديهم وجهات نظر مخالِفة لا تحبذها السلطات. وغالباً ما يُفلت مرتكبو العنف والتعذيب من رجال الشرطة من العقاب، إلا أنّ المدوّنين المصريين وأقرانهم من الشباب المصري الملمّ بأمور التكنولوجيا لا يقفون مكتوفي الأيدي حيالَ ذلك.
فمدوّنة التعذيب في مصر [1] تقوم بوظيفة المحطة المركزية للأفراد وكذلك المبادرات، الذين يتركز اهتمامهم على موضوع عنف الشرطة والتعذيب الذي تمارسه قوى الأمن في ذلك البلد. وتقوم المدونة بنشر آخر المستجدات، بما في ذلك من أخبار وتقارير وتسجيلات فيديو وشهادات ضحايا وسجلات محاكم ووثائق حالات إفرادية وبيانات منظمات غير حكومية واعترافات ضباط شرطة متقاعدين من ذوي الرتب العالية، كل ذلك بالإضافة إلى القيام بتوفير وصلات تقود إلى كتب ودراسات حول هذا الموضوع. كما وتقدّم المدوّنة المساعدة للباحثين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، وتزوّدهم بالموارد التي تساعدهم على إنجاز عملهم.
ومن الحوادث المأساوية التي وقعت مؤخراً هي تلك الحادثة التي أدت إلى مقتل خالد سعيد وهو مواطن مصري قام شرطيان في الإسكندرية بضربه ضرباً مبرحاً حتى الموت. وقد سببت هذه الحادثة غضباً عارماً لدى المصرين، مما حذا بهم للتنظيم بشكل حثيث على الإنترنت مطالبين بإلحاق العقاب بالقتلة جزاءً لهم على ما اقترفته أيديهم. وتضمّن ذلك أن قام المدونون بكتابة العديد من المقالات، وتمّ إنشاء صفحة خاصة بذلك على موقع فيس بوك، وحاول مستخدمو موقع تويتر جعل اسم خالد سعيد يظهر في قائمة أشهر المواضيع هناك في محاولةٍ منهم لنشر الوعي فيما يخص هذه القضية. كما تم تنظيم عدة احتجاجات بما فيها احتجاج صامت نفّذه المحتجون أمام مبنى وزارة الداخلية، طالبوا خِلاله بتحقيق العدالة. ودفع ذلك بدوره أيضاً الاحزاب السياسية إلى إصدار البيانات الرسمية حول هذا الموضوع. ولا يزال العديد من المدوّنات يتزيّن بلافتة تذكّر القراء بأن أياً منهم قد يكون خالد سعيد القادم.
وقد اشتهر اسم المدوّن والناشط وائل عباس مؤسس مدوّنة الوعي المصري وذلك من خلال نشره لتسجيلات فيديو مسرّبة عن حالات تعذيبٍ قام بممارستهِ رجال الشرطة، وقد اتّسم بعض هذه التسجيلات بكونه مؤثر للغاية. كما وبثّ عباس وقائع بعض الاحتجاجات بشكل مباشر من شوارع القاهرة. وهو غالباً أيضاً ما يقوم بنشر الوثائق والصور التي تفضح الفساد وعمليات التزوير. وقد نال عباس لعمله هذا عدة جوائز دولية، أضف إلى ذلك دعوته للظهور كضيف في برامج على قناتي الجزيرة والبي بي سي التلفزيونيتين. كما وقامت مجلة أريبيان بزنس مؤخراً بإضافة اسمه إلى قائمة العرب المائة الأكثر تأثيراً في العالم.
ومن الاستخدامات الأخرى للتكنولوجيا التي يجدر ذكرها إنشاء تجمع للصور الفوتوغرافية على موقع فليكر يحمل اسم موسوعة الجلادين Piggipedia، وهو يحتوي على ٢٥٠ صورة لضباط شرطة البعض منهم متّهم بانتهاك حقوق الإنسان. يدير هذا التجمع عدد من المدونين المصريين، وكافة المساهمات فيه مفتوحة أمام الجميع لمشاهدتها. وأما صفحة المواقع الجغرافية للتعذيب في مصر، فهي تؤمّن خريطةً مخصصة تفاعلية ترصد حالات التعذيب في مختلف الأماكن في مصر. وهي تسمح لمستخدمي الموقع بإرسال التقارير حول وقائع التعذيب الجديدة، وذلك بهدف عرض حقائق تلك الانتهاكات بشكل مرئي. كما ويسهّل الموقع من مهمة البحث عن جرائم التعذيب والعنف المتنوعة التي تحدث في أي موقع أو أية مدينة في كافّة أرجاء مصر.
لقد نجح هؤلاء المدونون والناشطون والخبراء التقنيون في استخدام أدواتٍ وخدمات إنترنت متوفرة بشكل مجاني لإحراج الحكومة المصرية دولياً، وإجبارها على اتخاذ إجراءات حيال تلك الانتهاكات. ولقد جعلهم عملهم هذا مثالاً ساطعاً تحتذي به المنظمات وكذلك الأفراد الذين يدعمون الشفافية والمساءلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي العالم أجمع.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «مصر: استخدام التكنولوجيا للمطالبة بالمساءلة فيما يخص التعذيب وعنف الشرطة». الأصوات العالمية. 9 سبتمبر - أيلول 2010.
شارك الخبر:
|