24 عامًا على إبعاد قادة حماس والجهاد لـ "مرج الزهور"

الاثنين 19 ديسمبر 2016


أخبار ذات علاقة

رغم مرور 24 عامًا على الإبعاد الجماعي الذي نفذته قوات الاحتلال لـ 415 من أنصار وقيادات حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي إلى منطقة "مرج الزهور" جنوب لبنان، لا تزال فصول هذه الحادثة ماثلة كمحطة مضيئة في تاريخ الحركة الإسلامية التي تحدت الاحتلال ونجحت بفضل صبرها وتحدياتها على انتزاع قرار عودتها لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الحركة.

جريمة الإبعاد جاءت كإجراء هستيري؛ من قوات الاحتلال بعدما أوصل عنادها كتائب القسام إلى قتل الجندي الصهيوني نسيم طوليدانو بعد أسره في 13 ديسمبر 1992، عندما رفضت حكومة الاحتلال الاستجابة لمطلب الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين (مؤسس حماس والذي استشهد لاحقا في جريمة اغتيال في 22 آذار/ مارس 2004) وعدد من قادة الحركة.

وإثر ذلك، شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات هي الأوسع في صفوف حماس وقادتها طالت 1300 شخص، أبعدت منهم 415 وأرسلتهم بشاحنات إلى مرج الزهور جنوب لبنان.

إصرار على العودة

رفض المبعدون مغادرة المكان الذي نزلوا فيه وأنشأوا مخيمًا لهم في تلك المنطقة وأطلقوا عليه اسم "مخيم مرج الزهور"، وذلك على الرغم من الأجواء الثلجية الباردة، أسسوا فيه جامعة "ابن تيمية" وبقوا فيه قبل أن تبدأ رحلة العودة بعد نحو عام.

ونجح المبعدون في استقطاب اهتمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وإحراج حكومة رئيس الوزراء الصهيوني في حينه إسحاق رابين، وحشد التأييد لهم لدى الرأي العام من خلال تحويل المنطقة التي أبعدوا إليها إلى ميدان للتعليم والخدمات الصحية.

واستغلّ المبعدون الخبرات الواسعة المتوفرة في صفوفهم لإنشاء جامعة تتولى استكمال المراحل الدراسية للطلبة المبعدين، وإنشاء وحدات طبية لمساعدة أهالي القرى المجاورة.

شكل المبعدون قيادة لهم لتدير شؤونهم على أساس أنهم سيعودون مهما طال بهم الزمن في هذا المخيم، واختير عبد العزيز الرنتيسي القيادي في حركة "حماس" (استشهد في 17 نيسان/ أبريل 2004) ناطقًا رسميًا باسمهم، ونظموا حياتهم بشكل كبير.

تحول مخيم "مرج الزهور" إلى قبلة لكل وسائل الإعلام والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية وكان هذا المخيم بوابة لتوطيد العلاقات الفلسطينية- اللبنانية، حيث قدمت لهم المساعدات؛ الحكومية أو غير الحكومية، وزار عدد من الشخصيات المخيم.

أول مؤتمر علني لحماس

استفادت حركة "حماس" استفادة كبيرة من هذه الحالة، لا سيما في ترتيب الوضع التنظيمي لهم باجتماع قيادات غزة والضفة، وكذلك الزيارات التي كانت لهم من قيادات في الخارج والانفتاح الذي جرى بينهم.

وأصبح هذا الموضوع يؤرق الكيان العبري الذي شعر أنه أصبح في ورطة كبيرة مع بقاء المبعدين في "مرج الزهور"، لا سيما بعد إثارة الرأي العام العالمي ضدهم وصمود المبعدين في المخيم.

نظم المعبدون عدة مسيرات باتجاه فلسطين المحتلة؛ أبرزها مسيرة الأكفان حيث لبسوا الثياب البيضاء وساروا تجاه الحدود مع فلسطين المحتلة عام 1948، حيث قابلتهم قوات الاحتلال بإطلاق قنابل الغاز عليهم، وذلك في ظل وجود وسائل الإعلام مما شكل حالة ضغط إضافية على الدولة العبرية لإعادتهم.

هذه الحالة دفعت الوفد الفلسطيني والعربي الذي انبثق عن مؤتمر مدريد للسلام للانسحاب من المفاوضات ومقاطعة الأطراف العربية تلك المفاوضات.

رضوخ الاحتلال

وأمام هذا المأزق للاحتلال وبعد إقناع "إسرائيل" بوجوب إعادة المبعدين على مراحل دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى استئناف المفاوضات في واشنطن، لكن الفلسطينيين اشترطوا ذلك بتخلي "إسرائيل" رسميًا عن تدابير الإبعاد، مما دعا رئيس وزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين إلى الإيعاز بعودة المبعدين على مراحل.

لم يعد المبعدون إلى منازلهم، بل اعتقل العشرات منهم ليمضوا بقية الحكم الذي كان قد صدر بحقه سابقًا أو حكمًا جديدًا، في حين أن عددًا قليلا من المبعدين قرر عدم العودة خشية اعتقاله لسنوات طويلة في سجون الاحتلال.

واغتالت طائرات الاحتلال عددا كبير من قادة حركتي "حماس" و"الجهاد" في الضفة وغزة، وعلى رأسهم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وجمال منصور، وجمال سليم، ومحمود أبو الهنود، وغيرهم من مبعدي مرج الزهور، فيما لا يزال الآخرون يشكلون تحديا للعدو الصهيوني.

ورأى المراقبون أن مرحلة "مرج الزهور" شكلت محطة هامة في تاريخ الحركة الإسلامية واستفادت منها بشكل كبير، سواء على المستوى العام أو الخاص، فأغلقت باب الإبعاد وإلى الأبد ورتبت أمورها التنظيمية بشكل أكبر، وأعطت صورة جديدة عن القضية الفلسطينية، وأعطت الانتفاضة زخما أكبر.

مصادر

عدل