هل تنجح قصائد شعراء العالم في إنقاذ رقبة أشرف فياض؟
الأحد 6 ديسمبر 2015
نشر الموضوع لأول مرة على موقع رصيف22، وتعيد الأصوات العالمية نشره باتفاق مع الموقع بقلم أحمد ناجي
“لأن التوبة عمل قلبي مختص بأمور القضاء الأخرى، وليس مناط القضاء الدنيوي عليه، لذلك فقد رجعنا عن ذلك وقررنا قتل المدعى عليه وحد الكفر وبه حكمنا”. ليست هذه عبارة من رواية لكافكا، حيث البطل إنسان واقع في شراك سلطة لا متناهية القوة بلا عقل منطقي، بل هي العبارة التي بررت بها المحكمة العليا في أبها حكمها على الشاعر أشرف فياض بالإعدام، أو للدقة قتله. فلا تستخدم المحاكم السعودية لفظ الإعدام، بل تفضل لفظ أكثر مباشرة وإثارة للفزع كالقتل.
نجح موقع رصيف22 في الحصول على نسخة من أوراق قضية أشرف، التي تكشف الكثير من التفاصيل عن كيفية تعامل القضاء السعودي مع مثل تلك القضايا. وعن أشرف فياض وواقع الشعر والفن في السعودية. (الصور في آخر الموضوع).
هاتف المدعي عليه
أشرف فياض هو شاعر وناقد فني، برز اسمه في السنوات الأخيرة في مشهد الفن المعاصر السعودي. فرغم أنه يحمل الجنسية الفلسطينية، ولد وعاش حياته كلها في السعودية، وظهر أكثر من مرة في القناة السعودية الثقافية الرسمية. ونظم عشرات المعارض الفنية داخل المملكة وخارجها، وفي عام 2008 أصدر ديوانه الشعري “التعليمات في الداخل”، الذي نشرته دار الفارابي.
كانت حياة أشرف تمضي بشكل هادئ، حتى استوقفه مشهد في إحدى الأسواق، حيث مجموعة من “المطاوعة”، الشرطة الدينية، يعنفون مراهقًا، حينذاك أخرج أشرف هاتفه، وصور ما يحدث أمامه ثم رفع الفيديو على الإنترنت، ليضاف كسجل جديد لتجاوزات الشرطة الدينية في السعودية.
تحولت هذه الحادثة إلى لعنة لأشرف، فتدفقت البلاغات الكيدية عليه. في البداية تم إيقافه وتفتيشه، وتفتيش هاتفه المحمول. طبقًا للجزء الأول من أوراق القضية، فقد عثرت المحكمة داخل هاتفه المحمول على “صور حية لسيدات وفتيات ومحادثات بينه وبينهم تحتوي على عبارات خادشة للحياء، وتشير إلى إقامته علاقات عاطفية مع فتيات”.
استدعت المحكمة أيضًا ديوان أشرف، وقامت بتحليله بشكل شرعي، إذ رأت في المجاز الذي احتواه الديوان إشارات إلحاديّة. لكن أشرف أنكر مسألة الإلحاد، وشهد بالشهادة أمام المحكمة، وكما يرد في أوراق القضية، فقد ثبت أنه نظم معارض فنية تدعو إلى الإسلام، وأدخل بعض الأجانب إلى الإسلام. لذا حكمت المحكمة عليه بالبراءة من تهمة الإلحاد، لكن إدانته بتهمة الفسق بسبب الرسائل الخاصة بينه وبين فتيات، ووجود صورهن معه في معارض فنية محلية وعالمية، وحكمت عليه بالسجن أربع سنوات مع 800 جلدة.
إلاّ أن جهة الادعاء لم ترضٓ بهذا الحكم واستأنفته، فأعادت محاكمته بتهمة الإلحاد إذ رأت أن الإلحاد ثابت عليه بسبب تغريدات كتبها على موقعه على موقع تويتر، وبسبب بعض الجمل في قصائده. وقالت المحكمة إنه حتى لو كان أشرف مسلمًا، وأعلن توبته، فقبول تلك التوبة في يد الله، لكن التهمة ثابتة عليه. لذلك يجب أن يوقع عليه الحد وهو الإعدام بقطع الرأس.
بعد إعلان خبر حكم الإعدام، أصيب والد أشرف بجلطة في الدماغ، وتوفي بعد ذلك بيومين في المستشفي حزنًا على الابن المهدد بقطع الرأس.
مائة قصيدة لعتق رقبة شاعر
على مدى الأيام الماضية، تصاعدت حملة التضامن مع أشرف فياض عربيًا وعالميًا، فاحتفى مهرجان برلين الأدبي بأشرف وشعره، وأعلن تنظيم عدد من القراءات الأدبية تضامنًا معه وللمطالبة بالإفراج عنه.
كذلك أطلق نادى القلم الدولي حملة توقيعات شارك فيه كتاب عرب وعالميون، لمطالبة السلطات السعودية بإيقاف تنفيذ حكم الإعدام. كما انطلقت في 3 كانون الأول/ ديسمبر حملة “سنحرر شاعرًا بقصيدة”، إذ ستقام في القاهرة، ورام الله، وغزة، وتونس، أمسيات لقراءة أشعار أشرف. وفي القاهرة استضافت دار ميريت للنشر أمسية لقراءة أشعاره، وفي رام الله استضاف متحف محمود درويش أمسية مماثلة، وفي مقر الاتحاد الجهوي للشغل بتونس أقيمت أمسية أيضًا.
على شبكة الإنترنت انطلقت حملة التضامن مع الشاعر المهدد بقطع الرأس، لتشمل جميع أشكال التضامن الإلكتروني المعتادة. كذلك وجهت الحملة نداءً إلى المثقفين العرب للتضامن مع أشرف من خلال قراءة أشعاره في أي مكان وتصوير القراءة ورفعها على شبكة الانترنت. ومن المقرر أن تستمر حملة التضامن وسلسلة القراءات الشعرية كل أسبوعين، إلى حين عتق رقبة أشرف فياض من تحت سيف السياف.
يُذكر أن أشرف لا تزال لديه فرصة أخيرة لاستئناف الحكم الصادر بحقه أمام المحكمة العليا.
مصادر
عدل- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «هل تنجح قصائد شعراء العالم في إنقاذ رقبة أشرف فياض؟». الأصوات العالمية. 6 ديسمبر - كانون الأول 2015.
شارك الخبر:
|