موريتانيا: ذكرى مجزرة إينال

السبت 1 ديسمبر 2012


لا تمر ذكرى استقلال موريتاني عن فرنسا في الثامن والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني بدون دموع ونحيب والسبب هو أنه في نفس اليوم من عام 1990 حدثت تصفية عرقية في الجيش الموريتاني. حيث تم في ظروف غامضة إعدام 28 عسكرياً على الأقل من الزنوج الموريتانيين في قرية نائية تقع على بعد 500 كم شمال العاصمة نواكشوط. في الذكرى الثانية والخمسين لاستقلال موريتانيا انطلق العديد من النشطاء الحقوقيين الموريتانيين ينتمون لأكثر من سبعة عشر منظمة حقوقية برفقة بعض أهالي الضحايا في قافلة من العاصمة الموريتانية نواكشوط باتجاه قرية (إينال) حيث يرقد ضحايا المجزرة وذلك من أجل الترحم على أرواحهم والمطالبة بالقصاص لهم. كذالك لفت الانتباه إلى قضيتهم التي ظلت طي النسيان وتجدر الإشارة إلى أن هذه القافلة تعرض لها الأمن قبل أن يتركها لاحقا. هذه القافلة هي الثانية من نوعها فقد قامت نفس المجموعة العام الماضي بإحياء ذكرى المجزرة. كذالك قامت بزيارة قرية سورماري في ولاية لبراكنة ومن أجل [إحياء إحياء] ذكرى سنوات الجمر والتي راح ضحيتها مئات الزنوج الموريتانيين بين1989 و1990.

قدم موقع الوطن الموريتاني شهادات لبعض أهالي ضحايا مجزرة إينال تحدثوا فيها عن مأساتهم والظلم الذي تعرض له ذووهم وطالبوا فيها بالقصاص:

«النص الأصلي:السيدة سالمتا جالو: تحكي أن زوجها وأخاها قتلا هنا وهي مفجوعة بمصيبتين في آن واحد، تحلف بالله إن هذه المجازر وقعت على حين غفلة من الأهالي “وتمت في يوم واحد هو يوم 28 نوفمبر هذا اليوم الذي يحتفل به الموريتانيون عيد استقلال وطني، حوله هؤلاء إلى مأساة تذكرنا كل سنة بهذه المجزرة”، تبدي سالمتا جالو تأسفها على تغاضي السلطات وتراخيها في معالجة الملف، وقالت إن ما قيم به حتى اليوم من صلاة على الغائب في مدينة كيهيدي وإعداد خريطة عن القبور “مجرد تحايل”.

وطالبت المفجوعة سالمتا جالو الحقوقيين وأصحاب الضمائر الحية أن يتحركوا جميعا ً لإعادة العدالة إلى ذويهم بإجراء تحقيق شفاف في ملابسات ما أسمته “المجزرة الجهنمية”.»

شارك المدون الموريتاني الدده ولد الشيخ إبراهيم شارك في قافلة إينال ونشر على مدونته تقريراً عن رحلته تحدث فيه عن المضايقات التي تعرضوا لها في طريقهم من طرف الأمن كذلك عن أجواء إحياء ذكرى المجزرة:

«النص الأصلي:بعد انتهاء الخطب والترحم سار المشاركون في الرحلة على أقدامهم خلف مؤلف كتاب “جحيم إنال” والعسكري الناجي من تلك الأحداث ممدو سي، حيث وجههم إلى أربع تلال مكسوة بالحجار قال إنها المكان الذي دفن في رفاقه بعد تعذيبهم…

كان تحديد ذلك الموقع المجاور لمكان الثكنة العسكرية كفيل بإطلاق العنان للنحيب والبكاء والإغماءات بل وذهب الأمر إلى أبعد من ذلك حيث قام بعض الشباب بالدعوة إلى حمل السلاح لأخذ الثأر بدل البكاء.»

بدورها تحدثت مدونة “ جيري آدمس” عن صمت النخب في موريتانيا على هذه الجريمة:

«النص الأصلي:في ليلة الذكري الثلاثين لاستقلال موريتانيا نفذ الجيش الموريتاني مجزرة في قرية “إينال” في أقصي الشمال الموريتاني أعدم خلالها, بدون محاكمة ولا حتى تهمة واضحة, 28 عسكريا من الزنوج بعد أن مورس عليهم في تلك الليلة أبشع أنواع التعذيب والتنكيل…. وفي صمت أشبه بالمتعامي عن الجريمة سكت الجميع….. سكت المثقفون والسياسيون وعلماء الدين ودعاة المبادئ…. سكت التقدميون المدافعون عن الضعفاء والمحرومين…. سكت الإسلاميون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر….. سكت الجميع قبل ذالك وبعد ذالك في ولاته وفي الجريدة و في غيرهما وتوالت جرائم قتل الزنوج الموريتانيين وتشريدهم ونهب أموالهم وهتك أعراضهم علي مرآي ومسمع من الجميع.»

أيضا قام الناشط الحقوقي جبريل جلو بالحديث عن الجرائم التي تعرض لها الزنوج في موريتانيا وخصوصا مجزرة إينال وذلك في سلسلة مقالات نشرها على مدونته في موقع أصوات. حيث قدم في هذه الحلقة مثلا شهادات لضباط زنوج نجو من مجزرة إينال:

«النص الأصلي:جانب آخر من الوحشية حين كان الجناة يحتسون الشاي وهو يجلسون على الجثث في انتظار شنق الآخرين، أحد الناجين سمع، الضابط “خطري” يقرأ آية من القرآن وهو يجلس على جندي بعد أن شنقه، يقول هذا الناجي لا أصدق بأنه يؤمن بالرب الذي أنزل هذا القرآن العظيم المقدس.

لقد دام وقت الإعدام شنقا أكثر من ساعة زمانية. كان التعذيب في هذه الليلة جنونيا عقب الإعدامات، لقد ضرب المعتقلون ضربا شديدا. وأطلق الرصاص على بعضهم، لأنهم فقط “تأثروا” من هول ما رأوا. فقد قتل خمسة آخرين في نفس الليلة هم : لي همدي ،ممدو عصمان،جوب بوكر بيلا،صل عمر ،صل أمدو الحاج. يقول الضابط منصور، وهو مطابق لما وردر في كتاب “جحيم إنال”.

بقي في الأذهان أن 28 عسكريا أسودا قتلوا في هذه الليلة ، والحقيقة أن عدد قتلى إنال كثيرون في تلك الليلة ،يقول الضابط الناجي كان منصور، في شهادته المسجلة، وهو يحكي كيف طلب منه أن يعترف أمام “مسجلة” بأنه شارك في الإنقلاب ، لقد جاء في هذه الشهادة أن كبار الضباط الزنوج جمعوا في 23 من نوفمبر وبدأ تعذيبهم وتهديدهم بالقتل وقد توفي أثناء تعذيبهم كلا من : الملازم صل عبد الله موسى، الملازم آن طاهير ضرب حتى الموت عند بوابة الزنزانة التي اعتقل فيها الضباط،النقيب لوم ، صل عمر مات وهو يقول منصور اعطني ماءا.لقد عذب حتى فقد جسمه كل السوائل.»

كذالك أعرب الناشط سيدي عالي ولد ملاي الزين على صفحته على موقع فيسبوك عن أسفه لتزامن ذكرى مجزرة إينال مع الإستقلال:

«النص الأصلي:البعض يستعد للإحتفال ب ٢٨ من نفمبر بينما يحي هذا التاريخ آلام حداد لم يكتمل بعد عند آخرين. جنة الفردوس لشهداء موريتانيا من ضحايا الحكم العنصري و الدكتاتوريات العسكرية آمين»

في نفس السياق قامت حركة “ لاتلمس جنسيتي” المعارضة للنظام بتنظيم مسيرة تطالب فيها بمعاقبة الضالعين في تصفية الزنوج الموريتانيين. لكن النظام الموريتاني واجهها بالقمع وبوابل من مسيلات الدموع وكانت في وقت سابق أصدرت لائحة بأسماء عدد من عناصر الجيش الموريتاني تتهمهم بجرائم ضد الزنوج على رأسهم الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطائع.

نشير إلى هذا الفيديو الذي نشره موقع الأخبار على حسابه في يوتيوب عن قافلة إينال 2012

Alakhbar Mauritanie- Plérinage à Inal 2012 على يوتيوب

مصادر

عدل