13 عاماً على رحيل "الأب الروحي" للمقاومة الفلسطينية

الخميس 23 مارس 2017


أخبار ذات علاقة


أحمد ياسين شيخ المقاومة الفلسطينية، وأبرز مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أصابه الشلل صغيرا وذاق طعم المعاناة وألم السجون وقسوة الاحتلال، فما لانت عزيمته ولا ضعف صبره، وظل قابضا على الجمر يهز الملايين بصوته المبحوح، ويقض مضاجع المحتلين بكرسيه المتحرك، حتى اغتالته طائرات إسرائيلية خارجا من صلاة الفجر.

ولد أحمد إسماعيل ياسين في يونيو/حزيران 1936، في قرية تاريخية عريقة تسمى جورة عسقلان، وهو العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد النفوذ الصهيوني المتزايد داخل الأراضي الفلسطينية. توفي والده وهو لم يتجاوز الخامسة من عمره. وفي عام 1952 وهو في السادسة عشرة من عمره تعرض لحادثة خطيرة أثرت في حياته، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق أثناء لعبه مع بعض أقرانه، وبعد 45 يوما من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح أنه أصيب بالشلل. وقد أصيب -إضافة إلى الشلل التام- بأمراض أخرى عديدة، منها: فقدان البصر في العين اليمنى بعدما أصيبت بضربة أثناء التحقيق على يد المخابرات الإسرائيلية فترة سجنه، وضعف شديد في قدرة إبصار العين اليسرى، والتهاب مزمن بالأذن وحساسية في الرئتين وبعض الأمراض والالتهابات المعوية الأخرى.

وإلتحق أحمد ياسين بمدرسة الجورة الابتدائية وواصل الدراسة فيها حتى الصف الخامس، لكن النكبة التي ألمت بفلسطين وشردت أهلها عام 1948 لم تستثن هذا الطفل الصغير، فقد أجبرته على الهجرة بصحبة أهله إلى غزة، وهناك تغيرت الأحوال وذاقت الأسرة -كمعظم المهاجرين آنذاك- مرارة الفقر والجوع والحرمان، وترك ياسين الدراسة لمدة عام (1949-1950) ليعين أسرته المكونة من سبعة أفراد بالعمل في أحد مطاعم الفول في غزة، ثم عاود الدراسة مرة أخرى. أنهى دراسته الثانوية في العام الدراسي 1957/1958 ونجح في الحصول على فرصة للعمل مدرسا رغم الاعتراض عليه في البداية بسبب حالته الصحية، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته.

واعتنق الشيخ أحمد ياسين أفكار جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر على يد حسن البنا عام 1928، والتي تدعو -كما تقول- إلى فهم الإسلام فهما صحيحا والشمول في تطبيقه في شتى مناحي الحياة. عايش أحمد ياسين الهزيمة العربية الكبرى المسماة بالنكبة عام 1948، وكان يبلغ من العمر آنذاك 12 عاما، وخرج منها بدرس أثر في حياته الفكرية والسياسية فيما بعد، مؤداه أن الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم عن طريق تسليح الشعب أجدى من الاعتماد على "الغير"، سواء كان هذا "الغير" الدول العربية المجاورة أو المجتمع الدولي. ويتحدث الشيخ ياسين عن تلك الحقبة فيقول "لقد نزعت الجيوش العربية التي جاءت تحارب إسرائيل السلاح من أيدينا بحجة أنه لا ينبغي وجود قوة أخرى غير قوة الجيوش، فارتبط مصيرنا بها، ولما هزمت هزمنا وراحت العصابات الصهيونية ترتكب المجازر والمذابح لترويع الآمنين، ولو كانت أسلحتنا بأيدينا لتغيرت مجريات الأحداث".

وقد شارك وهو في العشرين من العمر في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجا على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956، وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة، حيث نشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة، مؤكدا ضرورة عودة الإدارة المصرية إلى هذا الإقليم. وفي عام 1965 اعتقلته المخابرات المصرية ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية واستهدفت كل من سبق اعتقاله من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954، وظل حبيس زنزانة انفرادية قرابة شهر، ثم أفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان. أزعج النشاط الدعوي للشيخ أحمد ياسين السلطات الإسرائيلية فأمرت عام 1982 باعتقاله، ووجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة، وأصدرت عليه حكما بالسجن 13 عاما، لكنها عادت وأطلقت سراحه عام 1985 في إطار عملية لتبادل الأسرى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة. اتفق الشيخ أحمد ياسين عام 1987 مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي بغية تحرير فلسطين، أطلقوا عليه اسم "حركة المقاومة الإسلامية" المعروفة اختصارا باسم "حماس"، وكان له دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك واشتهرت بـ"انتفاضة المساجد". ومع تصاعد أعمال الانتفاضة بدأت السلطات الإسرائيلية التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين، فقامت في أغسطس/آب 1988 بمداهمة منزله وتفتيشه، وهددته بالنفي إلى لبنان. ولما ازدادت عمليات قتل الجنود الإسرائيليين واغتيال العملاء الفلسطينيين قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم 18 مايو/أيار 1989 باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس. وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 1991 أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكما بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاما أخرى، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني. حاولت مجموعة فدائية تابعة لكتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحماس- تخليص الشيخ ياسين وبعض المعتقلين المسنين الآخرين، فقامت بخطف جندي إسرائيلي قرب القدس يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 1992 وعرضت على إسرائيل مبادلته بأولئك المعتقلين، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت العرض وقامت بشن هجوم على مكان احتجاز الجندي مما أدى إلى مصرعه ومصرع قائد الوحدة الإسرائيلية المهاجمة ومقتل قائد مجموعة الفدائيين. أفرج عن الشيخ في 1 أكتوبر/تشرين الأول 1997، في أعقاب محاولة فاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمّان، وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما لإسرائيل مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين. وقد فرضت السلطة الفلسطينية أكثر من مرة على الشيخ أحمد ياسين الإقامة الجبرية مع إقرارها بأهميته للمقاومة الفلسطينية وللحياة السياسية الفلسطينية. تعرض في 6 سبتمبر/أيلول 2003 لمحاولة اغتيال إسرائيلية، حين استهدفت مروحيات إسرائيلية شقة في غزة كان يوجد فيها مع إسماعيل هنية، لكنه أصيب فقط بجروح طفيفة في ذراعه اليمنى. واستشهد الشيخ أحمد ياسين فجر 22 مارس/آذار 2004 إثر إطلاق مروحية أباتشي إسرائيلية ثلاثة صواريخ عليه وهو خارج على كرسيه المتحرك من مسجد المجمّع الإسلامي في حي الصّبرة بقطاع غزة. واستشهد في العملية -التي أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون- سبعة من مرافقي الشيخ، وجُرح اثنان من أبنائه.

مصادر

عدل