وفاة قاضٍ رئيسي بحادث تحطم طائرة يؤجج نظريات المؤامرة في البرازيل

الثالث 24 يناير 2017



توفي قاضي المحكمة العليا البرازيلي، الذي كان يترأس “عملية لافا-جاتو” أو “عملية الأيادي النظيفة” وهي تحقيق كبير لكشف الفساد قاد العديد من رجال الأعمال والسياسيين إلى السجن، الأربعاء بحادث تحطم طائرة تاركًا البرازيليين في تخوف من عواقب العملية وحيرة حول أسباب تحطم الطائرة.

اندفع البرازيليون، رغم عدم وجود دليل يثبت أن الحادث مدبَّر، لإعداد نظريات لا أساس لها حول الموت المبكر للقاضي تيوري زافاسكي البالغ من العمر 68 عامًا.

غرقت الطائرة، التي كانت تقلّه إلى وجهة سياحية مشهورة تقع على بعد 250 كيلومترًا من مدينة ريو دي جانيرو، في البحر عند الساعة 1.45 صباحًا حينما كان أقرباؤه في طريقهم إلى المطار. كما توفي أربعة ركّاب آخرون هم: صديق زافاسكي، رجل الأعمال الذي تعود إليه ملكية الطائرة، والطيّار ومعالج طبيعي ووالدته.

يخشى كثير من البرازيليين تبعات عملية لافا-جاتو، حيث كان السيد زافاسكي القاضي المسؤول عن توجيه الاتهامات لشخصيات سياسية في مناصب تتمتع بالحصانة ولا تحاكم بموجب القانون البرازيلي إلا أمام المحكمة العليا.

كان زافاسكي قد قطع مؤخرًا عطلته ليعيد النظر في صفقات لتبرئة 77 مديرًا تنفيذيًا في أودبريشت، شركة البناء والأعمال العامة البرازيلية العملاقة وأحد الأطراف الأساسية في فضيحة الفساد، التي دفعت بسخاء ملايين الدولارات رشوة لموظفين مسؤولين في شركة النفط الحكومية بتروبراس مقابل الحصول على عقود مربحة.

إن صفقات التبرئة واتفاقيات التعاون لتخفيف العقوبات ما هي إلا قنبلة موقوتة تحتمل توريط عدد كبير من السياسيين رفيعي المستوى بما في ذلك الرئيس ميشال تامر.

تعطي القوانين الأساسية للمحكمة العليا رغم تعارض المصالح المحتمل، للرئيس شخصيًا الحق بتسمية خليفة لزافاسكي يتكفل بجميع قضاياه. مع ذلك أعلن الرئيس تامر أمس بأنه كان سينتظر أن تعيّن المحكمة الاتحادية العليا خلفًا.

كان القاضي على وشك التحقق من صحة صفقات التبرئة في شباط/فبراير لكن على الأغلب ستؤخّر وفاته ذلك.

«النص الأصلي:O velório de Teori será o maior encontro de políticos aliviados e silenciosamente felizes da história do Brasil

— PatoFiscalDePrivada (@PatoBrechtiano) 21 de enero de 2017»

«ترجمة:ستكون جنازة تيوري التجمع الأكبر لسياسيين مرتاحين وسعيدين سرًّا في تاريخ البرازيل.»

أطلقت الرهانات الخطيرة وموقف القاضي زافاسكي الصلب، إضافة إلى توقيت وفاته، جرس الإنذار على الشبكات الاجتماعية، فالشخصيات السياسية المتهمة في هذه العملية التي بدأت عام 2014، من الجناح الأيمن كما الأيسر هم من مختلف الأطياف السياسية البرازيلية. وعلى هامش تيّار الصحافة المهنية السائد، شهدنا انفجارًا من النظريات المؤامراتية.

هذا ما أكّده فيرا رودريغو، المعلّق النشِط على الأحداث السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي:

«النص الأصلي:Num país dominado por gângsters, não tem essa de “teoria conspiratória” quando o tema é assassinato de políticos e juízes que atrapalham o caminho.»

«ترجمة:لا وجود “لنظرية المؤامرة”، في بلدٍ تهيمن عليه العصابات، ما دمنا نتحدث عن اغتيال سياسيين وقضاة وقفوا في طريقهم.»

كان فرانسيسكو زافاسكي، الابن البكر للقاضي المتوفى، قد أكد برسالة نُشرت على موقع الفيس بوك بشهر مايو/أيار عام 2016 بأن عائلته واقعة تحت التهديد. عاد هذا المنشور للظهور بسرعة خلال نهاية الأسبوع في أعقاب تحطم الطائرة. وأكد الابن خلال تصريح صحفي بأن عائلته قد تلقت تهديدات عديدة، رغم أنه يعتبر أن أي اشتباه بعمل تخريبي أدى إلى تحطم الطائرة لا يزال “مستبعدًا”.

أما على واتساب، فانتشرت إشاعات من كلّ الأنواع؛ تزعم إحداها أن زافاسكي كان ينقل وثائق هامة فُقدت الآن إلى الأبد، وتتهم أخرى لواء بالجيش، صديق للرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بالوقوف وراء عملية التخريب. جُمعت كل هذه النظريات وغيرها في مجموعة إي-فيرسا، مجموعة مخصصة للتعهيد الجماعي [الاستعانة بالجماهير بغية الحصول على المعلومات]، على موقع فيسبوك للتحقق من المعلومات على شبكة الإنترنت ومن الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي.

ظهرت الإشاعة الأكثر غرابةً على موقع جيت فوتوز لهواة الطيران، والذي يمتلك قاعدة بيانات مرتبطة بأجهزة متواجدة في جميع أنحاء العالم.

الغريب أن صورة الطائرة التي تحطمت الأسبوع الماضي شهدت تصاعدًا في عدد المشاهدات في الثالث من شهر يناير/كانون الثاني بمعدل 1885 نقرة، بخلاف الشهر الذي سبق ذلك، حيث لم تشاهد الصورة خلال هذه المدة إلا بضع مرات. وكان كلاوديو توغنولي مراسل ياهو البرازيلية أول من لاحظ هذا.

بالنسبة إلى هذه الإشاعة، افترض ليتو، وهو يوتيوبر برازيلي يدير قناة عامة مختصة بالطيران، وجود خلل في سجل جيت فوتوز وقدّم أدلة تثبت أن عداد المشاهدة لم يسجل أي مشاهدة يوم وقوع الحادثة في التاسع عشر من شهر يناير/ كانون الثاني في حين أنه سجل وعلى التوالي 21.345 و 5.274 مشاهدة خلال اليومين التاليين.

انتشرت هذه البيانات الغربية بسرعة على مواقع مبهمة وعلى وجه الخصوص تلك الموجهة لوسائل الإعلام البديلة للجناح البرازيلي الأيمن. وبَيّنَ موقع Monitor of Political Debate وهو مشروع يتتبع المعلومات السياسية الأكثر مشاركة على موقع فيسبوك عن كثب، أن أربع مقالات من أصل ست كان مصدرها مدونة يمينية بديلة معروفة هدفها نشر معلومات غير مؤكدة.

شككت الصحافة العامة، في الوقت ذاته، في صحة نظرية المؤامرة تلك رافضةً تناقل إشاعات كإشاعة جيت فوتوز حتى لو كانت الأكثر رواجًا. وأبدى الأستاذ بابلو أورتيلادو رأيًا معاكسًا على موقع فيسبوك معتبرًا هذا التصرف تقصيرًا من قِبل وسائل الاعلام التقليدية.

«النص الأصلي:A grande imprensa, por “responsabilidade”, não menciona a hipótese de que o avião possa ter sido sabotado enquanto não surgem evidências concretas. Ela trata do assunto como se a possibilidade não pudesse ser discutida a sério, desprezando a preocupação do país inteiro. Enquanto isso, o acesso à má imprensa dispara, já que só ela está discutindo diretamente aquilo com que todo mundo está preocupado. Essa postura é pura arrogância. A imprensa supõe que (ainda) é a detentora da verdade social e que se ela não deu, a coisa não existe. Mas se isso algum dia já foi verdade, seguramente não é mais. (…) A culpa não é só do algoritmo do Facebook e da polarização. A imprensa precisa atender, sem petulância, a preocupação das pessoas comuns. Está na hora da boa imprensa discutir a possibilidade de sabotagem no avião, mesmo que seja para dizer que é uma hipótese improvável e sem grande apoio em evidências.»

«ترجمة:لم تذكر وسائل الإعلام العامة احتمالية تعرض الطائرة لعملٍ تخريبي طالما أن الأدلة الملموسة غير موجودة، ممارسةً بذلك دورها بتحمل المسؤولية. وتناولته كما لو أنه لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد، متجاهلةً بذلك انشغال بلد بأكمله بالأمر وهو موقف جِدُ متغطرس. ارتفعت خلال هذا الوقت نسبة الدخول إلى الصحافة الرديئة بما أنها الوحيدة التي تناولت الموضوع الذي يستقطب الجميع. وافترضت وسائل الإعلام العامة (أيضًا) بأنها تحكم قبضتها على الحقيقة الاجتماعية فبما أنها لا تتحدث عن هذا الموضوع فهو غير موجود، لكن حتى إذا كان هذ الموقف صحيحًا، يومًا ما، فهو بالتأكيد ليس اليوم. […] ولا يرجع الخطأ إلا لحساب فيسبوك وللاستقطاب. ينبغي على وسائل الإعلام العامة أن تستجيب لتطلعات الناس العاديين دون غطرسة. فقد حان الوقت لتتحدث الصحافة النوعية عن احتمالية حدوث تخريب بالطائرة حتى لو كان هذا الحديث مجرد فرضيات غير محتملة الحدوث تمامًا ولا أساس لها.»

إن الدليل الوحيد الواضح، حتى الآن، هو تقرير شاهد عيان على حادث تحطم الطائرة؛ الذي قال فيه أنه رأى دخانًا يتصاعد من أجنحة الطائرة عندما كانت تسقط.

لكن بمقابلة مع صحيفة الباييس الإسبانية، قال خبير بحوادث الطيران بالبرازيل أن الشهود غير معتادين على ذلك فهم غالبًا ما يخلطون، عن طريق الخطأ، بين الدخان والهواء المتدفق من الطائرة إذا عبرت غيمة ماطرة، أشار أيضًا إلى عدم وجود بنية تحتية في مطار باراتي الذي يقتصر عمليًا على مدرج واحد بالإضافة إلى سوء الأحوال الجوية لحظة الهبوط مستنتجًا أن احتمالية وجود تخريب ضعيفة جدًا إلا أنها غير مستبعدة تمامًا.

أعلنت الشرطة الاتحادية البرازيلية بأنها ستقوم بإجراء تحقيق موسع حول أسباب الحادث كما ستقوم بتحليل صندوق الطائرة الأسود الذي انتشلته القوات الجوية البرازيلية من المحيط.

مصادر عدل