مهرجان المدوّنات: المكسيك (3) – هل المجتمع المكسيكي عنيف بطبيعته؟
الأحد 8 يوليو 2012
هذا المقال جزء من تغطيتنا الخاصة بالحرب ضد المخدرات في المكسيك
[معظم الروابط بالإنجليزية والإسبانية]
نتناول في الجزء الثالث من ملخصنا عن مهرجان التدوين: المكسيك – المواطنة والعنف والمدوّنات، مقالات تتأمّل في طبيعة المجتمع المكسيكي أي إن كانت هذه الطبيعة عنيفة أم لا.
العنف ظاهرة متعددة السمات أو المظاهر، من الاشتباكات المسلّحة إلى الإساءة والإهانة الكلامية، تتأثر بالثقافة. لكن من يقرر ماهية المتغيرات التي تقيس إن بات العنف جزءاً “طبيعياً” من مجتمع ما؟ لربّما وجب علينا النظر في أنه يبدو أن الناس ما عادوا يتفاجئون أو يذهلون بأخبار مقتل شخصٍ واحد، لا بل إنّهم يتحرّكون إزاء سماعهم مقتل المئات. من جهةٍ أخرى، يبدو أن هناك حالة من “الافتتان” بالشخصيات العنيفة، نوع من اللعبة التي تشرعن العنف في إطار لم يعد يثق فيه الناس بالحكومة.
علاوةً على ذلك، سنعرض في هذا الملّخص مقالات تحقق أو تبرز تأثير العنف على مختلف أوجه أو جوانب الفنّ المكسيكي المعاصر.
هل المجتمع المكسيكي عنيفٌ بطبيعته؟
يكثر الحديث عن كون المكسيك بلداً عنيفاً (بالعربية). فكرة يبدو أن خوان رامون أنايا من مدونة دوتشلانجو يؤيدها إلى حدٍّ ما لكونه عنون تدوينته: المكسيك، حركة مسلحة كلّ مئة عام.
«النص الأصلي:Cada vez que leo sobre los asesinatos resultado de la cruzada contra el narco emprendida por nuestro Felipe “corazón de” Calderón, no puedo quitarme de la cabeza la tesis de que todo fue un error y que simplemente se le salió de las manos, y que ahora estamos pagando todos los mexicanos, incluso sus allegados (recordemos el “accidente” de Muriño, secretario de Gobernación). Quizás sea el destino que llevamos en nuestra historia pues cada siglo se desata un movimiento armado : la independencia de 1810, la revolución de 1910 y ahora la lucha de Calderon de 2010.»
«ترجمة:كلما قرأت عن الجرائم الناجمة عن الحرب ضد المخدرات التي يشنها فيليبنا (قلب) كالديرون (في تشبيه بين الرئيس المكسيكي والملك الإنكليزي الشهير ريشارد قلب الأسد)، أعجز عن نزع هذه الفكرة من رأسي أي أن كلّ شيء كان خطأً منذ البداية وأن زمام الأمور قد أفلتت عن السيطرة. وها نحن المكسيكيون الآن ندفع الثمن وحتى حلفاء الرئيس (تذكروا حادثة مورينيو سكرتير الحكومة). لعلّ مصيرنا التاريخي قد قادنا لذلك، إذ يقع كلّ مئة عام تحرّك مسلّح: استقلال 1819، ثورة 1910 والآن حرب كالديرون 2010.»
أما أرييل مارتينيز فلورس من مدونة امبلالونا فيسلط الضوء على جانب آخر للمجتمع المكسيكي يسبب العنف ألا وهو الفساد.
«النص الأصلي:Hubo un candidato a la presidencia de la República que acuñó la frase “La solución somos todos”, pero el mexicano común, el hombre de la calle decía jocoso e ingenioso: la corrupción somos todos” y esa generalización del fenómeno, fue el terreno fértil para el crecimiento de los grandes corporativos de la producción y distribución de drogas que a la sombra de la corrupción y la consecuente impunidad, crecieron y crecieron protegidos por funcionarios de todos los rangos y áreas del estado, hasta que llegó un momento en que ése estado se encontró en grave peligro de perder el control del país y no tuvo más alternativa que tratar de frenar a sus socios que amenazaban con quedarse con todo el negocio.»
«ترجمة:قام أحد مرشحي الرئاسة بإطلاق هذه العبارة “جميعنا الحلّ” أما المكسيكي العادي فيقول على سبيل المزاح والسخرية “كلنا الفساد”. إن هذا التعميم ما هو إلا دلالة على نمو وتفشي عصابات إنتاج وتوزيع المخدرات التي نمت ونمت في ظلّ جوٍ من الفساد واللاعقاب بحماية من موظفين حكوميين على اختلاف مراتبهم ومناصبهم حتى وجدت هذه الحكومة نفسها في خطر كبير، خطر من أن تفقد السيطرة على مقاليد الأمور في البلد فلم يبق له خيار سوى أن يعمل على وضع حدٍ لهؤلاء الشركاء ذاتهم الذين باتوا يهددون باحتكار السوق كله.»
بدورها تطرق روزاليا غيريرو من مدونة إنلوراندا إلى هذه القضية من منظار الأحداث اليومية كالقرصنة والجريمة
«النص الأصلي:Yo no sé ustedes, pero yo no quiero financiar a la delincuencia, por que la piratería hoy en día es una industria grande en la cual los que están detrás de no son los vendedores que nos reciben los 10 pesos por el disco sino la delincuencia organizada, que ocupara ese dinero no sólo para más discos sino para armas, balas y generación de narcóticos. Este es el punto de reflexión de esta columna, ¿Quieres financiar a los delincuentes? Por lo tanto ¿Hasta cuando seguiremos justificando nuestras acciones incorrectas?»
«ترجمة:أجهل موقفكم من القضية ولكنني أننا لا أريد تمويل الجنوح. فالقرصنة صناعة كبيرة يقف خلفها العديد من الناس والأمر لا يقتصر فقط على الباعة الذين يكسبون 10 بيسوس عن السي دي الواحد، بل يتعداهم إلى الجريمة المنظمة التي ستستخدم المال ليس فقط لنسخ المزيد من الأقراص، إنما للأسلحة وللرصاص وللمخدرات. هذا هو صلب هذه التدوينة: أتريدون تدوين الجريمة؟ إلى متى سنستمر بتبرير أخطائنا؟»
إيان كيلير من مدونة تلاكوتسونتلي يعترض على فكرة أن المكسيك عنيفٌ بطبيعته ويؤكد أنه لا يمكننا الحكم على الماضي مستندين على المعايير الحالية وأن العنف لا علاقة له بالجنسيات و بأصل الإنسان.
«النص الأصلي:este es un problema de la humanidad quitando diferencias de credo, de nacionalidad, de sexo o preferencias y para muestra vale solo un botón. ¿Recuerdan el ataque en Noruega, un país llamado del primer mundo, habitado por la gente más civilizada? Un fulano con problemas mentales severos se gestó en ese país a pesar de sus más altos valores sociales. Creo yo que la única forma de erradicar esta violencia es educar con valores a nuestros hijos, […] hablo de aquellos que nos hacen ser temerosos de Dios, de ese temor que inculca el respeto y obliga a hacer lo correcto por convicción propia; de hacer el bien y evitar el mal; de amar a los demás y tratarlos como nos gustarían que nos trataran. El mundo será diferente si en verdad trabajamos en depurar toda esa maldad que vemos en las noticias, en las películas, y en las novelas mexicanas.»
«ترجمة:الإنسانية أجمع بغض النظر عن الجنس والجنسية والمعتقدات أو التوجه الجنسي. أتذكرون الهجوم في النرويج “إحدى دول العالم الأول وشعبها من أكير شعوب العالم تحضراً؟ نشأ شخص يعاني من خلل نفسي كبير في هذا البلد على الرغم من جميع القيم الإجتماعية التي تتحلي بها هذه الدولة. أعتقد أن السبيل الوحيد للقضاء على العنف تكمن في تثقيف أولادنا … وأنا أتحدث عن القيم التي تجعلنا نخاف الله، هذه الخوف الذي يؤدي بنا إلى الاحترام ويرغمنا على عمل الصح بسبب معتقداتنا. عمل الصح وتجنب الشر ومحبة الغير ومعاملتهم كما نود أن نعامل. لاختلف العالم كثيراً لو أننا حقيقةً سعينا على التخلّص من كل الشر الذي نشاهده على نشرات الأخبار وفي الأفلام وفي المسلسلات المكسيكية.»
الفنّ و الأدب والموسيقى
نشر إنريكي فيغوروا أنايا من مدونة أسفلتو تكنيكولور قصة قصيرة للمهرجان تحمل عنوان لا باساريلا أو “العبارة” و تتمحور حول النساء اللواتي يقعن ضحايا العنف أحياناً بطريقة غير مباشرة. و بما إننا نتحدث عن الكتابة الإبداعية ههنا، فقد نشر إرنستو برييغو تدوينة في #SinLugar عن الشعر والعنف يعلّق فيها على تأثير العنيف على العملية الكتابية:
«النص الأصلي:México sufre diferentes tipos de violencia, que van de los más “sutiles” o transparentes y por lo tanto no siempre notados (por ideológicos, expresados en prácticas y actitudes culturales, usos de lenguaje, etc.) a lo más directos (feminicidio permanente, la guerra contra los drogas, crimen e inseguridad urbanas, etc.).»
«ترجمة:تعاني المكسيك من عدة أنواع من العنف، الأقل وضوحاً والذي لا نلحظه دائماً (على سبيل المثال: العنف الإيديولوجي الذي يعبر عنه في الثقافة و اللغة ،،،) إلى ذلك المباشر (قتل النساء، الحرب ضد المخدرات، الجريمة في المدن وعدم الأمان،،،)»
يفسح الفن أمام الناس المجال لشجب أو للحديث عن الأحداث العنيفة التي قاسوها. والفن نوع من المقاومة. هذا ما يطلعنا عليه خورخي تيليز في تدوينته “ كلمات عن العنف” في مدونة #Sinlugar حيث يذكر بعض المبادرات التي تعمل على رسم الواقع من خلال الشعر والتصوير الفوتوغرافي
«النص الأصلي:En México se dice que “ya estamos hasta la madre” de casi todo lo que importuna. Estamos hasta la madre de la contaminación, de los baches, del tráfico, de la selección, de la política, de la corrupción, […] Un claro ejemplo de esto es la campaña Alguien tenía que decirlo, cuyo propósito es el de documentar fotográficamente irregularidades que los habitantes de la ciudad de México viven diariamente, mediante la denominación de cada problema antecedido por la palabra “pinche”: Pinche bache, pinche tráfico, […] pinche violencia. […] Sí, de acuerdo: pinches drogas, pinche narcotráfico, […] pero ninguna de estas palabras supera el valor denotativo de nuestra indignación. Por eso iniciativas como la de 100 mil poetas por el cambio aparecen este 2011 para darle un nuevo valor a la palabra y devolverle la connotación perdida.»
«ترجمة:نقول في المكسيك بأننا سئمنا من جميع مشاكلنا. ضقنا ذرعاً بالتلوث وبالحفر وبالإزدحام وبمنتخب كرة القدم وبالسياسة والفساد ،،،، أكبر مثال على ذلك حملة Alguien tenía que decirlo“”على أحد أن يقول ذلك” التي ترمي لتوثيق عبر الصور المشاكل التي يقاسيها يومياً المواطنين في المكسيك مستخدمين عبارة pinche أي تباً : تباً للحفر، تباً للإزدحام، تباً للعنف و طبعاُ تباُ للمخدرات و تباً لتجارة المخدرات و لكن ولا واحدة من هذه العبارات تعبر فعلياً عن مدى غضبنا. من هنا نشأت مبادرات ك 100 mil poetas por el cambio” (مئة ألف قصيدة من أجل التغيير) بهدف إضفاء معنىً جديد للكلمة وإعادة المضمون المفقود له.»
نعود مجددا إلى انريكي فيغروا الذي نشر صوراً في مقالتين في إطار المهرجان. المقال الأول بعنوان Interferencia” تشويش ويظهر صورة لأليخاندرو بريسنيو فيها صلباناً لذكرى النساء المقتولات في تباين والبروباغاندا السياسية. أما المقال الثاني Silencio incómodo” الصمت المزعج فيعرض صورة لخورخي ألبيرتو مندوزا . يشرح إنريكي أدناه سبب اختياره لهذا العنوان:
«النص الأصلي:(esta) imagen se me hizo representativa de lo que se vive en muchos sitios de México. La llamé ‘Silencio incómodo’ porque no se me ocurre otra forma para expresar lo que sentimos cuando vemos, escuchamos o leemos, sobre algún suceso violento que estremece a nuestro país.»
«ترجمة:إن هذه الصور تمثل تجارب الناس في أنحاء عديدة من المكسيك. عنونته الصمت المزعج لأنني أعجزعن التفكير بوسيلة أخرى تعبر عما نشعر به عندما نشاهد، نستمع أو نقرأ عن أحداث عنيفة تخضّ البلاد.»
إرنستو برييغو من جديد يتحدث عن حضور موضوع العنف في المكسيك في المجلات الهزلية في كافة أنحاء العالم وأيضاَ عن صمت El silencio del cómic المجلات الهزلية المكسيكية .
«النص الأصلي:Como lector de cómics, defenderé siempre el potencial del medio para contar todo tipo de historias, pero como mexicano me preocupa que hasta ahora sea sólo la visión foránea y primermundista la que determine los discursos sobre la violencia mexicana. […] Los franceses obtienen becas para publicar un hermoso libro sobre Juárez, pero los mexicanos de Juárez quieren publicar en Estados Unidos y hacer películas y vender figuras de acción. […] La excepción que conozco al gran vacío narrativo en forma de cómic sobre la violencia en México es el trabajo de Édgar Clément.»
«ترجمة:نظراً لكوني أحد قرّاء القصص الهزلية، فإني سأدافع دوماً عن قدرتها بسرد جميع نوع الحكايات ولكنني كمسيكي، أقلق من كون النظرة الأولى الغريبة والعالمية هي تلك التي تحدد الحديث عن العنف في المكسيك. يحصل الفرنسيون على منح لنشر كتاب جميل عن خواريز أما مكسيكيو خواريز فيريدون نشر قصصاً هزلية في الولايات المتحدة وانتاج أفلام وبيع شخصيات إثارة أو حركة (أكشن). من بين هذا الجو، أنا عارف باستثناء واحد في إطار هذه الهوة في مجال القصص الهزلية عن العنف في المكسيك وهي أعمال إدغار كليمان.»
أما فيما يختص بالموسيقى فإنريكي فيغيروا قام [asfaltotecnicolor.blogspot.com/2011/08/mis-10-de-los-tigres-del-norte.html باختيار] عدة أغاني لنمور الشمال Los Tigres del Norte وهي فرقة مسكيكية تتضمن عادة كلمات أغانيها الكثير من الرسائل الاجتماعية و يشرح:
«النص الأصلي:la música que acompaña a los mexicanos expulsados, aquellos que como bien dicen los Tigres del Norte, “mientras los ricos se van para el extranjero para esconder su dinero y por Europa pasear, los mexicanos que venimos de mojados casi todo se lo enviamos a los que quedan allá”.»
«ترجمة:إنها الموسيقى التي ترافق أولئك المكسيكيين المطرودين أو المهجرين، أولئك الذين يقول عنهم فريق Los Tigres del Norte “في حين يسافر الأغنياء إلى الخارج لإخفاء مالهم ويذهبون لأوروبا لقضاء عطلتهم، المكسيكيون الذين يأتون إلى الولايات المتحدة يرسلون بطريقة غير شرعية، أغلب ما يكسبونه إلى أولئك الذين ما زالوا في البلد.»
يتحدث إنريكي عن السينما أيضاً. في تدوينته “Los Invisibles” المحجوبون أو المخفيون، فيذكر وثائقي عن الهجرة حاز مؤخراً على جائزة ويحمل العنوان نفسه.
هذا المقال جزء من تغطيتنا الخاصة بالحرب ضد المخدرات في المكسيك
ملاحظة من الكاتب: نظراً لطول المقال ولتسهيل العملية على قرّائنا، فضلّنا تقسيم النصّ إلى عدة أجزاء وقد قدمنا لكم الجزئين الأول و الثاني وهذا هو الثالث على أن تليه مقالاتٌ أخرى.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «مهرجان المدوّنات: المكسيك (3) – هل المجتمع المكسيكي عنيف بطبيعته؟». الأصوات العالمية. 8 يوليو - تموز 2012.
شارك الخبر:
|