نيويورك تايمز: شبكة إنترنت تتكلم لغتك
الخميس 28 مايو 2009
على موقع TED، خطاب من نجوزي أوكونجو-إويالا من البنك العالمي مترجم إلى العديد من اللغات، هنا الترجمة باليابانية والنص بالأوردو.
في السنوات الأولى للشبكة العالمية، ظهر أغلب محتواها باللغة الإنجليزية، ولكن ذلك تغير سريعاً. فاليوم، على سبيل المثال، المقالات على الموسوعة العالمية ويكيبيديا متاحة بأكثر من 200 لغة. ووفقاً لمات ملنويغ مؤسس وورد بريس وهي منصة برمجيات حرة، فإن 36% من سبعة ملايين مدونة تستخدم هذا النظام بلغة غير الإنجليزية.
مثل هذه التغيرات تخلق تحدياً، كما قال إيثان زوكرمان وهو زميل باحث في مركز بيركمان للانترنت والمجتمع في هارفارد، “جميعنا متعايشون مع انترنت أكثر محدودية مما يجب أن تكون عليه”، ويضيف “على الشبكة العنكبوتية التي يولد محتواها المستخدمونن قمنا بإنشاء ديناميكية غريبة حيث يوجد المزيد من المحتوى كل يوم – بعضه مهم – ولكن كل شخص يستطيع بشكل فردي قراءة جزء فقط من هذا المحتوى وذلك بسبب تعددية اللغات”.
ليونارد تشين، مترجم متطوع في الأصوات العالمية – تصوير إيليا فاريلا سيرّا
تساعد عدد من الخدمات، آلية وبشرية، الإنسان على ترجمة ما يدعوه السيد زوكرمان “الإنترنت كثير اللغات.”
وهذه الآليات التي كانت باهظة الثمن في يوم ما أصبحت الآن متاحةً مجاناً في مواقع مثل مترجم جووجل، والذي يستطيع أن يترجم لأكثر من 41 لغة. في مثل هذه المواقع، يمكن للمستخدمين أن يدخلوا فقرات كاملة من النصوص وتقوم الآلة بترجمتها بشكل فوري تقريباً.
يمكن لمترجم جوجل ترجمة مصطلح للبحث للغة أخرى، ثم يبحث عنها على مواقع بلغات أخرى. تظهر النتائج بطريقتين؛ اللغة المستهدفة وترجمتها إلى اللغة الأصلية.
تعطي الترجمة الآلية تصوراً مبدئياً للنصوص، لكن الأفكار أو الأساليب المعقدة يمكن أن تصعب على أكثر البرامج تعقيداً، وخاصة في اللغات غير اللاتينية. وعندما يتعلق الأمر بـالفوارق البسيطة “فترجمة الآلة لن توضح لك ما تريد” كما يقول السيد زوكرمان.
يقوم الآن أشخاص من جميع أنحاء العالم بترجمة هذه الفوارق والتفاصيل من دون مقابل.
ليونارد تشين، طالب ومترجم محترف يقيم في تايوان، يعمل بأجر بـ100$ في الساعة كمترجم فوري. ولكنه يتطوع من 2 إلى 3 ساعات في اليوم في الأصوات العالمية، موقع صحافة مواطنية أنشأه السيد زوكرمان وريبيكا ماكينين حيث يترجم تشين هناك مواضيعاً من جميع أنحاء العالم إلى الصينية.
السيد تشين هو المدير المساعد في مشروع ترجمة الأصوات العالمية Lingua، والذى يقوم متطوعون فيه بترجمة مواضيع الأصوات العالمية إلى 15 لغة، حيث يتلقى راتباً صغيراً عن عمله كمدير ويقول أنه سعيد رغم ذلك بالتبرع بوقته كمترجم.
قال تشين “أشعر دائما بسعادة لرؤية مواضيع جديدة منشورة وبلغات مختلفة”.
وتشين واحد من 104 متطوعين قاموا بالترجمة لمشروع Lingua الشهر الماضي. يشارك متطوعون من جميع أنحاء العالم أيضاً في برنامج “جووجل بلغتك”، لمساعدة الشركة لترجمة إنتاجها إلى 120 لغة. الأربعاء الماضي نشر مؤتمر TED ، والذي لايمكن حضوره إلا بدعوات خاصة ويشارك فيه متحدثون بارزون مثل آل جور و بيل جيتس ترجمات ونصوصاً لمحادثات كثيرة محفوظة على موقعهم. قام متطوعون بترجمة 200 من أصل الـ 300 ترجمة المنشورة على الموقع.
للمترجمين أسباب مختلفة للتطوع. “أحب التحدي المتمثل في الترجمة بين لغتين شديدتي الإختلاف لغوياً وثقافياً”، كما قال أنس قطيش، مترجم ومحرر عربي-انجليزي ومقيم في دمشق، يتطوع ما بين 15 إلى 20 ساعة أسبوعياً لمشروع Lingua. كما يعطيه العمل الخبرة والفرص على حد قوله.
أليكساندر كلار، مصمم جرافيك في موهنيسي في ألمانيا، يقدر أنه قضى 62 ساعة لترجمة أحاديث TED إلى الألمانية، ,يقول أن المحتوى مصدر للإلهام ويضيف “مشاركة هذه الأفكار متجاوزين حاجز اللغة، تعطينا فرصة لكي ننسى الحواجز والجدران التي تفصل بيننا.
بدأ TED، مشروع ترجمة الفيديو متوقعين استخدام مترجمين معظمهم من المحترفين، على الرغم من أن الموقع تلقى ترجمات بلا أجر من معجبين ببعض الأحاديث. “ظننا أن الترجمة المحترفة الطريق الوحيد لضمان عملٍ ذي جودة عالية”، وضحت جون كوهين، المنتجة التنفيذية لـ TED media. ولكن التحول للمترجمين المتطوعين جاء الخريف الماضي، بعدما اطلعت السيدة كوهين وزملاؤها – تقريبا 20 موظفا بدوام كامل يتحدثون 14 لغة بالمجموع الكلي، كما قالت – على العديد من ترجمات لمتطوعين وأعجبوا بها.
وأضافت “المتطوعون ملتزمون التزاماً شديداً بتحقيق أفضل ترجمة ممكنة بغض النظر عن الوقت الذى سيستغرقه الأمر، هناك حماسة لا نجدها عند الأشخاص الذين يتقاضون أجراً للقيام بالعمل.”
ومن ثم هناك توفير للتكاليف، حيث قدرت السيدة كوهين أن شركة ترجمة احترافية قد تتقاضى حوالي 500000$ لتأدية الترجمات المنجزة من قبل المتطوعين أو ربما في طريقها للإنجاز.
من البديهي أن الترجمة التي يقوم بها مجموعة من الأشخاص، يصعب التحكم بجودتها. فمدخلات “جوجل بلغتك” تُراجع قبل إطلاقها، كما قالت نايت تايلر المتحدثة باسم الشركة. يتطلب TED و Lingua مراجعة الترجمة مرة ثانية من قبل مترجم ثان قبل النشر، وعلى المترجمين التوقيع بأسمائهم؛ فتوقيعهم يمنع النوعية السيئة أو الترجمة الخاطئة عمداً.
ما يبقى هو إمكانية نمو جهود الترجمة التطوعية لتتخطى مجموعات معزولة أو خاصة مهتمة بأهداف معينة. قد يكون أحد الحلول تجميع مابين ترجمة الآلة والإنسان. وهذا هو نهج Meedan.net ، موقع لمتحدثي العربية والإنجليزية لمناقشة قضايا الشرق الأوسط. تُعكس المدخلات تلقائيا إلى اللغة الأخرى، باستخدام ترجمة آلية، ثم تدقق بعد ذلك عن طريق مترجمين.
يدعو إد بايس، منشئ ميدان، هذا بــ “النموذج الإنتقالي”؛ فهو يؤمن بأن الترجمة الآلية ستستمر في التحسن وستكون قادرة على منافسة جودة الترجمة البشرية في العقد المقبل.
وفي نفس الوقت، قال السيد زوكرمان، إن هناك حاجة لحلول أخرى، “فلدى الانترنت القدرة لتكون وسطاً مناسباً لحوار عالمي – لكن ما لم تحل مشكلة اللغات، فلن تكون كذلك الآن أو في المستقبل.”
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «نيويورك تايمز: شبكة إنترنت تتكلم لغتك». الأصوات العالمية. 28 مايو - أيار 2009.
شارك الخبر:
|